دراسة الشخصيات في السورة16
ج- الشكر في السراء
ومن المعالم البارزة في شخصية نبي الله يوسف عليه السلام بالإ ضافة إلى الصبر في الضرآء الصبر في السرآءو الشكر وقد سبق ([1]) البيان أن الصبر في السرآء أصعب من الصبر في الضرآء وقد تجلت هذه الخصلة عندما خرج يوسف عليه السلآم من السجن وإذا هو على خزائن الأرض فلم يزده أإلا تواضعا واستكسارا لله تعالى ورد تلك النعمة إلى الله تعالى , وكذلك عندما جاء أبواه وإخوته وسجدوا له قال تعالى { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنْ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(100))}([2]) }
فقال ضارعاً الى الله تعالى شاكراً له أراد الفضل كله له { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ(101}([3])
هكذا يتعامل القرآن الكريم مع قصةيوسف عليه السلام تعاملا يظهرالشخصية القدوة التي تضل في حياتها كلها الشخصية التي لاتخرج عن منهج الله قيد أنملةفي جميع تقلباتها صابرة شاكرة راضية سيرة الإنسان الكامل الذي ينبغي أن يكون قدوة لكل من أراد أن يكون نموذجاً كاملاً يسعد في دنياه وفي أُخراه " إن مادة القرآن الكريم التي يعمل فيها هي الأنسان ذاته ، تصوره واعتقاده مشاعره ومفهوماته سلوكه وأعماله ، وروابطه وعلاقاته "([4]) "والإهتمام بالإنسان ركيزة أساسية في العملية الإعلامية باعتبارها إحدى الظواهر الإجتماعية الضرورية لاسترارنمو الحياة البشرية وازدهارها ، والقرآن موجه للإنسان أساساً " ([5]) " فالإنسان هو هدف جميع وسائل الإعلام على اختلاف أشكاها ومشاربها" ([6]) وإذا كانت السورة قد نزلت للتأثير على النبي صلى الله عليه وسلم في مرحلة - خطيرة من مراحل حياته - وترفــــع من معنــــويته وقد تولى الله رعايته في حياته كلـــها فإن غيـــــره من بــــاب أولى ، قـــــال تعـــالى : {الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ([7]) }(5)
C
"القرآن وإن اتفقت معه وسائل الإعلام في التوجيه للإنسان واتخاذه ميداناً للعمل فإنه يختلف عنها في سعة مساحة العمل ، ودائرة التوجيه وهي قبل ذلك لاتدانيه في الغاية والنتيجة كما يختلف عنها في المصدر والمضمون ، فهـــي وســــائل بـــشرية متصفة حتماً بما يتصف به البشر من قــــــــــصور في الإدراك ومحدودية في العلم ولاتخلو من أهواء ونزوات لاتنفك عنها غالباً وفكر البشر مالم يستنر بالوحي الإلهي مضنّة للضلال([8]) " لابد من منهج متفرد للأمة الإسلامية التي أراد الله لها أن تكون الأمة الرائدة القائدة صاحبة المنهج المعصوم المنقذ للبشرية جمعا ، إنها خيانة أن تفرِّط الأمة الإسلامية برسالة الله التي جاءت إلى العباد لتنقذهم من الشقاء المتأصل ؛ منهج متفرد لجميع شئون الحياة ؛ أما الذوبان في الحياة الجاهلية دون تميز الغد من المسلمين فليس ذلك من سمة الأمة المنقذة الهادية .
" إن اندماجهم وتميعهم في المجتمع الجاهلي ، وبقاءهم في ظل القيادة الجاهلية يذهب بكل السلطان الذي تحمله عقيدتهم وبكل الأثر الذي يمكن أن تنشئه دعوتهم وبكل الجاذبيةالتي يمكن أن تكون للدعوة الجديدة ، وهذه الحقيقة لم يكن مجالها - فقط - هو الدعوة النبوية في أوساط المشركين .. إن مجالها هو مجال هذه الدعوة كلما عادت الجاهلية فغلبت على حياة الناس .. وجاهلية القرن العشرين لاتختلف في مقوماتها الأصلية وفي ملامحها المميزة عن كل جاهلية أُخرى واجهتها الدعوة على مدار التاريخ ، إن الذي يرى التميع والتدسس الناعم من خلال تلك المجتمعات لايدرك طبيعة هذه العقيدة ولا كيف ينبغي أن نطرق القلوب " ([9]) " إن الوظيفة الإجتماعية في الإعلام الإسلامي تقوم على أساسين كبيرين هما : (البناء في كل جوانب الحياة ، والإلتزام بمنهج الله في هذا البناء باصطحاب معايير الرفض والقبول التي حددها الشارع الحكيم " ([10])ومن هنا كان الصدور عن القرآن الكريم أو مدرسةالنبوة كلها في استنباط مناهج الإعلام الإسلامي وأساليبه ممايهئ للمسلمين امتلال ناصبة الإعلام وتسخير طاقاته الكبيرة في نشر كلمة الله وصولاً إلى مجتمع إنساني راشد([11]) إلى جانب القوة التي تبني ذلك المنهج وتحرسه من المناهج الجاهليةومن المفسدين في الأرض "وتحميه لئودي دوره البنائي والمعياري([12]) في مأمن من القوى المضادة التي تخافه وتخشاه ،"لقدكشفت سورتا البقرة وآل عمران عن طبيعة الأعداء بإعلام الجماعة المسلمة عن كل شئ في طبيعة أعدائهاإلى جانب بناء المجتمع السليم في جميع مناحي حياته وكذلك جميع القرآن الكريم فإنه قد ركز على هذين الجانبين العظيمين وأشبعهماولم يبق مزيدا لمستزيد .
وقدلخصت الأية الكريمة {وماآتاكم الرسول فخذوه ومانهكم عنه فانتهوا} هذين الجانبين أيماتلخيص وأجملته أيما إجمال، لكن ضابط الإيمان أساس ركين لهذافإنه بدون الإيمان كالنورللأعمى لايتأنى له الإبصارمنه .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - ص1 3 .
[2] - سورة يو سف
[3] سورة يوسف
[4] - سيد قطب - في ظلال القرآن ، مرجع سابق 1 / 259 .
[5] - سيد محمد ساداتي - مفاهيم إعلامية من القرآن الكريم ، مرجع سابق ص41 .
6] ] -شاكر إبراهيم - الإعلام ودوره في التنمية [ ليبيا-المنشأة الشعبية - الثانية ]ص185
- خالد رشيد علي الشيخلي - الإعلام العربي واقعه وابعاده ومستقبله [ بغداد - دار الحربة .. ] ص85 .
[7] - سوةر إبراهيم
[8] - د. سيد محمد ساداتي - مفاهيم إعلامية ، مرجع سابق ص43 .
[9] - سيد قطب -في ظلال القرآن ، مرجع سابق 4 / 2034 بتصرف يسير .
[9] - سيد محمد ساداتي -مفاهيم إعلامية ، مرجع سابق ص 71 بتصرف يسير
- د. إبراهيم إمام الإعلام الإسلامي .. مرجع سابق ص 131 .
- سيدمحمد ساداتي - مفاهيم - مرجع سابق ص70.
[11] - سيدمحمد سادتي ـــ مرجع سابق ص70
[12] - محمدكمال الدين امام - النظرةالإسلامية للإعلام {دار البحوث العلمية 9181م بدون )ص148.كلاهما يتعرف