الشراكة العربية في جريمة غزة!!
نحن اليوم-بلا مواربة-في مرحلة الاشتراك العربي في المجازر الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني المؤمن وبخاصة في قطاع غزة الصامد!!
والمشاركة المقصودة في هذه الجرائم لا تعني دخول جنود عرب إلى جانب جيش الاحتلال، باستثناء عصابات دحلان وأجهزة البطش في السلطة الفلسطينية الكرتونية، وإنما أصبح كثير من العرب يجاهرون بالانحياز السياسي إلى العدوان اليهودي تحت راية زائفة هي الخصومة مع حركة حماس.مع أن الاعتداءات تقع على الشعب كله بما في ذلك أراضي الضفة الغربية التي تقع –نظرياً-تحت يد سلطة عباس وشركائه!!
فمستشار محمود عباس لم ينتظر انتهاء حمام الدم الفلسطيني في غزة اليوم بالقصف الجوي والمدفعي الصهيوني، بل إنه سارع ليعبر عن الشماتة ببني جلدته، ويقدم للمجرم الغاصب ذريعة ومبرراً لعدوان بشع، اضطر حتى الاتحاد الأوربي إلى النأي بنفسه عن جريمة الإبادة المكشوفة الجارية.
وبعض العرب تواطأ بتضليل أهل غزة بحديثه المكذوب عن تجديد التهدئة مع تل أبيب!!
والحقيقة، أن الموقف العربي (الرسمي) من محنة الشعب الفلسطيني، عبر ستة عقود من عمر النكبة ، مرّ بثلاث محطات أو مراحل مختلفة.
فقد كانت البداية مرحلة القتال المباشر ضد العدو اليهودي عام1948م، عندما دخلت الجيوش العربية في مواجهة مسلحة مع عصابات الصهاينة، على ما اكتنف تلك المرحلة من قصور نتيجة تخلف الجيوش العربية الناشئة حينئذ مع ضعف تسليحها وقلة تدريبها، فضلاً عن خيانة بعض القادة من الساسة والعسكريين.وفي تلك المرحلة وقعت هزيمة1967م بكوارثها وتداعياتها وكانت حرب رمضان 1393(1973م) استثناء لم يكتمل.
في المرحلة الثانية بدأت رحلة الاستسلام للمشروع اليهودي التوسعي انطلاقاً من اتفاقات كامب ديفيد، ليصبح الموقف العربي الرسمي الفعلي في مقاعد المتفرجين على معاناة شعب فلسطين المجاهد، مع إصدار بيانات الشجب اللفظي والتنديد الصوتي.
أما المرحلة الحالية فهي الأشد انحداراً وقبحاً، علماً بأنها نقيض ذلك على المستوى الشعبي!!فقد كان الدور غير الرسمي شبه غائب في فترة الحروب العسكرية التقليدية، ثم ظهر على السطح في مواجهة الاستسلام ومساعي التطبيع، وبلغ ذروته في المرحلة الثالثة، حيث بات هو الدور الفاعل من خلال المقاومة الفعلية التي تقوم بها فصائل مجاهدة لا تشبه الجيوش النظامية في التسلح ولا في الحركة وأساليب القتال...وكذلك غدا الدعم الشعبي أكثر بروزاً ونجاعةً.وكأن الدرس المستفاد هو أن هنالك تناسباً عكسياً بين الأداءين: الرسمي والشعبي!!
إن شلال الدم الذي تدفق في غزة هذا اليوم، لن يذهب هدراً، فهو-على مرارته-شهادة وفاة نهائية لكل مشاريع الرضوخ للإملاءات اليهودية المدعومة بتواطؤ صليبي يسمى المجتمع الدولي!!
أجل فقد سقطت مؤامرات التسوية التي تعني تصفية ما تبقى من القضية الأم، بإقامة كيان هزيل عميل يحمي العدو ويبطش بمن يبقى من أبناء فلسطين تحت قبضته.وليس أدل على ذلك من عجز فلول تلك الأجهزة عن إزالة قوى المقاومة واضطرار العدو إلى القيام بمحاولتها بطيرانه ومدفعيته.
وكم يحزن المرء وهو يتابع ردود فعل العرب رسمياً على أحدث صفحة دموية يهودية، بالتداول في عقد قمة عربية لن يتكون-إذا عقدت-سوى موسم خطابي للمزايدة والتنابز وتبادل الاتهامات...
وكيف يكون للعرب وزن يحسب له الآخرون حساباً، ما دامت بعض بلدانهم متمسكة بعلاقاتها الدبلوماسية مع كيان العدوان الهمجية؟مع أن هذه الدول على استعداد لحشد جيوشها ضد أشقائها إذا تطاول شخص فيها على ذات الحاكم الذي يرى في نفسه ما رآه فرعون:ما علمتُ لكم من إله غيري!!
أفليس قطع العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها مع الدولة الصهيونية فوراُ يمثل أضعف أضعف الإيمان في هذه المرحلة؟أوليس فتح الحدود أمام الشعوب لتقديم المساعدة لأهلنا في القطاع الأسير تعد الحد الأدنى لكي نحترم أنفسنا فنجبر العدو على احترامنا؟
موقع المسلم