- سؤال: والدتي تطلب مني أن أزورها كل يوم وأنا وقتي ضيق ومشاغلي كثيرة وهي مريضة وكبيرة في السن وإخوتي لا يقصرون معها فهل يعتبر هذا من العقوق ؟
سائل: أثابكم الله فضيلة الشيخ حفظك الله هذا ثان يقول: والدتي تطلب مني أن أزورها كل يوم وأنا وقتي ضيق ومشاغلي كثيرة وهي مريضة وكبيرة في السن وإخوتي لا يقصرون معها فهل يعتبر هذا من العقوق ؟ جزاكم الله خيرا.
الشيخ: مريضة وكبيرة في السن تقول لك زورني ولا تزورها ولست بعاق نعم هذا من العقوق هذا عين العقوق مريضة وتريد أن تمتع نظرها قبل أن تخرج من الدنيا برؤيتك وتريد أن أقول لك أنك على حق لا والله لست على حق فلتجيب طلبها وأقسم بالله لو قالت لي كل ساعة لأتيتها كل ساعة فإذا صار عندك حرج ولا يمكنك بحال أن تأتي فأنت معذور أما والدتك فحقها كبير وفضلها عليك عظيم ولو قيل لك ائتنا كل يوم ونعطك مائة ريال لجئت كل ساعة ما جئت كل يوم لو قيل لك عندنا عمل تأتينا فيه كل يوم
أنت كل يوم تذهب للعمل هذا شغل الدنيا
وهذا شغل الآخرة
نعم البعض يتعجب يقول ما هذا التشدد حتى نأتيها كل يوم
نعم التي حملتك وأرضعتك وربتك ورأت بسببك الأهوال والشدائد حملته كرها ووضعته كرها
والتي قرن الله طاعتها بطاعته وبرها والاستجابة لها بالاستجابة له سبحانه وتعالى في غير معصيته حتى إن الوالدين قال الله تعالى: ((وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون)) جاهداك والجهد غاية الطاقة والدان لا يحبان الله ولا رسوله وعلى الكفر وعلى الشرك ولا يريدان الولد أن يشرك بل يفعلان ذلك ويجتهدان فيه ومع ذلك فصاحبهم فلا تطعهما وصاحبهما أمر بمصاحبتهم
فماذا بعد هذا لا يزال الناس في غفلة عن حق الوالدين والى الآن مهما فعل الإنسان والله انه في غفلة ولا يزال الشيطان والنفس الأمارة بالسوء ومشاغل الدنيا وغفلة النفس تعميه عن صراط الله المستقيم في البر أين
أنت من البر احمد الله سبحانه وتعالى أن الله جعل لك أم
احمد لله على أنها تقول لك تعالى وزورني أقبل وزورني
غيرك يذهب إلى أبيه وأمه ويقفل الباب في وجهه
وأنت أمك تقول تعالى
تطلب أمنية وتحرمها هذا الأمنية
لا والله إنك عاق ما وسعك ذلك فأنت عاق وهذا من العقوق ولو أنها طلبت منك مرة واحدة ولم تجب فهذا عقوق تلقى الله به إلا أن تعفو عنك أمك فكيف إذا مرت عليك الأيام والأسابيع ما هذا هل يسأل الإنسان عن مثل هذا ؟
مثل هذا لا يسأل عنه
ولا تحتاج إلى أن
أمك تقول لك تعالى أنت الذي تذهب وأنت الذي تقف وأنت الذي تجلس وأنت الذي تحبو عند قدمها قال أحية أمك قال نعم قال الزم رجلها فان الجنة ثم، لقد جد أقوام في بر الوالدين حتى بلغوا المشقة التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ومع ذلك لم يعذروا أنفسهم ويمسون ويصبحون وهم يحسبون أنفسهم من العاقين لشعورهم أنهم مقصرون وصدق الله ((والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون))
أين أنت يظن البعض أن بر الوالدين ألا يؤذي والديه وهذا يحس أنه بار ما دام انه يكفي والديه شره فهذا بار
ومنهم من يظن أن بر الوالدين إذا طلبت الأمة حاجة أو شئ أو طلب الأب أنه يقضي هذا الطلب وأنه بار وقد يكون طلب الوالدين نفسه عقوق كيف؟
يعلم بأن والديه بحاجة إلى الدواء وأنهم في أمس الحاجة إلى هذا الشئ ويجعل الوالدان يذلان له بالطلب هذا يظن انه بار ولذلك يغيب الشيطان عن الإنسان هذا الأمر العظيم،
تأمل رحمة الله أنه ليس في الدنيا أحد من خلق الله بعد أنبيائه له عليك حق مثل والديك
حتى أن الصحابي يريد صحبة النبي صلى الله عليه وسلم والجهاد معه هل رأيت صحبة أعظم من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يريد صحبته للجهاد ذروة سنام الإسلام والسبيل إلى الجنة والطريق إلى السعادة الأبدية قال أحي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد لا تتعجب من أهل العلم لو أنه في كل مجلس نذكر بحق الوالدين لكان هذا حق من حقوقه لأن الله يقول أن اشكر لي ولوالديك قرن شكر الوالدين بشكره أين أنت من البر أنت فيحلم تسأل أمك مريضة كبيرة في السن أنت تقول إخواني لا يقصرون وأنت تقصر وتسأل هل تطيع والديك وتأتي إلى والدتك هذا أمر يدمي القلب ويطرح الفؤاد ولا يزال بر الوالدين في رقبتك أمانة حتى ولو غيبهم الثراء ما تنسى والدك
السعيد كل من أصبح الذي إذا أصبح فكر في حق الله
وحق الخلق
فإذا فكر في حق الخلق
أول ما تصبح يوميا تفكر أولا
في حق الله كيف تؤديه؟
خاصة إذا كنت تريد أن تستقيم على طاعة الله عز وجل
وأن تستقيم وفق شرع الله عز وجل لا وفق هواك
إذا أردت السعادة الحقيقية بمجرد أن تصبح تفكر أول ما تفكر في حق الله وكيف تؤدي هذا الحق على أتم الوجوه ؟
تعلم أن من حقه الصلاة تؤدي الصلاة، تبكر إلى المساجد تأتي في الصف الأول تحرص على أعلى المراتب في طاعة الله
ثم بعد ذلك مباشرة حق أبيك وأمك
أول من تفكر في حقه من الخلق ما الذي سأقدمه لأبي وأمي اليوم، أحياء أو أمواتا من الدعاء من الترحم من الصدقة من إنفاذ عهدهما بعد موتهما من صلة أهل الود تفكر كيف تشتري مرضاة الله في هذا البر وإن كانا أحياء لزمتهما ولزمت طاعتهما وقضيت حوائجهما أقواما بر فإذا سئل الوالدان عن الحاجة قضوا الحاجة فإذا أراد الله أن يرفع درجاتهم جعل عندهم الإحساس فقضوا حوائج الوالدين قبل أن يسأل الوالدان فإذا وفقهم الله لهذه الدرجة زادهم علوا فقضوا حوائج الوالدين قبل أن يسأل الوالدين ولم يشعروا بمنة في قلوبهم تتفطر قلوبهم ألما أنهم لا يستطيعون شكر الله على هذه النعمة فإذا بلغوا هذا المبلغ يجتهدون حتى إنه يشعر والديه إذا جاء يقدم لوالديه المعروف يشعر والديه أن له فضلا يأتي إلى أمه ويقضي حاجتها أكمل ما يكون البر أن تحس بإحساسها فإذا هي إذا قضيت حاجتها تألمت وتأوهت وقالت بني كلفت عيك فإذا بك تقول يا أماه إني سعيد اليوم وكأنها تسأل لماذا قلت؟ ، لأني بجوارك لأني قضيت حاجتك ذهبت إلى الطبيب فيسر الله لي كذا وكذا وإذا بك نشعرها أن ما تفعله تاج على رأسك ومنة لها عليك فإذا أرادت أن تتفوه بكلمة أن لك منة وفضل انكببت على يدها مقبلا وانكببت على جسدها باكيا تقول لها أي أماه وهل يجزي هذا شيئا من حقك العظيم وفضلك علي بعد الله عز وجل من الناس من تنصب عليه الهموم والغموم في عمله في وظيفته مع زوجته مع أولاده يبقى مهموما في الدنيا لكن إذا دخل عند أمه أشعرها أنه أسعد الناس ولا يسمعها خبرا يسوؤها ومنهم من يأتي إلى أمه فيجدها مهمومة بأمر فيحدث لها من الفرح والسرور ما ينسيها حزنها درجات لصالح المؤمنين والمؤمنات ((أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون))مازالوا يشترون مرضاة الله ببر الوالدين ورضا الوالدين حتى فازوا بالقبول من رب العزة والجلال سبحانه وتعالى.
