أثر العقيدة في صلاح الأمة...لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله واسكنه فسيح حناته
أثر صحة العقيدة في صلاح الأمة
سماحة الوالد: نحن نعلم أن صلاح الأمةبشكل عام مرتبط بصحة العقيدة إلا أن الأمر يحتاج من سماحتكم إلى نوع من التوضيح،كيف أن صحة المعتقد وصفاءه من شأنه أن يؤدي إلى الصلاح في شأن الأمة الصلاح الشامل لأمور الدنيا والآخرة؟
متى صلحت العقيدة استقام أمر الخلق جميعاً كل إنسان إذاصلحت عقيدته واستقام على أمر الله تمت له أسباب السعادة، والعقيدة معناها أن يؤمن بأن الله سبحانه هو المستحق للعبادة، وأنه لا إله إلا الله. لا معبود بحقٍ سواه جلوعلا وأن يؤمن بأنه رب الجميع وخالق الجميع، وأنه رازقهم وأنه العليم بكل شيءسبحانه وتعالى، وأنه فوق العرش ورب جميع الخلق. لا شبيه له ولا نظير له سبحانهوتعالى. كما قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[1]وقال سبحانه: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُتَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
[2]فهو سبحانه في العلو وهو العلي العظيم كما قال تعالى: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ[3]فهو فوق العرش. وفوق جميع الخلق، وعلمه في كل مكان سبحانه وتعالى: يَعْلَمُ السِّرَّوَأَخْفَى[4]يعلم أحوال العباد فلا بد من الإيمان بأن الله سبحانه فوق العرش. وفوق جميع الخلق وعلمه في كل مكان، ولا بد من الإيمان بأنه سبحانه هوالمستحق للعبادة قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَالْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ[5]فلا بد من الإيمان بأنه سبحانه هو المعبود بالحق كما دعت الرسل. الرسل جميعاً دعت إلى هذا. قال الله جل وعلا: وَلَقَدْبَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْالطَّاغُوتَ[6]وقال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[7]وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ[8]فالله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وأمرهم بهذا، وأرسل الرسل بهذا، فلا بد من الإيمان بأنه هو المعبود بالحق وهو الرازق لعباده. فلا يدعى إلا الله، ولا يستغاث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يصلى إلا له، ولا يذبح إلاله، ولا يصام إلا له، ولا يحج إلا له هذا هو المقصود بالعبادة، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّإِيَّاهُ[9]وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّالِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[10].
أما الأمورالعادية التي يستطيع فعلها المخلوق الحي فلا بأس بها. فالإنسان يستعين بأخيه في الأمر الذي يستطيعه إذا كان حياً حاضراً فلا بأس أن تقول: يا أخي أعني على كذا على إصلاح مزرعتي. على إصلاح بيتي، على إصلاح سيارتي وهو يسمع كلامك أو بمكاتبة تكتب لهأو من طريق الهاتف لا بأس بذلك، كما قال الله سبحانه في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ[11]، فالتعاون بين الناس الحاضرين القادرين أو بالمكاتبة لابأس به، أما أن يدعو الميت أو يدعو الغائب يعتقد أنه يعلم الغيب. أو أنه يسمع منه بدون أسباب حسية، أو يدعو الموتى وأصحاب القبور أو الأصنام أو يدعو الجن ويستغيث بهم هذا هو الشرك. فهذا هو الشرك بالله. وهذا يناقض قول لا إله إلا الله. فلا بد من الإيمان بأنه سبحانه هو المستحق أن يعبدوَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّتَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ[12]ولا بد من الإيمان بأنه سبحانه هو الخلاق العليم وخالق الخلق لا خالق سواه ولا رب سواه، قال جل وعلا: أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ[13]وقال جل وعلا: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ[14]وهو سبحانه الخلاق العليم. لا رب غيره ولا خالق سواه. وهو سبحانه المستحق لأن يعبد كما قال تعالى: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[15]، وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّالِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[16]ولا بد من الإيمان بالنوع الثالث من أنواع التوحيد وهوالإيمان بأسمائه وصفاته. الإيمان بأنه سبحانه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلا الثابتة في القرآن وفيما صحت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. يجب إثباته لله على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل كما قالالله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[17]، وقال سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * الله الصمد * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًاأَحَدٌ[18]وقال عز وجل: فَلاَ تَضْرِبُواْلِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَتَعْلَمُونَ[19]هذه عقيدة أهل السنة والجماعة وهذه هي أقسام التوحيدالثلاثة:
1-الإيمان بأنه سبحانه هو الخلاق العليم وخالق كل شيء وهذاتوحيد الربوبية.
2-الإيمان بأنه هو المستحق للعبادة وأن العبادة حقه دون غيره فلا يدعى إلا الله، ولا يستغاث إلا به، ولا يصلى إلا له.. إلى غير ذلك منأنواع العبادة وهذا هو توحيد العبادة.
3-الإيمان بأسمائه وصفاته وأنه سبحانه لا شبيه له، ولا كفء له ولا ند له، وأن الواجب إثبات أسمائه وصفاته الواردة في القرآن العظيم أو السنة الصحيحة. على الوجه اللائق بالله من غيرتحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل بل على حد قوله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَالسَّمِيعُ البَصِيرُ[20].
[2]سورةالأعراف، الآية 54.
[7]سورةالذاريات، الآية 56.
[9]سورةالإسراء، الآية 23.
[12]سورةالإسراء، الآية 23.
[13]سورةالأعراف، الآية 54.
[14]سورةالأعراف، الآية 54.
[15]سورةالبقرة، الآية 163.
[17]سورةالشورى، الآية 11.
[20]سورةالشورى، الآية 11.