السؤال
أرجو أن ترشدوني: كيف أدعو زوجي لكي يترك اللحية ولا يحلقها؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا أخفيك سراً أن دعوة الرجل من قبل زوجته أمر صعب، وذلك بسبب أن الرجل يشعر في الغالب أنه المدبر والناصح والقائم على أمر زوجته وأهل بيته، لذا ربما يصعب على الكثير من الرجال تقبل النصح والتوجيه من زوجاتهم، لأنهم يحسبون ذلك منقصة في قوامتهم، وإقلالاً من رجولتهم، والأمر ليس كذلك، لكنها من مداخل إبليس على الرجال.
لما سبق أرجو التحلي بالحكمة في دعوة زوجك، وتقويم ما لديه من أخطاء، وإليك بعض التوجيهات التي أحسب أنها تعينك على الأخذ بيد زوجك للخير والتزام شرع الله:
- ليكن أول ما تبدئين به دعوته حرصك الشديد على أداء حقه عليك، فله الطاعة، وحسن العشرة، ورعاية أهل بيته خاصة أطفالكما، كوني خير بلسم لما يعانيه من كدح وتعب في هذه الحياة، كوني الصدر الحنون الذي يرتاح عليه إن أتعبه السعي في هذه الأرض، كوني له الفتاة الفخورة السعيدة بزواجها منه، فليشعر أنك تحسين أنه من خيرة الرجال، بل إنك تغبطين نفسك على الظفر به زوجاً، فكم هو جميل ذلك الشعور في نفس الرجل، وتأكدي أن ذلك يجعله يصغي إليك، ويأخذ بما قد تنبهينه عليه من بعض الأخطاء، لا تبخلي عليه ببعض التوجيهات والنصائح حتى في الأمور المالية أو الاجتماعية ونحو ذلك، لكن لا تكثري من التوجيه والتدخل.
- ثم لتكوني قدوة له في الحرص على طاعة الله وتجنب المنكر، فليلمس منك الحرص والتعلق بالصلاة، وليرى منك البر بوالديك، والحث على أن يبر بوالديه، كفي لسانك عن الحرام، فلا يسمع منك غيبة لمسلم أو مسلمة، أو استحقار أو نميمة في حق أحد خاصة أهله.
- اسأليه النصيحة والتوجيه إن قصرتِ أو وقعتِ في الخطأ، وذكريه أنه شريك حياتك، لذا أنت بحاجة ماسة لتوجيهاته ونصائحه، وأن من دلالات الحب تبادل النصيحة والتوجيه، وإذا ما انتقد بعض تصرفاتك أو أفعالك فلا تندفعي في الدفاع عن نفسك، وتبرير ما قمتِ به، بل كوني هادئة وحكيمة في تقبل النصيحة والنقد، بل واشكريه على ذلك، مع الاعتذار بأنك لم تقصدي ما فهمه.
- إذا ما وقع في منكر أو خطأ فنبهيه بأدب واحترام، ولتكن نظرة عينك تدل على حب الخير له، والحرص على سلامته من كل ما يغضب الله عز وجل، وليكن دافعك لنصحه الإخلاص وطلب الأجر من الله، ليس لك دافع غيره، أتدرين لماذا؟
لأني ألحظ من بعض الأخوات الصالحات حرصهن الشديد على خلو المظهر الخارجي للزوج من المنكر كالإسبال أو قص اللحية، حتى لا تنتقد بأنها كيف تزوجت بفلان؟ أو كيف لها أن تنصح الآخرين وزوجها بهذا الشكل؟ ولا شك أن هذا سبب في التركيز على بعض الأمور، وإغفال أمور ربما هي أهم، دعيني أسألك:
هل زوجك يقوم بواجب الصلاة في وقتها، وفي بيوت الله؟
هل زوجك حريص على أن لا يخالط ماله حرام؟
هل زوجك حريص على البر بوالديه وصلة رحمه؟
هل زوجك يكف لسانه عن الغيبة و السخرية و النميمة و اللعن والسب؟
هل زوجك يغض بصره عن الحرام؟
هل يصبر على البلاء، ويحمد الله على النعماء؟
هناك أمور أهم وأجدر بالعناية والمتابعة من مجرد إطلاق اللحية، ولا أقول ذلك لترضين بحلقها، لا بل أقصد أنه لا بد من الإخلاص في الدعوة والنصيحة لننال الأجر والتوفيق من الله، ولتعلمي أن الإخلاص خير معين لترتيب الأولويات في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- الدعاء، نعم الدعاء له على مسمع منه، وفي ظهر الغيب بأن يوفقه الله لما يحب ويرضى، وأن يجعله الله من عباده المتقين، وأن يسعده الله في الدنيا والآخرة، وأن يجعلكما زوجين صالحين يعين بعضكما بعضاً في الحق والهدى.
الدكتورة
أمل بنت فهد الجليل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.