أخي في الله احمد الله على نعمته وفضله عليك من الآن تحاسب نفسك حسابا عسيرا في حق الوالدين أحياء وأمواتا ولا تعذر النفس في حق الوالدين حتى تبلغ الكمالات وثق ثقة تامة أن البار لا يزال يبر ويصدق في بره حتى يفتح الله في وجهه أبواب السعادة ووالله ثم والله ما خرج عبد بعد توحيد الله بشئ أحب إلى الله من بر الوالدين سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله قال الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين عليك أن تكون على بينة من أمرك أنه ما توجه إليك أبوك ولا توجهت إليك أمك تريد أمرا يريدان أمرا أن تحصله أو أمرا تتركه إلا وأنت مراقب من الله مراقبة شديدة هل أنت من البارين ؟ أو من العاقين؟
فاحرص رحمك الله على الدرجات العلى في رضوان الله احرص إلى أن تتنافس مع المتنافسين
وأن تفوز مع الفائزين
وأن تبلغ الدرجات العلى في رضا الوالدين
كن من السعداء
ابحث عن السعادة الحقيقة
كم ضحكت مع الغرباء
وكم أدخلت السرور على الغرباء
فوجدت الخير على نفسك
فكيف لو أدخلته على أبيك وأمك
كيف لو أدخلته فكنت من أهل الوفاء
وف لهذا الأب وهذه الأم اللذان
لن تستطيع أن تفي لهما ولا بطلقة من طلقات الأم
قال يا بن عمر كيف ترى حملي لها على ظهري أطوف بها ؟ قال والله ما جزيتها ولا بطلقة من طلقاته الرجل يبر أمه اليوم من أجل أنت وستموت وهي تبره وتحسن إليه ليحيا وشتان ما بين الاثنين ولا شك أن أسعد الناس من عظم أمر الله ذكر الله عز وجل البر مقرونا بالتوحيد وهذا كلاما نقوله بألسنتنا لكن لو وعيناه بقلوبنا وعقولنا كان الرجل بمجرد ما يسمع صوت أبيه ترتج عنده الدنيا من هذا الذي قورن حقه بحق الله ؟
كان بمجرد ما يسمع صوت الأم الحنون الكريمة والله لو عذبتها وآذيتها وأضررت بها لبقي قلبها يحبك والله لو آذيتها وأضررت بها يقول أبي يضيق علي أبي يؤذيني أبي قد يكون هذا من بالغ حبه لك هذان الإثنان اللذان لا يشك في حبهما وودهما وكل إنسان يتمنى لو أنه خير من الناس وأنه لا أحد أخير منه إلا الولد يتمنى لو أن ولده خير منه فالوالدان حقهما عظيم فإذا أراد الله بك خيرا وأسأل الله أن يجعلك من الأخيار ألهمك كيف تبر والديك وألهمك كيف تفكر في هذا الحق
ولا تعذر نفسك مهما بلغت إلا إذا كنت بارا صادقا
واسأل الله أن يعينك
قل
اللهم إني أسألك البر وأعوذ بك من العقوق.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت إله الأولين والآخرين يا أرحم الراحمين يا من إذا دعيت أجاب وإذا سئل أعطى يا من بيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى وعزتك وجلالك وعظمة كمالك أن تجزي والدينا عنا خير ما جزيت والدين عن ولد اللهم نور قبورهم وأفسح لهم فيها واللهم بعزتك وجلالك وعظمتك وكمالك أن تضاعف لهم الحسنات وكفر عنهم الخطيئات وأحسن للأحياء الخاتمة عند الممات، اللهم داوي مرضاهم واشف مرضاهم وبدد عنهم الهموم والغموم واشرح صدورهم ونور قلوبهم ووفقهم لما تحب وترضى اللهم يا أرحم الراحمين ارحم آباءنا وأمهاتنا اللهم نور عليهم قبورهم وأفسح لهم فيها اللهم اجزهم عنا خير ما جزيت والدين عن ولد اللهم إنا نستغفرك من كل عقوق ومن كل تقصير اللهم يا أخير من يجبر الكسر يا من لا يجبر الكسر سواك أسألك أن تجبر كسرنا في بر الوالدين اللهم اغفر لنا في ذلك كل ذنب وكل تقصير، اللهم إنا نستغفرك، اللهم إنهم أحسنوا إلينا فأحسن إليهم أتم الإحسان وأوردهم منازل السعادة في الجنان واجمعنا بهم يا رحمن في مقعد صدق عند مليك مقتدر اللهم إنك أحق بالوصل من الواصلين وأنت إله الأولين والآخرين نسألك أن تجزيهم عنا أحسن الجزاء، اللهم أنزلهم منازل السعداء اللهم اغفر لهم مغفرة الأولياء الأتقياء اللهم اجعلهم في أعلى عليين في جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم اغفر لهم كل ذنب واستر لهم كل عيب أحياء وأمواتا يا إله الأولين والآخرين، اللهم إنا نسألك أن تجعل لوالدينا منا أفضل ما جعلت لوالدين عن ولد وأن تجعل لنا ولوالدينا أفضل ما جعلت لولد عن والدين اللهم لا تجعلنا من الأشقياء ولا تجعلنا من المحرومين اللهم إن قصرت أعمالنا في البر فأنت الذي تصل المنقطعين وتعطي المحرومين اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا واغفر ذنبنا نستغفرك اللهم ونتوب إليك من كل عقوق وإساءة ومن كل تقصير الهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا مغفرة تامة كاملة اللهم ضاعف أجورهم وثقل موازينهم اللهم أنزلهم منازل السعداء واحشرهم مع الأتقياء الأولياء يا بديع الأرض والسماء اللهم اغفر ذنوبنا ويسر أمورنا واشرح صدورنا واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى واغفر لنا في الآخرة والأولى يمن كتابنا ويسر حسابنا وثبت على الصراط أقدامنا وارحم في موقف العرض عليك ذل مقامنا اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة اللهم امنن بالعافية غدونا وآصالنا واختم بالسعادة آجالنا اللهم إنا نعوذ بك من شماتة الأعداء وعضال الداء وجهد البلاء ودرك الشقاء إله الأولين والآخرين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
الشيخ محمد محمد المختار الشنقيطي