سمعنا وأطعنا
في الحقيقة لم تكن أريج تحتاج أن يساق لها فتاوى العلماء الثقاة من شتى الأقطار بوجوب تغطية الوجه .. ما دام أن الكتاب والسنة أوجبا ذلك .. ولكن لأن الله تعالى أمرنا بسؤال أهل الذكر .. فسألناهم وسقنا كلامهم ..
قالت أريج : أما قول من قال إن تغطية الوجه هو عادة من عادات العرب .. أو هو من عادات السعوديين .. فهذا أظننا – يا سارة – لا نحتاج الرد عليه .. بعدما أوردت كلام علماء مصر والشام واليمن وتركيا والهند وباكستان وموريتانيا .. وغيرهم ..
القرار الشجاع
انتهزت سارة فرصة تأثر أريج ومها .. وقالت :
الناس الأقوياء فقط هم الذين يستطيعون اتخاذ القرار الشجاع بتغيير طباعهم وتصرفاتهم إلى الأحسن والأصوب ..
كم من أخواتنا المؤمنات اقتنعت بوجوب تغطية الوجه .. أو على الأقل اقتنعت بأن الأفضل تغطيته .. وتتمنى أن تغطي وجهها .. وإذا رأت مسلمة قد غطت وجهها تمنت لو تحذو حذوها .. ومع ذلك تمر عليها الشهور .. وربما السنوات دون أن تتخذ القرار الشجاع بالطاعة والاتباع ..
يقول الله تعالى :" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا "..[الأحزاب: 36] .
لاحظي قوله :" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ " .. أي الخطاب عام للرجال والنساء .. نهاهم الله تعالى جميعاً أن يكون لهم اختيار آخر مع اختياره ..
فليست أوامر الله مبنية على الاختيار والتشهي .. وتغطية الوجه والتزام الحجاب ليس سنة من السنن كصلاة الضحى والصدقة إن شئت أن تفعليها أو تتركيها .. لا .. بل هي فريضة فرضها الله تعالى على المسلمات .. وسوف يسألك الله عنها ..
أريج .. مها .. والله إني لكما ناصحة ..
الحجاب فيه حِرَاسةٌ شرعية للأعراض وزجر للمتلاعبين .. وفيه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات "ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن" .. وهو يزيد المرأة حياء وخجلاً واحتشاماً .. والحجاب يقطع الخواطر الشيطانية ، ويكف الأعين الخائنة ..
أريج .. مها .. الكون كله يتحجب !!
الكرة الارضية عليها غلاف ..
والثمار الندية عليها حجاب ..
والسيف : يحفظ داخل غمده ..
والقلم بدون غطاء يجف حبره وتنعدم فائدته ويُلقى تحت الأقدام لأنه فقد الغطاء ..
ترى.. لماذا تغلف بناتنا كتبهن ودفاترهن ؟ إلا لحمايتها ..
والمرأة زهرة جميلة الكل يشتهي أن يقطفها .. فلا بد أن نحميها بحجاب ..
والتفاحة لو نزعت قشرتها وتركتها فسدت ..
والموز لو نزعت قشره انقلب أسود ..
وعين الإنسان لما كانت غالية جعل عليها حجاب ..
ألا .. فكوني بطلة وتحجبي فإن الكون كله يتحجب ..
كانت مها متأثرة كثيراً بما تسمع .. وتذكرت قصة الفتاة الأمريكية التي قرأت قصتها يوماً في أحد مواقع الإنترنت .. فقالت : سارة .. والله إن الحجاب عِزة وشرف .. وربما دخل بعض الكفار في الإسلام بسبب الحجاب !!
تعجبت سارة .. وقالت : يدخلون في الإسلام بسبب الحجاب !! كيف ؟
قالت مها : نعم .. قرأت في أحد مواقع الانترنت أن فتاة لتمسكها بحجابها أسلم على يدها 7 أشخاص ..!!
هي طالبة أمريكية متمسكة بحجابها معتزة بدينها أسلم بسببها 3 من الدكاترة في الجامعة وأربعة من الطلبة .. لما أسلم أحد الدكاترة بدأ يذكر قصته ويقول :
قبل أربع سنوات ثارت عندنا زوبعة كبيرة في الجامعة وذلك لما حيث التحقت بالجامعة طالبة مسلمة أمريكية وكانت متحجبة .. وكان أحد الأساتذة من معلميها متعصباً لدينه يبغض الإسلام ..
كان يكره كل من لا يهاجم الإسلام فكيف بمن يعتنق الإسلام ؟!!
كان يبحث عن أي فرصة لاستثارة هذه الطالبة الضعيفة .. لكنها كانت قوية بإيمانها فكان ينال من الإسلام أمام الطلاب والطالبات .. وكانت تقابل شدته بالهدوء والصبر والاحتساب ..
ازداد غيظه وحنقه .. فبحث عن طريقة أخرى ماكرة ..
بدأ يترصد لها بالدرجات في مادته .. ويلقي المهام الصعبة عليها في البحوث .. ويشدد عليها بالنتائج ..
تحملت كثيراً .. ثم قدمت شكوى لمدير الجامعة للنظر في وضعها ..
فأجابت الجامعة طلبها وقررت أن يُعقد لقاء بين الطرفين مع جمع من الأساتذة لسماع وجهة نظر الفتاة مع المعلم ..
حضر أكثر الدكاترة لهذه المناظرة التي تعتبر الأولى من نوعها بالجامعة ..
بدأت الطالبة تذكر أن الأستاذ يبغض الإسلام ولأجل هذا فهو يظلمها ولا يعطيها حقوقها .. ثم ذكرت بعض الأمثلة ..
كان بعض الطلبة قد حضروا وشهدوا معها ضد الدكتور مع أنهم غير مسلمين ! ..
لم يجد الدكتور جواباً ففقد أعصابه وبدأ يسب الإسلام ويتهجم عليه ..
فقامت الفتاة تدافع عن دينها وتظهر محاسن الإسلام .. وكان لها أسلوب عجيب جذبت به الحاضرين ..
حتى بدؤوا يسألونها عن أمور تفصيلية في الإسلام فتجيب بسرعة بلا تردد ! ..
لما رأى الدكتور أن الجلسة تحولت إلى محاضرة عن الإسلام !! خرج من القاعة غاضباً ..
استمرت الفتاة تتكلم .. ثم فتحت حقيبتها وأهدت إليهم ورقتين مكتوب عليهما ( ماذا يعني لي الإسلام ؟ ) ..
بدؤوا يقرؤون .. والفتاة تواصل حديثها بحماس ..
بينت لهم أهمية الحجاب .. ثم تفرقوا .. وصارت قصتها وحجابها حديث الجامعة أياماً ..
جعل الطلاب والدكاترة يتناقلون أوراقها عن الإسلام ..
ولم تمض أشهر حتى دخل ثلاثة دكاترة وأربعة طلاب في الإسلام ..
كانت سارة وأريج مستمتعتان بالقصة كثيراً .. وهي ممتعة فعلاً ..
وكانت الأسئلة عند أريج لم تنته بعد .. خاصة بعدما رأت سارة متجاوبة معها ..
-----------------------------------------------------------------------------
من يرى الملكة ؟!
قالت أريج : سارة .. إذن من الذين يجوز أن أكشف وجهي وأخرج زينتي عندهم ..
سارة : هم المحارم فقط .. وهم الذين لا يجوز أن تتزوجيهم .. وهم اثنا عشر صنفاً .. ذكرهم الله في سورة النور فقال تعالى :
" ولا يبدين زينتهن إلا :
1. لبعولتهن ( الزوج ) ..
2. أو آبائهن ( الأب ) ..
3. أو آباء بعولتهن ( أبو الزوج ) ..
4. أو أبنائهن ( الأبناء ، سواء من النسب أو من الرضاعة ) ..
5. أو أبناء بعولتهن ( أبناء الزوج من امرأة أخرى إن كان عنده أكثر من زوجة ) ..
6. أو إخوانهن ( إخوان المرأة ، سواء الأشقاء أو الإخوان من الأب أو الإخوان من الأم ) ..
7. أو بني إخوانهن ( أبناء إخوانها الذين تكون هي عمتهم أخت أبيهم ) ..
8. أو بني أخواتهن (أبناء أخواتها الذين تكون هي خالتهم أخت أمهم ) ..
9. أو نسائهن ( النساء عموماً ) ..
10. أو ما ملكت أيمانهن ( العبد المملوك الرقيق ) ..
11. أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال ( وهم فاقدو الإدراك الذين ليس عندهم شهوة للنساء ولا رغبة فيهن ) ..
12. أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء " ( الأطفال الصغار غير البالغين ) ..
كانت مها وأريج تنصتان إلى سارة بإعجاب .. وهن في غاية التسليم لأمر الله .. بل إن أريج جعلت تعدل من خمارها الذي تلفه على رأسها وتحاول أن تخرج منه جزءاً تغطي به وجهها .. وهكذا فعلت ..
وهي تقول : من اليوم وصاعداً .. يا وجه لن يراك إلا المحارم ..
آآآآه .. ما أجمل طاعة الله ..
غابت الشمس .. وأذن لصلاة المغرب .. وقد أمضت الفتيات ثلاث ساعات في حديثهن ..
وكان وقت المعرض يشارف على نهايته .. والفراق قد حان .. لكن فصلاً مهماً من هذا الكتاب كان لا بد من قراءته ..
قالت سارة : أريج .. مها .. هل أنتما مستعجلتان ؟! .. بقي معنا فصل في هذا الكتاب حول أدلة من يجيزون كشف الوجه والرد عليهم .. أتمنى أن أقرأه معكما .. حتى لو ناقشكما أحد حول تغطية الوجه تكونان على معرفة بالأدلة .. هاه ما رأيكما ؟
قالت أريج : رائع .. لكن يبدو أنه سيكون بعد صلاة المغرب ..
قامت الفتيات يصلين المغرب بكل سكينة ..
وبعد الصلاة اتصلت سارة بأبيها وطلبت منه أن يتأخر عليها قليلاً ..
ثم عادت إلى صاحباتها وجلست معهن ..
فتحت سارة ص46 وقرأت العنوان :
ثلاثة أدلة استدل بها القائلون بجواز كشف الوجه ، والرد عليها
دليلهم الأول :
استدلوا بحديث سفعاء الخدين .. وهو ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توجه في آخر خطبة العيد للنساء .. ثم أمر النساء بالصدقة ..
قال جابر : فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت : لم يارسول الله ؟ .. إلى آخر الحديث ..
والشاهد منه أنهم قالوا : سفعاء الخدين : أي في خديها تغير وسواد ..
قالوا : فمن أين عرف جابر – راوي الحديث – أنها سفعاء الخدين وعرف لون خديها .. إلا لأنها كانت كاشفة وجهها فرأى صفة خديها ..
والجواب عن استدلالهم به :
أولاً : قد روى القصة نفسها صحابة كثير غير جابر ، كلهم حضروا الصلاة ورأوا المرأة ، ولم يذكر أحد منهم صفة خديها ، فروى القصة أيضاً أبو هريرة وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم ، فلعل جابراً كان يعرف المرأة من قبل ورآها قبل الحجاب ، أو أن لفظة : سفعاء الخدين هي لقب للمرأة ، لذلك لم يعرف عنها هذا الوصف إلا جابر ..
