قبل فوات الأوان......حقائق عن الإصابة بالعين قد تكون لديك وأنت لا تشعر
أصابتني عين فمرضت، وتركت عملي، وتعكرت حياتي بعد أن كانت صفوا..ذهب مالي وتنكر الناس لي، القريب قبل البعيد......يا الله ما أشد العين!!!
أبحث عن قارئ (معروف) ليقرأ علي (قراءة مركزة) لأن القراءة العادية لا تنفع في نوع العين التي أصبت بها..كم نسمع هذه العبارات وأمثالها من الكثير!! وكم سيطر وهم العين على عقول كثير منا حتى أصيب بالوسوسة!!
إن ضعفنا أمام أنفسنا جعلنا نعزو كل مصيبة إلى العين، وجعلنا نلجأ إلى غير الله بقلوبنا قبل أجسادنا فيذهب كثير منا مذاهب مضحكة وشر البلية ما يضحك، فهذا يذهب لدجال بدعوى الرقية، وهذا يبحث عمن يقرأ عليه قراءة مركزة. ومتى كان لدى المسلمين في شريعتهم الربانية قراءة مركزة وأخرى مخففة!!! وقد أخبر النبي عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام أن الفاتحة على قصرها رقية، وأنها شفاء..إن مما ينبغي أن يتقرر لدى كل مسلم عاقل أن سبب المصائب في الدرجة الأولى هو البعد عن الله والتقصير في حقه سبحانه.
وإن بعض الناس قد يكون أتى من أسباب المصائب -من معصية الله والبعد عنه- ما يفوق أضعافاً مضاعفة سبب الإصابة بالعين، فتجد ترك الصلوات الذي هو كفر مخرج عن الملة، وتجد ركوب أنواع المحرمات، وتجد التجرؤ على عباد الله بالظلم في الأموال والأعراض والأنفس..ثم يقول هذا المسكين: ما أتيت إلا من العين. أليس هذا من أعجب العجب:أليس الله سبحانه وتعالى يقول ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير) الشورى 30.
قال بعض الصالحين: إني لأعصي الله فأرى ذلك (أي أثر المعصية) في دابتي وخلق امرأتي..ولو سلمنا أن ما يصيب الكثير من هؤلاء هو فعلاً بسبب العين فإنه من المعروف أن الضعف أمام العين والحسد قد يكون بسبب الذنوب والمعاصي، وعلى قدر علاقة الإنسان بالله يكون حفظه- سبحانه وتعالى- له. (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق 3. وليس من يحتمي بالملك كمن يحتمي بأضعف المخلوقات.
وبعض الناس قد يكون عنده شئ من العمل الصالح فيعجب بنفسه ويدل بعمله على الله ويظن أنه قد بلغ الغاية وهذا بحد ذاته جرم عظيم، فإذا عوقب بسبب هذا الذنب أو غيره عزا هذه المصيبة إلى العين ورأى أن غيره من العصاة (كما يرى هو) أحق بهذه المصيبة منه وهذا جرم كبير آخر وتحكم على الله سبحانه وتعالى في قدره..إننا بكلامنا هذا لا ننكر العين ووجودها وأنى لنا ذلك وقد ثبتت عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أحاديث منها قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (استعيذوا بالله من العين فإن العين حق). وقوله عليه الصلاة والسلام: (العين حق و لو كان شيء سابق القدر سبقته العين و إذا استغسلتم فاغسلوا). وقوله عليه الصلاة والسلام (أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس).
وكيف ننكرها وقد وجدت في الواقع، ولكن يا مسلمون يجب علينا التعقل ومحاسبة النفس والاعتراف في التقصير في جنب الله. (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) آل عمران 165..إن مجرد اعتراف الإنسان بذنبه ولجوئه إلى الله وخشوعه له، مجرد هذا من أنجع الأدوية والحلول لجميع مصائب الدنيا والآخرة من العين وغيرها (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ }الأنبياء 87-88.
أسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويقينا شر أنفسنا وذنوبنا هو حسبنا ونعم الوكيل.
بقلم : فرحان بن سميح العنزي
عودة ودعوة