السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكاتب \مركز التاصيل للدراسات والبحوث
في حين صرّح زعيم شيعة الكوت ديفوار لجريدة "كل الأخبار" العراقية بأن التشيع في بلاده يجري بخطط منتظمة ووفق دراسة زمنية
تجري متابعتها من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران، حسب تعبيره، وأن الخطط الموضوعة تقتضي بأن يكون المذهب الشيعي هو
المذهب الرسمي في بلاده بعد عشر سنوات، ومعروف عن الكوت ديفوار أن 60 في المئة من شعبها مسلمون سنة ينتمي أغلبهم إلى
المذهب المالكي.يعجز كثير من المتابعين للشأن الإيراني عن فهم العلاقة بين التشيع وإيران وأيهما يخدم الآخر، وأيهما التابع وأيهما المتبوع، فهذه
الأمور وما شابهها قد يجد الباحث- في مسألة التشيع- صعوبة في الإجابة عليها، لكن الذي لا خلاف عليه أن إيران والفكر الشيعي
كليهما يسعيان إلى غايتيهما وفق البروتوكول الصهيوني القائل: "إن الغاية تبرر الوسيلة، وعلينا- ونحن نضع خططنا- ألا نلتفت إلى
ما هو خير وأخلاقي بقدر ما نلتفت إلى ما هو ضروري ومفيد".
والناظر في آليات التحرك الإيراني في نشر التشيع يجد حراكا غريبا واهتماما كبيرا بالشأن الإفريقي على وجه الخصوص، سيما بعد
الحراك الثوري الذي شهدته القارة في الآونة الأخيرة، كذلك كان لتقسيم السودان أهمية كبرى في تكثيف الجهود، والعمل على إعادة
ترتيب الأوراق، إضافة إلى ذلك فإن حالة الفقر المدقع التي شهدتها القارة وتشهدها وستشهدها خلال السنوات القادمة-إن لم تتغير
الظروف- تمكن الزحف الشيعي من التمدد والانتشار عبر الضغط المادي والمعونات.
إفريقيا والتشيع:
وخلال هذا التقرير سنعرض بشكل موجز لمسألة الشيعة والتشيع في إفريقيا والحديث عن الحالة الشيعية بشكل عام دون الدخول إلى
جزئيات أو فرعيات، غير أننا ننبه إلى شيء هام، وهو عدم التعويل كثيرا على الأرقام التي تذكر، لأنهم-أعنى الشيعة- أهل كذب،
فالحذر كل الحذر من الانسياق وراء ما يطلقون من أرقام، أو ما يُطلِق عليهم من غير أهل الديانة والصدق، ذلك لأن الكثير من
الإحصائيات غالبا ما تخضع للأغراض الشخصية والأهداف السياسية، وهذا ما أكده الباحث حسن قطامش في دراسة له بعنوان
"دراسة حول عدد الرافضة في العالم من المصادر الشيعية"، بين فيها أنْ لا حقيقة لغالب ما يذاع وينشر من معلومات عن أعداد
الشيعة، قال الباحث في نهاية دراسته: "وبعد قراءة هذه الأرقام والنسب والإحصائيات من المصادر الشيعية حول عدد الشيعة في
العالم تبين لنا مدى تهافت هذه الأرقام وضعفها الشديد وعدم استنادها لأي حقيقة يمكن الاعتماد عليها"(1).
الشخصية الإفريقية تربة خصبة لنشر أية فكرة:
الشخصية الإفريقية شخصية سهلة القياد، تقبل كل شيء وأي فكرة إذا ما وُجد الداعي لها، وبسبب فهم العقلية الشيعية لهذه التركيبة،
سعى الشيعة منذ سنين عدة إلى الزحف نحو القارة السمراء، والدعوة إلى مذهب الرفض تحت دعاوى محبة أهل البيت وموالاة علي -
رضي الله عنه -، وغيرها من الدعاوي التي ظاهرها الخير وباطنها من قبله الضلال والفساد.
وإلى هذا المعنى أشار أحد الدعاة الشيعة بالسودان وهو معتصم سيد أحمد، في حوار مع موقع المرجع الديني الشيعي المدرِّسي،
قال: "هنالك تربة خصبة في القارة الإفريقية؛ فإذا نظرنا للجزء الشمالي من القارة الإفريقية من مصر والجزائر والمغرب والسودان نجد
أن هناك حُبّاً متجذراً في نفوس هذه الشعوب بالولاء لأهل البيت - عليهم السلام - كذلك هنالك نوع من البساطة في قبول الطرف
الآخر؛ فالإفريقي بشكل عام متسامح يقبل الحوار ويقبل الطرف الآخر بعكس بعض العقليات المتشددة الموجودة في البوادي"(2).
لماذا تحرص إيران على الزحف بقوة نحو إفريقيا؟
يجيب عن هذا السؤال الأستاذ أمير سعيد -بعد أن بين طبيعة الشخصية الإفريقية وسهولة تقبلها للفكر الشيعي- بأن السبب الرئيسي
وراء حرص إيران على الزحف نحو إفريقيا يعود بشكل كبير إلى الجانب الاقتصادي والرغبة في الاستثمار والهيمنة وإيجاد موطئ قدم
لها على إفريقيا (أرض الكنوز الدفينة).