ففي رواية ابن مسعود قال .. فقالت امرأة ليست من علية النساء : وبم يا رسول الله .. ( رواه حمد والحاكم ) ..
وفي رواية ابن عمر قال : .. فقامت امرأة منهن جزلة ( قال النووي في شرحه : جزلة بفتح الجيم : تامة الخلق ( أي قوية البدن ) وكلامها جزل أي شديد ) فقالت : ومالنا يا رسول الله ؟.. ( رواه مسلم ) .. فانظري كيف لما رأى تكامل جسدها من بعيد وصفه فقال : جزلة ، ولم يذكر صفة وجهها ..
وفي رواية ابن عباس قال : فقالت امرأة واحدة لم يجبه غيرها منهن : نعم يا نبي الله ، لا يدرى حينئذ من هي ، قال : فتصدقن .. ( متفق عليه ) ..
وفي رواية أبي هريرة قال : .. فقالت امرأة منهن : ولم ذلك يا رسول الله ؟ .. ( رواه مسلم ) ..
وفي رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : ..فقلن : وبمَ يا رسول الله ؟ .. ( متفق عليه ) ..
فهؤلاء خمسة من الصحابة كلهم حضروا الحادثة غير جابر رضي الله عنه ، ولم يذكر واحد منهم صفة وجهها ، فلعل جابراً كما تقدم كان يعرف وصفها من قبل ، أو أنه لمحها أول ما قامت وقد سقط خمارها عن وجهها .. أو غير ذلك ..
ثانياً : أن هذه المرأة إن كانت فعلاً كاشفة وجهها فقد تكون من القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً ، وذلك لأن الفتيات الشابات ليس عندهن من الجرأة أن تقوم في محفل كبير كهذا وتتكلم بصوت عال يسمعه الرجال .. فلعلها لكبر سنها رأت نفسها كالأم للجالسات فقامت تسأل ..
ثالثاً : أن قوله " من سطة النساء .. سفعاء الخدين " أي ليست من أعاليهن نسباً ، وفي خديها سواد ، وهذا الوصف في الغالب ينطبق على الإماء المملوكات ، وهن لا يجب عليهن تغطية وجوههن كوجوبه على الحرائر ..
رابعاً : أن هذا الحديث قد يكون قبل نزول فرض الحجاب ، فإن الحجاب فرض في السنة الخامسة أو السادسة للهجرة ، وصلاة العيد فرضت في السنة الثانية للهجرة ..
كانت سارة تقرأ بحماس ..
وكانت مها وأريج تستمعان بإعجاب ..
قال أريج : سبحان الله .. سارة .. لقد قرأت مقالاً في إحدى الجرائد يدعو إلى كشف المرأة لوجهها .. ويستميت في سبيل نزع خمارها .. وكأن هزائم الأمة كلها بسبب قطعة قماش جعلتها المرأة على وجهها ..
ما علينا .. المهم استدل بهذا الحديث على جواز كشف الوجه .. وبصراحة لما قرأت الحديث .. وأنه رواه مسلم .. وقع في قلبي شك .. ولم أنتبه إلى أن هذا الكاتب أغفل الروايات الأخرى واختار الرواية التي تؤيد مذهبه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
قالت سارة : عفا الله عنا وعنه .. أحسني الظن به ، لعله ما اطلع على هذه الروايات .. وليتك إن كنت تعرفين عنوانه أن تهديه نسخة من هذا الكتاب .. فلعل الله تعالى أن ينفعه به ..
ثم نظرت سارة إلى ساعتها وقالت : طيب .. نكمل ؟
قالت أريج : نعم أكملي .. ولا تنظري إلى ساعتك لا يزال الوقت مبكراً ..
فتحت سارة ص48 وقرأت :
الدليل الثاني
قصة المرأة الخثعمية ..
روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه عن أخيه الفضل بن العباس قال :
" أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته ، وكان الفضل رجلاً وضيئاً ، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم ، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطفق الفضل ينظر إليها ، وأعجبه حسنها ،
فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها ، فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها "..( أي أدار وجه الفضل عنها بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم ) .. متفق عليه
والجواب عن استدلالهم به :
أولاً : ليس في الرواية التصريح بأن المرأة كانت كاشفة الوجه ..
وكلمة وضيئة : أي بيضاء .. جميلة .. حسناء .. جسمها حسن ..
وحتى تحكم لامرأة بالبياض والوضاءة ليس شرطاً أن تنظر إلى وجهها ، بل يكفي أن يظهر لك شيء من يديها .. أو ترى أطراف قدميها .. فتعلم بياضها ونضارة جلدها ..
فلا يصح أن نجزم فوراً أن المرأة كانت كاشفة وجهها ، ولو كانت كذلك لقال الراوي : جاءت امرأة جميلة .. لكنه اكتفى بقوله وضيئة أي بيضاء ..
ثانياً : ذكر في الرواية أن الفضل لما رآها " أعجبه حسنها " ولم يقل : أعجبه جمالها .. لأن الجمال يتعلق بالوجه والوجه كان مستوراً .. فرأى الفضل جمال جسمها وتناسق قوامها فأعجبه حسنها .. وجعل يتأملها فصرف النبي صلى الله عليه وسلم بصره عنها ..
ثالثاً : نفرض أن المرأة كانت كاشفة وجهها - فعلاً - فلو كان كشف المرأة عن وجهها جائزاً دائماً في الحج وغيره – كما يفتي بعضهم – لما صرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل عن النظر إلى المرأة لأن الفضل لم يفعل حراماً ..
رابعاً : أنه جاء في رواية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ولوى عنق الفضل ، فقال له العباس : يا رسول الله ، لم لويت عنق ابن عمك ؟! فقال : رأيت شاباً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما .. رواه الترمذي .. فهو صلى الله عليه وسلم لوى عنق الفضل لا لأجل أن لا ينظر الفضل إليها ويرى حسن قوامها ويسمع جمال منطقها ، وإنما لأن الفضل أيضاً كان جميلاً فخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن تفتن به المرأة ,, فأراد أن لا تنظر هي إليه ولا ينظر هو إليها .. فيسد الباب على الاثنين ..
كان الكلام مقنعاً فعلاً .. فلم يصرح في الحديث أنها كانت كاشفة الوجه ..
كانت أريج تستمع بتركيز شديد .. وكأنها ستدخل امتحاناً ..
فلما أنهت سارة القراءة .. قالت أريج : انتهت الردود ..!!
قالت سارة : نعم .. أربعة ردود كافية ..
قالت أريج : أنا عندي رد خامس استخرجته من هذا الحديث على من يقولون بجواز كشف المرأة وجهها دائماً ..
التفتت مها متعجبة .. وقالت : مااااا شاء الله .. عندك رد خامس .. والله وطلعت الثقافة !! ما هو الرد يا فضيلة الشيخة ؟!!
غضبت أريج وقالت : أنا جادة .. والله عندي رد خامس ..
قالت سارة : ما هو ؟
أريج : إذا كان الفضل بن العباس رضي الله عنه هذا الصحابي الجليل وهو حاج أي بإحرامه من غير زينة .. والمرأة صحابية كريمة وهي حاجة أيضاً أي بإحرامها من غير زينة .. مع ما كان عليهما من العرق واتساخ الثياب .. وظهور الإرهاق على الوجوه بسبب التعب وكثرة المشي .. والحر الشديد وعدم وجود مكيفات ولا أي شيء من وسائل الراحة والتجمل .. ووجود رسول الله صلى الله عليه وسلم معهما .. ومع ذلك لم يستطع صرف بصره عن جمال هذه المرأة وهما حجاج في مكة .. !!! حتى صرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده .. !!
آآآآه .. يا للهول .. ما بالك بالله عليك بمن يقول يجوز للمرأة أن تكشف وجهها بين زملائها في الشركة .. وتكشفه في السوق بين البائعين .. وتكشفه في البيت أمام إخوان زوجها .. وبين أبناء عمها وخالها .. وتكشفه في الطائرة .. وتكشفه في المستشفى ..
بالله عليك .. كم من نظرة إعجاب ستقع على هذا الوجه .. وكم من رجل متزوج مستور سيقلب نظره في محاسن وجوه النساء .. فيقل إعجابه بزوجته ..
صرخت مها : راااائع .. ممتااااز ..
كان صوتها عالياً .. التفتت بعض النساء الذين في المطعم إليها .. شعرت مها بالإحراج .. فخفضت رأسها ..
ضربتها أريج برجلها وقالت : ابقي هادئة .. بلاش صراخ .. أدري أن كلامي جميل .. وأنك لا يمكن أن تصلي لمستواي .. لكن لا تتحمسي كثيراً ..
كتمت سارة ضحكة كادت تدوّي بها .. وقالت : الله يزيدك علم يا أريج .. هاه بقي دليل .. نقرؤه أم ماذا ؟
قالت مها : اقرئيه .. اقرئيه .. يمكن صاحبة الفضيلة تخترع لنا كم رد !!
سكتت أريج .. نظرت إليها سارة متبسمة وقالت : لا تغضبي يا أريج .. كل ذي نعمة محسود .. والذي ما يطول العنب يقول حامض ..
تبسمت أريج .. وقالت : أكملي القراءة لنستفيد ..
فتحت سارة ص49 وقرأت :
دليلهم الثالث
ما رواه أبو داود :
عن خالد بن دريك عن عائشة رضي الله عنه :
أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق ، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا أسماء ، إن المرأة إذ بلغت المحيض لم تصلح أن يري منها إلا هذا وهذا ، وأشار إلى وجهه وكفيه " ..
وهذا الحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به ..
أولاً : قال أبو داود بعد روايته للحديث : هذا مرسل خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنه ..
ثانياً : في سنده رجل اسمه : سعيد بن بشير أبو عبد الرحمن البصري وهو ضعيف لا يحتج برواياته للحديث .
ثالثاً : أن من بين رواته : قتادة ، والوليد بن مسلم ، وكلاهما يدلسان في الحديث ولا يثبت الحديث بروايتهما .
فهذه ثلاث علل تجعل الحديث ضعيفاً .. لا يصح الاحتجاج به ..
قرأت سارة هذه العلل .. ثم رفعت رأسها .. ونظرت إلى مها وتبسمت وقالت :
وعندي رد رابع على استدلالهم بهذا الحديث ..
تبسمت أريج .. وبقيت ساكتة ..
أما مها فقالت وهي تنظر بطرف عينها إلى أريج ..
أنت يا سارة لا أستغرب أن تستخرجي فوائد زائدة على ما يذكر صاحب الكتاب .. أما التي تجلس عن يساري فوالله ما أدري الكلام الجميل الذي قالته قبل قليل كيف خرج منها .. ياااا سبحان الله ..
قالت أريج : قولي : ما شاء الله .. لا تحسديني ..
قالت سارة : ما علينا .. أسمعا ردي الرابع ..
مما يدل أن هذا الحديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أنه لا يعقل أن يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجته عائشة وتدخل عليه أسماء أخت زوجته وهي لابسة ثياباً رقاقاً أي شفافة .. مع أنها أكبر من عائشة بعشر سنين .. ( كما في سير أعلام النبلاء 2/289 ، 3/380 ) ..
ومع أنهم في الجاهلية كانوا يتسترون ..
كما في قصة المرأة الجاهلية التي سقط نصيفها – خمارها - عن وجهها وهي تمشي ، فالتقطته بيدها ، وغطَّت وجهها بيدها الأخرى ، وفي ذلك قال الشاعر :
سَقَطَ النَّصِيفُ ولم ترد إسقاطه *** فتناولته واتَّقَـتْـنا باليد
إذا كان هذا هو تسترهم في الجاهلية .. فما بالك بهم في الإسلام ..
همست أريج قائلة : الله المستعان .. الله يصلح الأحوال ..
نظرت سارة إلى ساعتها وقالت : ولم يبق على حضور أبي إلا نصف ساعة ..
فقالت مها : سارة .. بقيت قصة نزع الحجاب .. لم تحكيها لنا ..
قالت سارة : لا أحفظها والله ..
قالت أريج : لا تتهربي .. قرأتيها قبل قليل في الفهرس .. أظن ص .. ص ..
قلبت سارة الفهرس وأسعفتها قالت : ص43 : قصة نزع الحجاب .. في ثلاث صفحات ..
سأقرؤها بسرعة حتى لا نتأخر ..
------------------------------------------------------------------------------------------
قصة نزع الحجاب
تقدم غير مرة أن نساء المؤمنين كن محجبات، غير سافرات الوجوه، ولا حاسرات الأبدان، ولا كاشفات عن زينة، منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى منتصف القرن 14هـ..
وأنه على مشارف انحلال الدولة الإسلامية في آخر النصف الأول من القرن 14هـ ، دبَّ الاستعمار الغربي لبلاد المسلمين ، وأخذوا يرمون بالشبه ، ويحولون المسلمين من عادات الإسلام إلى عادات أعدائه .
وكانت أول سهم رميت به الإسلام هو سفور المسلمات عن وجوههن ، وذلك على أرض الكنانة ، في مصر ..
حين بعث والي مصر محمد علي باشا البعوث لفرنسا للتعلم ، وكان فيهم واعظ البعوث : رفاعة رافع الطهطاوي ( ت سنة 1290هـ /1869م ) .
وبعد عودته لمصر، دعا لسفور المرأة عن وجهها ، ثم تتابع على هذا العمل عدد من المفسدين ، منهم :
النصراني مرقس فهمي (ت سنة 1374هـ / 1953م ) في كتابه: ( المرأة في الشرق ) الذي هدف فيه إلى نزع الحجاب وإباحة الاختلاط .
وأحمد لطفي السيد ، (ت سنة 1382هـ/ 1964م ) وهو أول من أدخل الفتيات المصريات في الجامعات مختلطات بالطلاب ، سافرات الوجوه ، لأول مرة في تاريخ مصر ، وناصره في هذا طه حسين ( ت سنة 1393هـ/1972م ) .
وقد تولى الدعوة معهما إلى السفور صراحة :
قاسم أمين ، (ت سنة 1362هـ / ) الذي ألّف كتابه : " تحرير المرأة "، ثم كتابه : " المرأة الجديدة " ، أي : تحويل المسلمة إلى أوربية .
ثم قرأ كتب قاسم أمين ودعا إليها : سعد زغلول ( ت سنة 1346هـ / ) ، وشقيقه أحمد فتحي زغلول ( ت سنة 1332هـ/ ) .
ثم ظهرت الحركة النسائية بالقاهرة لدعوة المرأة لنزع الحجاب عام 1919م برئاسة هدى شعراوي ( ت سنة 1367هـ / ) ، وكان أول اجتماع للنساء الداعيات إلى ذلك في .. في ..
من أين انطلقوا !!
سكتت سارة وقالت : أعوذ بالله .. سبحاااان الله ..
قالت أريج : هاه أين اجتمعوا ..؟
قالت سارة : في مكان إذا ذكرته لك عرفت أن الأمر بتخطيط من غير المسلمين وليس من مسلمين أصلاً ..
اسمعي :
وكان أول اجتماع للنساء الداعيات إلى ذلك في الكنيسة المرقُـصِـيَّة بمصر سنة 1920م !! وعملن خطة لذلك .. وانتظرن ساعة الصفر ..
قالت أريج : عجييييب !! يعني المسألة تخطيط لإفساد المجتمع عن طريق إفساد الأم والأخت والزوجة ..!! أكملي .. سارة .. بالله عليك ..
أكملت سارة القراءة :
كانت هدى شعراوي أول مصرية مسلمة تجرّأت على نزع الحجاب - ياااا ويلها من الله - في قصة تمتلئ النفوس منها حسرة وأسى ..
ذلك أن سعد زغلول لما عاد من بريطانيا مُصَنَّعاً بجميع مقومات الإفساد في الإسلام ، صُنِع لاستقباله خيمتان كبيرتان ، خيمة للرجال ، وخيمة للنساء ..
وأقبل نازلاً من الطائرة .. وبدل أن يتوجه إلى خيمة الرجال .. توجه إلى خيمة النساء وكانت ملئية بالنساء المتحجبات .. فلما وصل الخيمة استقبلته هدى شعراوي أمام الناس جميعاً .. وعليها حجابها .. فمد يده - ياااا للهول - فنزع الحجاب عن وجهها .. فصفقت هي .. وصفق جمع من النساء الحاضرات ونزعن الحجاب .. وكل ذلك بتخطيط مسبق ..
مر هذا اليوم من أيام مصر .. ثقيلاً على المؤمنين والمؤمنات .. لم يسكت العلماء بل أنكروا .. وألفوا الكتب في الرد عليه .. وحذروا الناس .. لكن الكسر الذي في خشب السفينة كان متشعباً ..
فرح أولئك بنجاح التجربة الأولى ..
فخططوا للمزيد ..
في يوم آخر
وفي يوم آخر ..
وقفت صفية بنت مصطفى فهمي زوجة سعد زغلول ، التي سماها بعد زواجه بها : صفية هانم سعد زغلول ، على طريقة الأوربيين في نسبة زوجاتهم إليهم ، وقفت في وسط مظاهرة نسائية في القاهرة أمام قصر النيل ، فخلعت الحجاب مع مجموعة من النساء ، وداسته تحت أقدامها ، وفعلت النساء مثلها ، والناس ينظرون ، ثم أشعلن النار بتلك الأحجبة الملقاة على الأرض .. ولذا سُمي هذا الميدان باسم : ميدان التحرير ..!!
ثم تتابع تكسير السفينة ..
ففي نحو سنة 1900م .. أُصْدِرَت مجلة باسم : " مجلة السفور " ، وهرول الكُتَّاب الماجنون بمقالاتهم التي تدعو صراحة إلى السفور والفساد وتسفيه المرأة التي تغطي وجهها ، وبدأت هذه المجلة تنشر صور النساء الفاضحة ، وتدمج بين المرأة والرجل في الحوار والمناقشة .. وتردد أن " المرأة شريكة الرجل " وتفسرها بنزع الحجاب والاختلاط بالرجال في كل مجال !!
وبدأ المفسدون يعملون جاهدين على تشجيع المرأة على لبس الأزياء الخليعة وزيارة برك السباحة النسائية والمختلطة ، والأندية الترفيهية ، والمقاهي ، وبدأت المجلة تنشر الحوادث المخلة بالعرض على أنها حريات !!
وبدأت تمجد الممثلات والمغنيات ورائدات الفن والفنون الجميلة ..
وبدأ نور الحجاب يخبو مع مر السنوات .. وصار من الطبيعي رؤية المرأة السافرة عن وجهها .. بناء على أن تغطية الوجه تشدد ..
مع أنه لم يعرف في مصر خلال تاريخها الإسلامي الممتد أكثر من ألف سنة أن مشت المسلمات كاشفات الوجوه في الشوارع !!
* * * * * * * * * * * *
بدأ صوت سارة يتقطع .. وكأنها تدافع عبراتها .. وتتخيل نساء المسلمين العفيفات حفيدات الصحابة وهن يمشين سافرات بتخطيط من ثلة اجتمعت في كنيسة ..
سكتت سارة وجعلت تردد : لا حول ولا قوة إلا بالله ..
قالت أريج : طيب أين العلماء ..!! أين المصلحون !! أين الدعاة والخطباء !! لماذا لم ينقذوا السفينة من الغرق !!
يا ليتهم تحركوا بالقوة التي تحرك بها أولئك .. أنا أعلم أن أولئك مدعومين مادياً ومعنوياً .. وعندهم أموال يطبعون بها ما شاءوا وينشرون ما شاءوا .. لكن كذلك كان ينبغي أن يوجد رجل رشيد يقود السفينة إلى بر الأمان ..
سكتت سارة .. وأكملت القراءة :
جعلت الوجوه المكشوفة تكثر في الشوارع .. والمفسدون يحاربون الحجاب بكل سبيل .. يساند هذا الهجوم المنظم أمران :
الأمر الأول : ضعف مقاومة المصلحين لهم بالقلم واللسان ، والسكوت عن فحشهم ، ونشر الفاحشة ، ومن تكلم من المصلحين أسكتوه .. ومن كتب مقالاً لم ينشر مقاله ، وإلصاق تُهم التطرف والرجعية بكل من يعارض كشف الوجه ..
وهكذا صارت البداية المشؤومة للسفور في هذه الأمة بنـزع الحجاب عن الوجه ، ثم أخذت تدب في العالم الإسلامي في ظرف سنوات قلائل ، كالنار الموقدة في الهشيم ، حتى صدرت القوانين الملزمة بالسفور ..
ففي تركيا أصدر الملحد أتاتورك قانوناً بنزع الحجاب سنة 1920م ..
وفي إيران أصدر رضا بهلوي قانوناً بنزع الحجاب سنة 1926م ..
وفي أفغانستان أصدر محمد أمان قراراً بإلغاء الحجاب ..
وفي ألبانيا أصدر أحمد زوغوا قانوناً بإلغاء الحجاب ..
وفي تونس أصدر أبو رقيبة قانوناً بمنع الحجاب وتجريم تعدد الزوجات ..
وفي العراق تولى المناداة بنزع الحجاب الزهاوي والرُّصافي ..
في كل بلد جُرح
وبدأت قصص التحلل ونزع الحجاب تنتشر في بلاد المسلمين ..
ففي الجزائر مثلاً .. لنزع الحجاب قصة تتقطع منها النفس حَسَرات ..
ذلك أنه تم إغراء أحد خطباء الجمع .. ودفع الهدايا إليه .. وتغيير قناعاته .. لينادي في خطبته بنزع الحجاب ، ففعل المبتلى ، وبعدها قامت فتاة جزائرية معها مكبر صوت ونادت بخلع الحجاب .. فخلعت حجابها ورمت به .. وتبعها فتيات منظمات لهذا الغرض .. نزعن الحجاب ورمين به .. فصفق المخططون والمسَخَّرون ..
ومثله حصل في جزيرة وهران، ومثله حصر في عاصمة الجزائر: الجزائر، والصحافة من وراء هذا إشاعة، وتأييداً ..
وإذا نظرت في كتابات هؤلاء الشهوانيين وبرامجهم .. وجدتيهم يدبجون المقالات في كل شيء يخص جمال المرأة .. وإظهار وجهها .. لكن لا يكتبون أبداً في : في أمومتها وفطرتها ، وحراسة فضيلتها ، وحماية عواطفها ، وعبث الشباب بالفتيات ، أو المطالبة بحقوق الأرامل والمطلقات والمعوقات ..
بل هي كتابات مستميتة لإقناع المرأة بإزالة قطعة القماش عن وجهها !!
وانتشرت النار
وهكذا لما بدأ كشف الوجه ينتشر .. بشعارات عديدة : تحرير المرأة .. الحرية .. المساواة ..
بدأت مبادئ المسلمة تتحطم ..
فباسم الحرية والمساواة : أخرجت المسلمة من بيتها لتزاحم الرجال سافرة ضاحكة ..
واشتغلت المرأة عاملة في المطار .. وساقية في البار .. ونادلة في مطعم .. ومضيفة في طائرة .. وإن حاول زوجها أو أبوها منعها قالوا : مقتضى الحرية أن لا يكون له سلطة عليك .. فصاروا يتجارون بعرضها دون رقيب عليها .. ورفعوا حواجز منع الاختلاط والخلوة ..
وليت الأمر توقف على كشف وجه المرأة .. لا ..
بل تصاعدت القضية من قضية إفساد المرأة إلى قضية إفساد العالم الإسلامي ، حتى آلت الحال -واحسرتاه- إلى واقع شُرعت فيه أبواب بيوت الدعارة ودور البِغاء بأذون رسمية ، في بلاد المسلمين !! وعمرت خشبات المسارح بالفن الهابط من الغِناء والرقص والتمثيل .. وسُنّت القوانين بإسقاط حد الزنا .. ما دام أن الطرفين راضيان !!
وعلموا أن المرأة إذا فسدت أماً وأختاً وزوجة وبنتاً .. فسد المجتمع .. فهي الملكة إن سقطت سقط الناس وراءها ..
ذكر أصحاب السير :
أن اليهود كانوا يساكنون المسلمين في المدينة ..
وكان يغيظهم نزولُ الأمر بالحجاب .. وتسترُ المسلمات .. ويحاولون أن يزرعوا الفساد والتكشف في صفوف المسلمات .. فما استطاعوا ..
وفي أحد الأيام جاءت امرأة مسلمة إلى سوق يهود بني قينقاع ..
وكانت عفيفة متسترة .. فجلست إلى صائغ هناك منهم ..
فاغتاظ اليهود من تسترها وعفتها .. وودوا لو يتلذذون بالنظر إلى وجهها .. أو لمسِها والعبثِ بها .. كما كانوا يفعلون ذلك قبل إكرامها بالإسلام .. فجعلوا يريدونها على كشف وجهها .. ويغرونها لتنزع حجابها .. فأبت .. وتمنعت .. فغافلها الصائغ وهي جالسة .. وأخذ طرف ثوبها من الأسفل .. وربطه إلى طرف خمارها المتدلي على ظهرها ..
فلما قامت .. ارتفع ثوبها من ورائها .. وانكشفت سوأتها .. فضحك اليهود منها..
فصاحت المسلمة العفيفة .. وودت لو قتلوها ولم يكشفوا عورتها ..
فلما رأى ذلك رجل من المسلمين .. سلَّ سيفه .. ووثب على الصائغ فقتله ..فشد اليهود على المسلم فقتلوه ..
فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .. وأن اليهود قد نقضوا العـهد وتعرضوا للمسلمات .. حاصرهم .. حتى استسلموا ونزلوا على حكمه ..
فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكل بهم .. ويثأر لعرض المسلمة العفيفة ..
قام إليه جندي من جند الشيطان ..
الذين لا يهمهم عرض المسلمات .. ولا صيانة المكرمات ..
وإنما هم أحدهم متعة بطنه وفرجه ..
قام رأس المنافقين .. عبد الله بن أبي ابن سلول ..
فقال : يا محمد أحسن في موالي اليهود وكانوا أنصاره في الجاهلية ..
فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم .. وأبى ..
إذ كيف يطلب العفو عن أقوام يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ..فقام المنافق مرة أخرى .. وقال : يا محمد أحسن إليهم .. فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم .. صيانة لعرض المسلمات .. وغيرة على العفيفات ..
فغضب ذلك المنافق .. وأدخل يده في جيب درع النبي صلى الله عليه وسلم .. وجرَّه وهو يردد : أحسن إلى مواليّ .. أحسن إلى مواليّ ..
فغضب النبي صلى الله عليه وسلم والتفت إليه وصاح به وقال : أرسلني ..
فأبى المنافق .. وأخذ يناشد النبي صلى الله عليه وسلم العدول عن قتلهم ..
فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : هم لك ..
ثم عدل عن قتلهم .. لكنه صلى الله عليه وسلم أخرجهم من المدينة .. وطرَّدهم من ديارهم
--------------------------------------------------------------------------
واتسع الخرق على الراقع
توقفت سارة قليلاً .. وجعلت تنظر إلى ساعتها ..
ثم نظرت في الكتاب وقالت : هنا في ص56 كلام جميل مختصر حول أساليب أصحاب الشهوات لإفساد العالم الإسلامي من خلال استغلال المرأة .. ما رأيكما أن أقرأه على عجل ..
أريج : رائع .. ما دام المسألة فيها عشاء على حسابك .. تدرين نحن في مطعم .. وأنت كريمة ونحن نستاهل !!
تبسمت سارة وقالت : عشاء إيش ؟!! والدي يبدو أنه قريب الوصول ..
قالت مها : أنت يا أريج منذ أن جلسنا وضرسك لم يقف من تتابع الطعام عليه .. كعك .. بسكويت .. فطائر .. وأنا أيضاً ما قصرت .. والمسكينة سارة تقرأ ونحن نأكل ..
تبسمت سارة وقالت : هنيئاً مريئاً .. الله يجعل فيه العافية ..
لكن لا بد أن نفهم طرق هؤلاء .. لأننا قد نستعمل لتحقيق مآربهم ونحن لا نعلم ..
