كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته،
فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكى من هذا؟
فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «القبر أول منازل الآخرة، فإن ينج منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه»، ثم قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :«ما رأيت منظرا قط إلا والقبر أفظع منه» رواه أحمد والترمذي.
فارقت موضع مرقدي ... يوما فقارقني السكون
القبر أول ليلة ... بالله قل لي ما يكون
وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الطويل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما جلس على قبر قال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا...»
وفيه قال: «فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟
فيقول ربي الله.
فيقولان له: ما دينك؟
فيقول: ديني الإسلام.
فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟
فيقول: هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فيقولان له: وما علمك؟
فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت،
فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة. فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير.
فيقول: أنا عملك الصالح.
فيقول: ربي أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي...»،
ثم وصف حال قبض الكافر حتى قال: «فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟
فيقول: هاه هاه، لا أدرى؛
فيقولان له: ما دينك؟
فيقول: هاه هاه لا أدري.
فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟
فيقول: هاه هاه لا أدري.
فينادى مناد من السماء: أن كذب، فأفرشوا له من النار، وافتحوا له بابا إلى النار،فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد،
فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر.
فيقول: أنا عملك الخبيث. فيقول ربي لا تقم الساعة» [رواه أبو داود].
وهكذا يتصل نعيم أهل الجنة في قبورهم، ويتواصل العذاب لأهل النار - عياذا بالله - في قبورهم إلى أن ينفخ إسرافيل في الصور مؤذنا بقيام الساعة.