راحل
انا راحلٌ
انا راحل عنكم وشيكاً يابني الارضِ
ولكم تاركٌ كلَّ انواع الريادة
ارتدي الصحراء كنتُ
ودموعي لي كانت وسادة
ارتدي المي وحرمان الليالي والسهادة
نعشي بيدي
يقبعُ جنبي
مشنقتي على صدري قلادة
انا راحلٌ
انا تاركٌ ثوباً من رمالٍ
البستمونيه حين مخاضات الودلاة
انا راحلٌ
فخذوا إرثي بعد موتي
صلاةً وطقوساً من عبادة
انا راحلٌ
انا تاركٌ بلدانكم القفراء التي
لم ترَ الحب يوماً
لم ترَ الحقَّ يوماً
لم ترَ الخير يوماً
لم ترَ العدلَ يوماً
ولا طعمتْ طعم السعادة
انا راحلٌ عن او طانكم التي
لم يبق فيها سوى الذي قد أساء في الناس القيادة
والسيادة
انا راحلٌ
فخذوا إرثي انيناً
على بعضِ حضاراتٍ مُبادة
انا راحلٌ انا
انا تاركٌ ورودَ جنائنكم
زهور حدائقكم
قصور مدائنكم
كنوزَ خزائنِكم
انا لا احبُ الورود التي تذوي وتذبل
انا تاركٌ نساءكم اللواتي بالعفاف كفرنَ
وعشقنَ النُكرَ المُسفّلْ
انا لاا حبُ النساء اللواتي من دونما سببٍ
تحقدُ ، تزعلْ
انا راحلٌ عن جمالٍ لا وجودَ لهُ
لا بقاء لهُ
لا صلاةَ لهُ
اذا ما الحقُ اقبلْ
اذا ما الحبُ اقبلْ
اذا ما العدلُ إقبَل . أقفَلْ
أنا راحلٌ عن صلاةٍ لا صلاة بها
لا عيون لها
لا قلوب بها
لاخشوعَ ولا خضوعْ
لا ورع ولا دموعْ
وعند الله لاتُقبل
انا راحلٌ عنها
فما نفعُ صلاةٍ بها امّةٌ تُقتَلْ
انا راحلٌ عن شرٍّ مجحفلْ
انا راحلٌ
انا لن اعود
انا لن اعودَ الى الوعودْ
لا ولا الى زيفِ المشاعر والعهودْ
انا راحلٌ
عن اكاذيب الامل
انا راحلٌ
عن بشرٍ سامني الذلَّ
والحرمانَ
والإلغاءَ
والتشريدَ
حزَّ نَحري بأبشع منجلْ
راحلٌ عنكم
وعن دارٍ
مذ ولادتي لم تهللْ
فرحاً بيْ وتقبلْ
انا راحلٌ
لا تقفوا دوني
لا تمنعوا سعادتي برحيلي
لستُ اقبلْ
فذا هو قُدّاميَ الموتُ أقبَلْ
أهٍ
واُوّاهٍ
والفُ أهٍ
وآهاتٍ
من سنيناً قضيتُها معكم الماً
دهوراً طال عذابُها
خبرتُ تفاهتها .. بشاعتَها
ما منه علمتُ واجهلْ
اُممٌ منذ قابيلَ تعادتْ
وتناحرتْ
غاصتْ بدماء بعضها
ولم تزلْ تدّعي أنها الامثلْ
ايُّ امثلْ !
بسفكٍ دماء الناسٍ بربكَ قل لي ايُّ امثلْ
ايُّ امثلْ ايُّ امثل
وما النفطُ في بلداننا إلا نتاجُ ، حصادُ
رفاتِ آلافِ آلافِ الانامِ ممن قُتِّلوا
غابرَ الزمان الاولْ
على هذا فالنفطُ سحتٌ إذَنْ ليس مُحلّلْ
........
نتصارعُ .. نتذابحُ كلٌُ يريدُ نشرَ حضارتهِ
بالسيفِ ، بالنارِ ، بالاحراقِ
بالغدرِ بالتزويرِ
والتضليلِ يدّعي انها الاكملْ
ايُّ حضارةٍ تلك التي تقومُ على سفك الدماء
تكونُ هي الاكملْ !
ليت شعري
ايةُ حضارةٍ منها
شعارُها القتلُ تريدنا يا صاح نقبلْ
انا راحلٌ انا عن بشرٍ
كلما جاءهم ذِكْرٌ ونبيٌّ قتلوه
او جاءهم فكرٌ قويمٌ ذبحوه
او قام في الناس ( خليلٌ ) حرّقوه
او ساد في الناس ( مسيحٌ ) صلبوه
او كـ ( موسى ) في يهودