تركيا.. النيابة عن العرب المستقيلين!!
| 12/6/1431 هـ
(أسطول الحرية)عبارة عن ست سفن مدنية تحمل مئات من شرفاء الأرض، وسوف يتجهون بمساعداتهم الإنسانية لكسر الحصار الإجرامي اليهودي على غزة المرابطة البطلة..ونقطة انطلاق أسطول الفخار هي مدينة أنطاليا التركية، والعدو يدرك خطورة الخطوة سياسياً وإعلامياً، ولذلك يتعامل مع الحدث وكأن الأسطول يحاصر الكيان اليهودي الذي يحاصر قطاع الشرف والعز، منذ سنوات وسط تجاهل عربي وتواطؤ دولي..
وعبثاً، مارس اليهود ضغوطهم على حكومة أنقرا لمنع الفكرة، في مقابل نقل المواد الإغاثية من قبل الحكومة التركية وإدخالها بوساطة الأمم المتحدة، ولكن بإشراف ومراقبة سلطات الاحتلال.
ومن المثير للانتباه، أن المساعي اليهودية التخريبية، نجحت مع بلدان أوربية رضخت لإملااءات الصهاينة فقررت منع مواطنيها من المشاركة في أسطول الحرية!!!
أردوجان لم يعلن الحرب على الصهاينة لكنهم غاضبون منه أشد الغضب، فحربه عليهم حرب إحراج وتعرية لسياساتهم، وقد أفقدهم كل الأوراق التي كانوا يذلون قومه بها من قبل!!
وإذا كان قادة العدو يصرحون باستيائهم من "الانقلاب"التركي الكامل، فإن كثيراً من عرب الاستسلام لا يقلون عن اليهود حنقاً على حزب العدالة والتنمية، لكنهم يكظمون غيظهم مضطرين.فتركيا الجديدة العائدة بهدوء إلى جذورها، تسبب لهؤلاء إحراجاً غير مسبوق:فهي تقدم البرهان تلو البرهان على تهافت النمط العربي المخزي"خيار السلام"الإستراتيجي، ومعناه الفعلي ليس سوى الإذعان لأهواء تل أبيب وشروطها المذلّة المتجددة يوماً بعد يوم..فالنظام العربي الرسمي استقال من عبء فلسطين تحت عباءة السلام المزعوم، وذريعته المضحكة المبكية هي استحالة مواجهة العدو عسكرياً!!وقد أثبت الشعب الأعزل في قطاع غزة المجاهد عبثية هذه الفكرة غير المسبوقة في تاريخ البشر، فقاوم بلا سلاح وصمد بلا سند، بل رابط في ظل حصار مطبق وشامل، وعداء صليبي يهودي، يشارك فيه نفر من المنتسبين إلى الشعب الفلسطيني نفسه!!
وجاء الأتراك ليستفزوا النظام العربي الواهن من زاوية أخرى، فقد أثبتوا لليهود وللعرب معاً، أن الدولة ذات السيادة الحقة، يمكن أن تناصر الحق وتؤازر المظلومين، من دون خوض حرب مسلحة، تهدر الثروات وتهدد الاستقرار-وفق نظرية الوهن العربي!!-.بل إن تركيا اليوم تحقق مصالحها العليا إستراتيجياً واقتصادياً، وتفرض احترامها أكثر فأكثر، على القريب والبعيد.
هم يمارسون السياسة في منتهى الهدوء ولكن بحزم وقوة وثبات، يسيرون على بصيرة ويدرسون خطواتهم فليس فيها ارتجال ولا مغامرات ولا تجارة شعارات، وإنما هي إنجازات فوق إنجازات، في مسيرةٍ واعية ومتزنة، تأخذ أقصى الممكن ولا تتخلى عن الواجب في حدود المتاح، ولذلك تتراكم الإنجازات لتقود إلى مزيد من النتائج الطيبة.
وإلا فمن كان يصدق أن أنقرا العضو المؤسس في حلف شمال الأطلسي"ناتو"، والمتحالفة مع الصهاينة سياسياً وعسكرياً، تتحول خلال بضع سنوات إلى حقبة تدريبات مشتركة بين الجيشين التركي والسوري، ومرحلة تعاون عسكري رسمي مقنن مع السعودية، لا يخفي طرفاها سعيهم لتأسيس صناعة مشتركة للأسلحة والتقنيات القتالية المتقدمة؟
إنها السياسة النابعة من داخل الأمة، والمعبّرة عن تطلعاتها والراعية لمصالحها والمتشبثة بهويتها، فليس الأمر محصوراً في قضية الصراع العربي الصهيوني-ويا للمفارقة أن تركيا تقوم بدور رائد فيه بعد تخلي العرب عنه!!-.فقد تجاوزت تركيا في بضع سنوات عقوداً من السنوات-وقروناً أحياناً -من الإشكالات مع اليونان وأرمينيا وروسيا...ولكن من دون التنازل عن كرامتها أو حقوقها..بل إنها واجهت زعيمة الناتو والمتسلطة على العالم أي أمريكا، التي ترتعد منها أوصال قادة وزعماء هنا وهناك، فتصرفت من موقع الند للند!!
فهل هي قضية عظة يحتاج إليها العرب اليوم، أو درس لم يتنبهوا إلى مضامينه؟أم أن القضية قضية إرادة صادقة تنبع من الحرص على حقوق الشعوب بدلاً من منافع ضيقة لمستبدين لا يمثلون شعوبهم البتة؟
ومن قال بعكس ذلك، فليشرح لبسطائنا سر انطلاق أسطول الحرية مثلاً من تركيا وليس من أي بلد عربي ولا سيما البلدان المتاخمة لفلسطين الأسيرة، بمن فيهم تجار شعارات المقاومة؟!
كلمة موقع المسلم