السؤال:
هل يجوز وضع الحيوانات في قفص في حديقة الحيوانات ثم نقوم بشراء تذكرة لزيارتها ؟
الجواب:
الحمد لله
يجوز وضع الحيوانات في أقفاص ودعوة الناس للنظر إليها بدفع مبلغ من المال ، وقد أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم حبس طائر من قبَل أخٍ لأنس بن مالك رضي الله عنهما .
فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ الله عَنْه قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ : ( يَا أَبَا عُمَيْرٍ ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ؟ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ ) . رواه البخاري ( 5850 ) ومسلم ( 2150 ) .
والنغر هو : طائر صغير .
لكن هذا الجواز له شروط وضوابط ، منها :
1. توفير الطعام والشراب والرعاية الصحية لها .
أ. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دخلتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّة حبَسَتْها، لا هي أطعَمَتْها ولا هي ترَكَتْها تأكُلُ مِن خَشَاش الأرض حتى ماتَتْ ) . رواه البخاري ( 3140) ومسلم ( 2242 ) .
وخشاش الأرض : حشراتها وهوامها .
ب. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم : ( أنَّهُ نَهَى أنْ يُقْتَلَ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ صَبْراً ) . رواه مسلم ( 1959 ) .
ومعنى (صبراً) ، أي : تحبس حتى تموت .
2. البعد عن إيذائها وإرهاقها وتحميلها فوق طاقتها ، والبُعد التمثيل بها ، وعن وسم وجهها .
أ. فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : ( نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن الضَّرْبِ في الوَجْهِ ، وَعَن الوَسْمِ في الوَجْهِ ) . رواه مسلم ( 2116 ) .
ب. وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ ) . رواه مسلم ( 2117 ) .
قال النووي رحمه الله :
"وأما الضرب في الوجه : فمنهي عنه في كل الحيوان المحترم من الآدمي والحمير والخيل والإبل والبغال والغنم وغيرها , لكنه في الآدمي أشد , لأنه مجمع المحاسن , مع أنه لطيف لأنه يظهر فيه أثر الضرب , وربما شانه , وربما آذى بعض الحواس .
وأما الوسم في الوجه فمنهي عنه بالإجماع للحديث , ولما ذكرناه ، فأما الآدمي فوسمه حرام لكرامته , ولأنه لا حاجة إليه , فلا يجوز تعذيبه ، وأما غير الآدمي فقال جماعة من أصحابنا : يكره , وقال البغوي من أصحابنا : لا يجوز فأشار إلى تحريمه , وهو الأظهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله , واللعن يقتضي التحريم ، وأما وسم غير الوجه من غير الآدمي فجائز بلا خلاف عندنا" انتهى .
" شرح مسلم " ( 14 / 97 ) .
ج. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( لَعَنَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ مَثَّلَ بِالحَيَوَانِ ) . رواه البخاري ( 5196 ) .
3. عدم التفريق بين الأم وولدها إلا لضرورة .
فعَن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعود رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ ، فَرَأَيْنَا حُمَرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا ، فَجَاءَتْ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا) .
رواه أبو داود ( 2675 ) ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 25 ) .
معنى تفرش : ترفرف بأجنحتها .
4. عدم الإسراف في المال من أجل حفظها وتربيتها .
ومن العجيب : أن حديقة حيوان في دولة عظمى غنية أرجعت حيوناً لأصحابه لأن تربيته ورعايته مكلفة ! .
5. العناية بوضع الحواجز بين الحيوانات المؤذية والزوار .
فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) . رواه ابن ماجه ( 2314 ) وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .
وننصح القائمين على هذه الحيوانات أن لا يجعلوا الأمر مقصوراً على النظر دون الفائدة ، ونعني بذلك أننا ننصحهم بوضع معلومات عن كل حيوان تُقرأ من قبَل الزائرين ، حتى يتفكر الزوار بعظيم قدرة الله تعالى في خلقه ، وحتى يرجع الزوار بفوائد علمية مع التمتع بالنظر .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.info/ar/ref/169872