ثم بدأت القراءة :
أساليب !!
بدؤوا يدعون إلى خلع غطاء الوجه .. والتخلص من الجلباب أو العباءة .. والاكتفاء بلبس الثياب الفضفاضة – مبدئياً – بدلاً من العباءة ..
ويسلكون لإقناع النساء بذلك أساليب عديدة .. الدعايات .. إبراز المتبرجات على أنهن قدوات .. بيع العباءات المزينة والضيقة والشفافة ..
الدعوة إلى مشاركة المرأة للرجل في كل شيء .. في الاجتماعات ، واللجان ، والمؤتمرات ، والندوات ، والاحتفالات ، والنوادي ..
الدعوة إلى سفر المرأة بلا محرم ، ومنه سفرها غرباً وشرقاً للتعلم ودراسة اللغة .. وسفرها لمؤتمرات : سيدات الأعمال ..!!
الدعوة إلى قيامها بدورها في الفن ، والغناء ، والتمثيل .. والمطالبة بإنشاء فريق كرة قدم نسائي .. والمطالبة برياضة النساء على الدراجات العادية والنارية .
تصوير المرأة في الصحف والمجلات .. وخروجها في التلفاز مذيعة ومقدمة برامج .. وهكذا .. وعرض برامج مباشرة تعتمد على المكالمات الخاضعة بالقول بين النساء والرجال في الإذاعة والتلفاز ..
والدعوة إلى الصداقة بين الجنسين عبر برامج في أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة ، وتبادل الهدايا بالأغاني وغيرها ..
نقطة الانطلاق !!
طبعاً نقطة البداية في هذا كله : خلع الحجاب عن الوجه ، ثم باشروا التنفيذ لخلعه ، ودوسه تحت الأقدام وإحراقه ، وعلى إثر هذه الفعلات ، صدرت القوانين آنذاك في بعض الجمهوريات مثل : تركيا ، وتونس ، وإيران ، وأفغانستان ، وألبانيا ، والصومال ، والجزائر ، بمنع حجاب الوجه ، وتجريم المتحجبة ، وفي بعضها معاقبة المتحجبة بالسجن والغرامة المالية!!!
قال أريج : صدقت والله .. والعجيب أن في بعض بلاد المسلمين مع الأسف تمارس التضييق على الحجاب .. ومحاربة تغطية الوجه .. بينما تجدين بلاد غير المسلمين أحياناً فيها حرية في الحجاب ..
بل إني قرأت في خبر نقلته وكالة رويتر .. قبل أيام أن شركات قطارات طوكيو باليابان أطلقت حملة لحماية النساء من الرجال الذين يتعمدون مضايقتهن بطرق مخلة أثناء التنقل ، وتضمنت الحملة إجراءات عملية تمثلت في تخصيص عدد من العربات للنساء فقط ! مما أدى إلى إثارة غضب بعض الرجال الذكور على اعتبار أن ذلك تميزاً ضدهم ..!
---------------------------------------------------------------------------------------
الوداع
رن الهاتف المحمول الذي مع سارة .. نظرت إلى رقم المتصل وقالت : هذا أبي يبدوا أنه وصل .. ردت عليه : وعليكم السلام .. نعم .. نعم أنا قادمة ..
وبدأت تلبس عباءتها .. وتغطي محاسن وجهها ..
ووقفت مها وأريج .. يودعانها .. وهي تقول إن شاء الله سنلتقي مرة أخرى ..
ولكن لتكن كل واحدة منكما مثل الفتاة الصالحة الذي رآها موسى عليه السلام مع أختها ترعى الغنم .. فساعدهما على سقي الغنم .. ثم جلس في ظل شجرة يرتاح .. وعادت الفتاتان إلى أبيهما .. فأمر إحداهما بإدخال الغنم في مكانها .. وأمر الأخرى أن تنادي موسى ..
واسمعي كيف وصف الله هذه الفتاة الصالحة التي ذهبت تنادي موسى ..
قال تعالى : " فجاءته إحداهما تمشي على استحياء" ..
قال عمر رضي الله عنه : جاءت تمشي على استحياء قَائِلَةً بثوبها على وجهها ، لَيْسَت بِسَلْفَعٍ مِن النساء ولاّجةً خرَّاجة . والسلفع من النساء: الجريئة السليطة ( تفسير ابن كثير 3/384) ..
قارني - بالله عليك - بينها وبين امرأة العزيز في مصر التي أكثرت مخالطة يوسف عليه السلام .. ونظرت إليه وأبدت زينتها مراراً .. وهو عليه السلام يصد عنها .. حتى وصلت إلى حال راودته عن نفسه " وغلقت الأبواب وقالت هيت لك " أي تهيأت لك .. نسأل الله العافية ..
أريج .. مها .. والله ما يريد الداعون إلى نزع العباءة .. وإلقاء الحجاب .. وكشف الزينة .. والاختلاط بالرجال .. والله ما يريدون إلا أن تكوني لهم كالأمة المملوكة يمضغك الرجل متى شاء .. ويلفظك متى شاء ..
كانت أريج ومها .. تحاولان أن تبطئا سارة في المشي ليطول الكلام .. لكن هاتف سارة رن مرة أخرى .. فودعتهما .. وذهبت ..ا.هـ .
أشكر كل من استفدت من مؤلفاته في إعداد هذا الكتاب وعلى رأسهم الشيخ الدكتور بكر أبو زيد ، الشيخ سليمان الخراشي ، الشيخ أحمد عبدالعزيز الحمدان .
أسأل الله أن ينفع به وصلى الله على نبينا محمد .
جزى الله كل من شارك في نشر هذا الكتاب
__________________
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
ارجو ان اكون وفقت فى نقله لكم وتقبلوا مرورى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته