العولمة ومستقبل العالم الإسلاميد. فتحي يكن(*
dryakan*etscape.net
تعريف العولمة:هناك تعريفات كثيرة، لا أريد أن أتناولها جميعاً، وإنما أريد أن أتناول العولمة من الجانب الذي يهمنا، على اعتبار أننا دعاة وأئمة وخطباء. العولمة هي حالة تطبيع عالمي، ثقافياً، واجتماعياً، واقتصادياً، وسياسياً، وأمنياً، وعسكرياً.
والتطبيع يتردد على الأسماع كثيراً، حيث يطرق أسماعنا أن العدو الصهيوني يريد أن يُطبّع المنطقة. فالتطبيع سياسة الاختراق للآخر، وعندما نُخترق من قبل الآخر فمعنى هذا أننا بدأنا نتطّبع بمشروع الآخر.
والعولمة تعني تحقيق عالمية الأمر، ولو قسراً ومن غير تدرج، إنها تعني اقتحام المجتمعات والشعوب والدول اقتحاماً قسرياً، وبدون سابق تحضير أو استئذان فهي نوع من الهيمنة...
ومن الذي يهيمن على الآخر؟ إنه الذي يمتلك القدرات والتقنيات العالمية: وسائل الاتصال وسائل الإعلام مراكز المعلومات الإنترنت الفضائيات الأسلحة الحسية والمعنوية... وأما الضعيف فإنه لا يستطيع أن يهيمن على العالم.
والعولمة على الصعيد الاقتصادي تعني (رسملة) العالم في ظل هيمنة النظام الدولي الأحادي على العالم، وبخاصة الأفراد الأفكار المعلومات النقود المؤسسات السلوك الخدمات المنتجات.
والعولمة من وجهة نظر أخرى حركة لا يمكن لأحد أن يعزل نفسه خارجها، أو أن ينأى عن تأثيراتها.
فهي اقتصادياً، رساميل تتحرك دون قيد أو شرط. وهي بشرياً، أشخاص يملكون سلطة عابرة لكل الحدود.
ففي الثاني والعشرين من أبريل 1997م نشرت شركة ميريل لينش الاستشارية والمالية (جيميني) دراسة توضح أن ثروة أغنى أفراد العالم حوالي ستة ملايين إنسان ارتفعت إلى 16 تريليون دولار عام 1996م وتوشك أن تصل إلى 24 تريليون دولار مع نهاية هذا القرن، وهذا المبلغ يعادل مجموع دخل 2.3 مليار إنسان ( الأفقر في العالم ) مضروباً في ثلاث مرات.
وفي تقرير للأمم المتحدة ذكر أن 358 مليارديراً من كبار الأثرياء في العالم يحصلون على ربح صافٍ قدره 760 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل دخل 45% من سكان العالم، أي أن 20 % من كبار أغنياء العالم يقتسمون فيما بينهم 80% من الإنتاج العالمي.
والعولمة مصطلح ظاهره الرحمة وباطنه فيه العذاب الشديد.
إنها أشبه بالمصطلحات الأخرى المثيلة: العصرنة، العقلنة، الأمركة، الفرنسة، الصهينة... وصولاً إلى الشيطنة...
ومشكلتنا أننا مجتمعات استهلاكية، مشرعة الأبواب أمام كل المستوردات وإن كانت سمّاً زعافاً!!
وهذا يعني انتقال الآخر إلينا وليس انتقالنا إلى الآخر...
يعني تأثرنا بالآخر وليس تأثيرنا في الآخر.
يعني عالمية ما عندهم وليس ما عندنا!!
إنه أشبه بالاجتياح...اجتياح الكبير للصغير، والقوي للضعيف، والغني للفقير... اجتياح مشاريع الآخرين لحضارتنا وثقافتنا، وتراثنا.. إنها استرقاق كلي ولكن تحت غطاء عصري مزيف، وشعار براق مكذوب!
إنها السقوط في الأفخاخ المنصوبة، وبالتالي ضياع الهوية والشخصية.
وينبغي هنا أن نفرّق بين العولمة والعالمية: فالإسلام دين عالمي، ويحمل مشروعاً عالمياً، إنما لا يعولم العالم على غرار ما تفعله القوى الصهيونية والأمريكية بمعنى أنه لا يفرض ثقافته وفكره قسراً على الآخر.
والطامة الكبرى أن العولمة لا تواجهنا بشكل صريح، ولو كان كذلك فيمكن أن نحترز منها، ونتصدى لها، لكن العولمة تتسلل تسللاً إلى واقعنا، وهنا مكمن الخطر.
أدوات ووسائل العولمة
تقف وراء العولمة أسباب ووسائل كثيرة، متطورة، ومتكاثرة من ذلك:
وسائل الاتصال(الإنترنت، الهاتف بأنواعه، الثابت والمتحرك، التلكس، الفاكس).
وسائل الإعلام: ( المرئي "الأرضي الفضائي"، المسموع، المقروء "صحف مجلات وكالات أنباء").
وسائل التثقيف: (المعاهد والجامعات، مراكز البحوث والمعلوماتية، دور النشر، الكتب) ،(الأفلام).
القوى ذات التأثير العالمي
هنالك ثلاث قوى رئيسة ذات تأثير وفاعلية عالمية، بالرغم من تفاوت حجمها، وهي:
أولاً: الرأسمالية والمتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية.
ثانياً: الصهيونية.
ثالثاً: الإسلام والمتمثل بالعالم الإسلامي عموماً والساحة الإسلامية خصوصاً، والذي يخطط للعصر الإسلامي.
ونتناول ذلك بالتفصيل في الاعداد القادمة إن شاء الله.