عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ:اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"
إِنِّي لَأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا هَذَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ".
فَقَالَ الرَّجُلُ:
هَلْ تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ .
رواه أبو داود في سننه (4781)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود(4781).
يقول محمد شمس الحق آبادي في عون المعبود:
( وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ ) : هِيَ مَا أَحَاطَ بِالْعُنُقِ مِنْ عُرُوقٍ يَقْطَعُهَا الذَّابِحُ ، جَمْعُ وَدَجٍ بِالْحَرَكَةِ ، وَقِيلَ هُمَا عِرْقَانِ غَلِيظَانِ عَنْ جَانِبَيْ نَقْرَةِ النَّحْرِ.
( لَوْ قَالَهَا هَذَا ) : أَيِ الَّذِي احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ ( لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ ) أَيْ مِنَ الْغَضَبِ .
( أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) : بَدَلٌ مِنْ كَلِمَةٍ.
( هَلْ تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ ) : قَالَ النَّوَوِيُّ : هُوَ كَلَامُ مَنْ لَمْ يَفْقَهْ فِي دِينِ اللَّهِ وَلَمْ يَتَهَذَّبْ بِأَنْوَارِ الشَّرِيعَةِ الْمُكَرَّمَةِ وَتَوَهَّمَ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْجُنُونِ ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْغَضَبَ مِنْ نَزَعَاتِ الشَّيْطَانِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ كَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَوْ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ . انْتَهَى .