ثم يشير بعد ذلك إلى أن إفريقيا بها مخزونات قابلة للاستخراج من النفط الخام والغاز والفحم واليورانيوم -تثير شهية أي دولة لديها نية
في لعب دور إقليمي ودولي- تقدَّر بنحو 13- 14.5 تريليون دولار، و1.7 تريليون دولار من الثروة الكامنة والإنتاج في قطاعات
مثل: الزراعة والسياحة والمياه، قدَّرتها دراسة حديثة أعدتها (أفريكا إنفستور) و (أفريكا غروب) للأبحاث الاستثمارية(3).
إلى جانب ذلك فإن إيران تسعى- كـ (إسرائيل) وإيران والصين وغيرهما من الدول ذات السجل الحقوقي والأمني السيئ- إلى استقطاب
عدداً كبيراً من الأصوات في الأمم المتحدة التي توفرها دول إفريقيا.
كما أن للتصوف دوراً في هذا الزحف، فإيران الشيعية تعرف قوة الاتجاه الصوفي ومدى انتشاره في بلدان القارة الإفريقية، ومن ثم
تسعى لنشر أفكارها من خلال هذا الغطاء في عدد من البلدان، كالسودان ومصر والمغرب.
ملامح عامة عن الاختراق الإيراني للقارة السمراء.
* وصل عدد المسلمين السنة الذين تشيّعوا في غرب إفريقيا إلى أكثر من سبعة ملايين.
* وقالت مصادر إعلامية إن المسلمين في جزر القمر أخذوا في التحول إلى المذهب الشيعي.
* في حين صرّح زعيم شيعة الكوت ديفوار لجريدة "كل الأخبار" العراقية بأن التشيع في بلاده يجري بخطط منتظمة ووفق دراسة زمنية
تجري متابعتها من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران، حسب تعبيره، وأن الخطط الموضوعة تقتضي بأن يكون المذهب الشيعي هو
المذهب الرسمي في بلاده بعد عشر سنوات. ومعروف عن الكوت ديفوار أن 60 في المئة من شعبها مسلمون سنة ينتمي أغلبهم إلى
المذهب المالكي.
* وقال زعيم الشيعة في السينغال محمد علي حيدري إن أتباع المذهب الشيعي في ازدياد بإفريقيا، وبخاصة السينغال، وإن مؤسسة المزدهر التي تأسست في العام 2000 تتحرّك في مجالات التربية والتعليم وبناء المدارس وإقامة المناسبات وطبع الكتب وإنتاج وبث البرامج في الإذاعة والتليفزيون.
* وكشف شيعة السودان عن وجوههم منذ صائفة 2009 عندما أقاموا لأول مرة وبصفة علنية عيد ميلاد المهدي في ضاحية جبل أولياء جنوب العاصمة الخرطوم، وقالت بعض المصادر إن عددهم يتجاوز 700 ألف من أتباع الإمامية الإثني عشرية.* وبدأ المد الشيعي في الزحف على دول إفريقية أخرى، مثل غينيا بيساو وزامبيا ولوزوتو وسيشال وسوازيلاند والرأس الأخضر وغينيا التي شهدت تأسيس مجمع شباب أهل البيت؛ وقال أحد رجال الدين فيها، وهو محمد دار الحكمة، إن التوجه نحو الانسلاخ عن مذهب أهل السنة والجماعة واعتماد المذهب الشيعي في تنام مطّرد بدول غرب إفريقيا.
* وفي مالي بدأت ظاهرة التشيع في الاتساع منذ انطلاق شرارتها الأولى في العام 1992 وذلك بدعم وإسناد من بعض الشيعة الكويتيين الذين بادروا بشراء أرض في العاصمة باماكو لتأسيس مركز جمعية أهل البيت.
* وفي أريتريا أضحى ربع المسلمين تقريبا من أتباع المذهب الشيعي متخذين لهم تجمعات سكانية كبيرة في أسمرا ومصوع وعصب وبعض المدن الأخرى.
* ويبلغ عدد الشيعة في نيجيريا أكثر من خمسة ملايين.
* أما في إثيوبيا فإن حركة تشييع السنة في أوجها وخاصة في إقليم "نغلي بورنا" والعاصمة أديس أبابا.
* وفي تنزانيا بدأ الحضور الشيعي في الازدياد وخاصة بإقليم زنجبار والعاصمة دار السلام.
* كما أفلحت الجهات الإيرانية المدعومة بمجهودات بعض الشيعة العرب من الخليج والعراق ولبنان في ولوج بوابة الشمال الإفريقي،
وخاصة في صفوف الطلبة والمثقفين المتأثرين بالخطاب الطائفي المنتشر عبر الفضائيات والانترنت، ومن ذلك أن الجزائر مثلا تشهد
حركة تشيّع كبيرة، وخاصة في مدن بسكرة وتبسّة وسطيف وبجاية والبرج، وأصبح شيعة الجزائر يقيمون حفلات العزاء الحسيني
ويدينون بالولاء إلى الولي الفقيه(4).