بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله
يقول أ . د جعفر شيخ إدريس:
إذا كنت تظن أن الوهابية التي يتحدث عنها السياسيون والكتاب الغربيون محصورة فيما دعا إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتبه وأحاديثه ودروسه، أو أن الوهابيين هم فقط أولئك الذين وافقوا الشيخ فيما دعا إليه، فأنت مخطئ. الوهابية عند هؤلاء هي وصف لكل أخذ لدين الإسلام مأخذ الجد؛ حتى لو كان الآخذ إنساناً لم يقرأ للشيخ حرفاً واحداً ولم يتسَمَّ باسمه ولا كان موافقاً له في بعض ما قال؛ بل إنها وصف لكل من يأخذ بجد بعض ما أجمع عليه المسلمون حتى لو كان ممارساً لبعض البدع، أو مؤمناً ببعض الخرافات. الوهابية عند هؤلاء مرادفة للأصولية التي هي الإيمان بأن القرآن كله كلام الله تعالى، وأن الالتزام به واجب على كل مسلم. الوهابي هو المسلم الذي يواظب على الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويؤدي الزكاة ويحج إن استطاع إلى بيت الله الحرام. إنه المسلم الذي لا يشرب خمراً ولا يتناول رباً ولا يرى اختلاط الرجال بالنساء، ولا يؤمن بقيم الحضارة الغربية المخالفة للإسلام. المسلم الوهابي هو الذي يرى أن دينه هو الحق وأنه يحثه على دعوة الناس إلى الإسلام. الوهابي باختصار هو كل مسلم يحاول الالتزام بتعاليم دينه حتى لو كان يعيش في البلاد الغربية.
ويبدو أن الذي اقترح على السياسيين هذه التسمية لكل مسلم ملتزم بدينه بعض المختصين في الدراسات الإسلامية. وربما كان اقتراحهم لها لأسباب سياسية. ربما يكون قد قال لهم إنكم ستستفزون مشاعر المسلمين إذا صرحتم لهم بأنكم لا تريدونهم أن يلتزموا بكتاب ربهم ولا بسنة نبيهم، ولا أن يأخذوا شيئاً من دينهم بقوة؛ فامكروا عليهم بالحديث عن الوهابية بدلاً من الحديث عن الإسلام أو الكتاب والسنة؛ لأن في العالم الإسلامي أناساً كثراً لهم مشكلة مع الوهابية، ولأنهم قد أثاروا حولها تهماً، وألصقوا بها تعاليم نحن نعلم أنه لا علاقة لكثير منها بها. ومع أننا لا نتفق مع هؤلاء في كل الأسباب التي دعتهم إلى معاداة الوهابية؛ فإن موقفهم المعادي لها مما يمكن أن يساعد على تحقيق مآربنا وخدمة مصالحنا.
مَنِ المسلمُ غير الوهابي إذن؟ هو المسلم الذي يفهم القرآن فهمهم لكتبهم، ويطبق دينه تطبيقهم لدينهم، ولا يعترض على شيء من ثقافتهم، ولا يدعو إلى مناهضة شيء من سياستهم حتى لو كان يراها ظالمة وضارة ببلده، ولا ينبس ببنت شفة عن كلمة اسمها الجهاد. إن كل من يفعل هذا عدو لهم؛ لأنه يعرقل ما يعدونه مصلحة وطنية لهم.
المقالة موجودة على العنوان التالي:
http://www.jaafaridris.com/Arabic/aarticle...hom_wahabia.htm