القارئ الوحيد كانت هذه هي المرة الأولى التي أحمل فيها خمسةً من كتبي دفعة واحدة؛ فقد كنت مشغولاً بإجراء بحث خاص بي في مجال الأدب. وما إن خرجت من البيت حتى فوجئت بالمارّة يحدّقون بي في دهشة، كأنهم ينظرون إلى كائن من كوكب آخر. وماهي سوى لحظات حتى تحلقوا حولي وهم ينظرون إليّ في حيرة واستغراب. وجاء أحدهم فتحسس جبهتي متفقداً حرارتي، ثم سألني:ـ هل قرأت كل هذه الكتب؟! قلت بتلقائية:ـ نعم. فذهب مذهولاً وهو يتحسس جبهته هو هذه المرَّة ويتحدث إلى نفسه كالمجنون. وما هي إلا دقائق معدودة حتى جاء الصحفيون ومقدمو البرامج الإذاعية والتلفزيونية. وانطلقت الكاميرات لتصوِّرني من كل الزوايا وفي مختلف الأوضاع. وسألني مقدم برنامج تلفزيوني مشهور في انبهار ممزوج بالرهبة:ـ هل قرأت كل هذه الكتب؟!ـ بالطبع! وأخذ يتصفح الكتب ويوجِّه إليّ أسئلة اختارها على نحو عشـوائي، فأجبت عن جميع أسئلته؛ مما دفعه لأن يصيح في انفعال:ـ كيف فعلت ذلك؟! كيف استطعت مقاومة الفضائيات والإنترنت والحب والحسناوات والملاهي و...و... أنت عبقري عبقري ي ي... وأخذ يجرّ شعره كالمجنون، ويلطم وجهه حتى سقط مغشياً عليه، وجاءت عربة الإسعاف فحملته وبصحبته عشرات من الذين أغمي عليهم من شدة الذهول. وفي الصباح حملت الصحف كلها عناوين مثل: القارئ الوحيد.. اكتشاف شخص قرأ خمسة كتب كاملة .. القارئ العبقري.. آخر جيل أباطرة القراءة.. قارئ في زمن الإنترنت والديجتال. وخرجت من بيتي لأجد عشرات الآلاف قد أحاطوا بي حتى فاضت بهم الشوارع. وجاء رئيس الجمهورية بنفسه بصحبة الوزراء؛ لتهنئتي وإبداء إعجابهم بي، وبعزيمتي الحديدية في مقاومة المغريات. وسدّت أجهزة الإعلام المحلية والعالمية المنافذ من حولي، وكل منها يحاول أن يظفر مني بصورة أو لقاء أو حتى توقيع على أضعف الإيمان. عفواً .. لا أشعر برغبة في الاستمرار الآن .. ولكنني سأواصل في مجريات هذه القصة حتى تكتمل مجموعتي القصصية القادمة بإذن الله. 18فبراير 2005م