آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ...
إلغاء مقاطعة آرلا
بقلم : د . محمد طرهوني
*****
الحمد لله معز المؤمنين ومذل الكافرين والصلاة والسلام على إمام المجاهدين الذي قال بعثت بالسيف بين يدي الساعة وقال جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري
أما بعد
فما قل ودل خير مما كثر وألهى وقد ابتليت الأمة بكثرة الكلام وقلة العمل ولا حول ولا قوة إلا بالله
اختلفت مفاهيم الكثيرين حول الدعوى المعلنة من قبل بعض المشايخ لإيقاف مقاطعة شركة آرلا الدانمركية تثمينا لموقفها من استنكار الرسومات واعتذارها للمسلمين عبر الصحف وغيرها ولكي نوضح وجهة نظرنا في هذه القضية التي تمس شرائح المسلمين كافة نحب أن نلفت الانتباه إلى أن العلماء والدعاة وطلبة العلم ليسوا على اتفاق في مناهجهم وبناء عليه فهذه الدعوى إنما تمثل توجها وحيدا لمنهج معروف في الساحة ويكفي لتوضيح ذلك أن نأخذ مثالا لرأس وقمة المؤتمر الذي أوصى بذلك وهو الشيخ القرضاوي ونرى وجهة نظر حوله لمنهج آخر يمثله علماء أجلاء
فيقول الشيخ العلامة الألباني رحمه الله : اصرف نظرك عن القرضاوي واقرضه قرضًا.
ويقول : يوسف القرضاوي دراسته أزهرية وليست دراسته منهجية على الكتاب والسنة وهو يفتي الناس بفتاوى تخالف الشريعة ، وله فلسفة خطيرة جدًا ، إذا جاء الشيء محرمًا في الشرع يتخلص من التحريم بقوله: ليس هناك نص قاطع بالتحريم
إلخ كلامه رحمه الله
وعلامة اليمن ومفتيها ومحدثها الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى ألف كتابه إسكات الكلب العاوي المسمى يوسف القرضاوي ويكفي البيان من العنوان وإن كنا لا نوافق شيخنا في ذلك مع علمنا أن الشيخ انتزع الاسم من قوله تعالى : واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ... إلى قوله : فمثله كمثل الكلب ... الآية
وكتاب الشيخ القرضاوي المسمى الحلال والحرام يطلق عليه بعض العلماء الأفاضل : الحلال والحلال لما فيه من إباحة لمحرمات لا ينتطح فيها عنزان
وأما فتاواه المستهجنة وأقواله المستقبحة ومواقفه المشينة فكثيرة وقد رد عليه كثيرون من أهل العلم في رسائل ومؤلفات ولا ننسى دفاعه عن أصنام بوذا وفتواه للمسلمين الأمريكان بالعمل مع الجيش الأمريكي المحارب في العراق وكلامه في الهالك بابا الفاتيكان وغير ذلك كثير .
إذن المؤتمر يمثل توجها أحاديا في عالم المسلمين وقد غاب عنه بقية التوجهات .
وأختصر كلامي عن هذه التوصية في نقاط سريعة بعد تلكم المقدمة المهمة :
أولا : الدانمرك دولة كافرة محاربة قد أجلبت بخيلها ورجلها للمشاركة في احتلال بلاد الإسلام فقتلت وشردت وانتهكت وغصبت فوجبت محاربتها بكل طرق الحرب الممكنة التي لا تستثني أحدا طالما كان في معسكرها وضمن منظومتها ومن ذلك المقاطعة الاقتصادية الشاملة .
ثانيا : الحكم الشرعي في قضية الرسوم محسوم منذ زمن بإجماع الأمة وهو وجوب قتل هؤلاء الرسامين ومطالبة دولتهم بتسليمهم لمحاكمتهم فوضعهم أخطر من أي مجرم تطالب به الدول لإقامة أحكامها عليه إذا أجرم جرما عظيما في حقها وما قضايا الإرهاب المزعومة منا ببعيد .
ثالثا : هذه الشركة المعتذرة هي من كبرى الشركات المؤثرة في اقتصاد هذه البلد فمقاطعتها ليست لها في حد ذاتها وإنما للضغط على الحكومة والشعب المنتفعين باقتصاد هذه الشركة إنتاجا وتوظيفا وما إلى ذلك فرفع المقاطعة عنها يضعف هذا الضغط فيزول التأثير المطلوب .
رابعا : لنا أن نتساءل تساؤلات أظنها لا تخفى على عاقل : هل صدر هذا الاعتذار من الشركة بمجرد نشر هذه الرسومات وظهور الغضب منها وقبل المقاطعة أم أنه بعد أن ذاقت مرارة الخسارة وضياع الأموال ؟؟ هل هذا الاعتذار حقيقي أم مناورة ؟ وهل الاعتذار مبني على احترام لذات رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لمشاعر المسلمين أم عبادة للدينار والدرهم اللذين طارا في خبر كان مع المقاطعة ؟؟؟ وهل إذا استمرت المقاطعة لها نتوقع أن تنقلب علينا الشركة فتلعن إسلامنا وتقدح في رسولنا صلى الله عليه وسلم أم هي ذات مبدأ تحترم فيه شريعتنا سواء دفعنا لها أم لم ندفع ؟؟؟
خامسا : إذا رفعنا المقاطعة عن هذه الشركة ووجدت الشركات التي تعبد المال مثلها أن ضحكة على ذقون المسلمين لا تكلف كثيرا تعيد لها برنامجها المالي الذي يخدمها ويخدم مصالح الكافرين المحاربين فهل نتجاوب معها أيضا ونثمن هذا الموقف الجبار الذي أعاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم منزلته وأعاد للمسلمين هيبتهم ؟؟
وكما يقول أحدهم : نخشى أن تصبح المقاطعة في نهاية المطاف فقط للجريدة التي لم نكن نسمع بها أصلا ولم ولن نشتريها يوما من الدهر !!!!
سادسا : يلزمنا - كما قرأت لأحد الإخوة - أن ننادي برفع الحظر التجاري مع الشركات اليهودية ونسمح لإخواننا اليهود - بتعبير القرضاوي - ممن يعارضون الأفعال الإجرامية لهؤلاء الملعونين للتبادل التجاري والثقافي وهلم جرا ؟؟؟
سابعا : ليت شعري لو أننا كنا أولي قوة وأولي بأس شديد والأمر إلينا وانتصرنا لديننا ولنبينا صلى الله عليه وسلم كما يجب شرعا بتجهيز الجيوش لتأديب هؤلاء الرعاع هل وقتها نستطيع التفرقة في إلقاء القنابل والقصف الجوي والبري والبحري بين آرلا المعتذرة وMAERSK غير المعتذرة ؟
وياترى كيف سنفرق بين الدانمركي الكاره والدانمركي الموافق ؟؟
وهل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في حروبه يفرق في هدم الدور وحرق الأشجار بين دور العجوز وشجرة اليتيم وبين دور وشجر الكافر المناوئ ؟؟ أو كان عندما يبيت الكافرين فيسأل عن الذرية يقول : هم منهم ؟؟
تكفي هذه النقاط السريعة ، والذي يظهر لي أن الكلمة التي ينبغي أن تقال لشركة آرلا :
آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ..
ولا عزاء لأصحاب التمييع والمنهج الفضفاض وخاطبي ود الغرب والمستجدين لتكثير المسلمين بهذه الأساليب ليكثروا لنا الغثاء ... غثاء السيل ...
وكتبه
د. محمد بن رزق بن طرهوني
في 29 /2 /1427هـ