حكم العمليا الإستشهادية
موقف محدّث الديار الشاميّة العلامّة الألباني ،
الذي تعرّض رحمه الله إلى تطاول السفهاء و المتعالمين فنسبوا إليه زوراً و بهتاناً أنّه حكم على من يُقتل في عمليّة تفجير استشهاديّة يقوم بها في صفوف العدو بالانتحار .
و الشيخ بريء من ذلك براءةَ الذئب من دم يوسف .
و من فتاواه النيّرة في هذا الباب ما هو مثبت بصوته
[ في الشريط الرابع و الثلاثين بعد المائة من سلسلة الهدى والنور ]
حيث سُئل رحمه الله سؤالاً قال صاحبه : هناك قوات تسمى بالكوماندوز ، يكون فيها قوات للعدو تضايق المسلمين ، فيضعون – أي المسلمون - فرقة انتحارية تضع القنابل و يدخلون على دبابات العدو، و يكون هناك قتل... فهل يعد هذا انتحاراً ؟
فأجاب بقوله : ( لا يعد هذا انتحاراً ؛ لأنّ الانتحار هو: أن يقتل المسلم نفسه خلاصاً من هذه الحياة التعيسة ... أما هذه الصورة التي أنت تسأل عنها ... فهذا جهاد في سبيل اللّه... إلا أن هناك ملاحظة يجب الانتباه لها ، وهي أن هذا العمل لا ينبغي أن يكون فردياً شخصياً ، إنما يكون بأمر قائد الجيش ... فإذا كان قائد الجيش يستغني عن هذا الفدائي ، ويرى أن في خسارته ربح كبير من جهة أخرى ، وهو إفناء عدد كبير من المشركين و الكفار، فالرأي رأيه و تجب طاعته ، حتى و لو لم يَرضَ هذا الإنسان فعليه الطاعة ... ) .
إلى أن قال رحمه الله : الانتحار من أكبر المحرمات في الإسلام ؛ لأنّه لا يفعله إلا غضبان على ربه ولم يرض بقضاء اللّه ... أما هذا فليس انتحاراً ، كما كان يفعله الصحابة يهجم الرجل على جماعة من الكفار بسيفه ، و يُعمِل فيهم السيف حتى يأتيه الموت و هو صابر ، لأنه يعلم أن مآله إلى الجنة ... فشتان بين من يقتل نفسه بهذه الطريقة الجهادية و بين من يتخلص من حياته بالانتحار ، أو يركب رأسه ويجتهد بنفسه ، فهذا يدخل في باب إلقاء النفس في التهلكة ) .
و هذا تفصيل و تفريق دقيق بين العمليّات الانتحاريّة ، و تلك الجهاديّة الاستشهادية من وُفّق لفهمه ، صان لسانه من الافتئات على علماء الأمّة ، و من أشكل عليه ، أو توهّم الإشكال فيه وَقَع في أعراضهم ، و ربّما ظنّ أو حسِبَ نَفسه مدافعاً منافحاً عنهم ، و كان من الذين يحسبون أنّهم يُحسنون صُنعاً