السؤال :
ما حكم طلب المسلم من أخيه المسلم الدعاء ممن يتوسم فيه الخير ، ويكون ذاهباً إلى الحج أو سفر غيره ، فيطلب منه الدعاء له بظهر الغيب لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أثنى على أويس ، وحث الصحابة رضوان الله عليهم على طلب الدعاء منه حديث أويس القرني أخرجه مسلم رقم 2542 وهل كره شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك ، وخص الحديث بأويس ، أفيدونا وفقكم الله .
الجواب:
الحمد لله
طلب الدعاء من الرجل الذي ترجى إجابته إما لصلاحه وإما لكونه يذهب إلى أماكن ترجى فيها إجابة الدعاء كالسفر والحج والعمرة وما أشبه ذلك ، هو في الأصل لا بأس به ، لكن إذا كان يخشى منه محذور ، كما لو خشي من اتكال الطالب على دعاء المطلوب ، وأن يكون دائماً متكلاً على غيره فيما يدعو به ربه ـ أو يخشى منه أن يُعجَب المطلوب بنفسه ، ويظن أنه وصل إلى حد يطلب منه الدعاء فيلحقه الغرور ، فهذا يمنع لاشتماله على محذور وأما إذا لم يشتمل على محذور فالأصل فيه الجواز لكن مع ذلك نقول لا ينبغي ، لأنه ليس من عادة الصحابة رضي الله عنهم أن يتواصى بعضهم بعضاً بالدعاء ، وأما ما يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر : ( لا تنسنا يا أخي من صالح دعائك ) أخرجه أبو داود رقم 1498 ، والترمذي رقم 3557 فإنه ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما سؤال بعض الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء ، فمن المعلوم أنه لا أحد يصل إلى مرتبة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا فقد طلب منه عكاشة بن محصن أن يدعو له فجعله من الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ، فقال : أنت منهم أخرجه البخاري رقم 6541 ، ومسلم رقم 216، 218 ، 220 ودخل رجل يسأله أن يسأل الله الغيث لهم فسأله أخرجه البخاري رقم 1013 ، ومسلم رقم 897 .
وأما إيصاء النبي للصحابة أن يطلبوا من أويس القرني أن يدعو لهم فهذا لا شك أنه خاص به ، وإلا فمن المعلوم أن أويساً ليس مثل أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ، ولا غيره من الصحابة ، ومع ذلك لم يوص أحداً من أصحابه أن يطلب من أحدهم أن يدعو لهم .
وخلاصة الجواب أن نقول : إنه لا بأس بطلب الدعاء ممن ترجى إجابته ، بشرط ألا يتضمن ذلك محذوراً ، ومع هذا فإن تركه أفضل وأولى .
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين /212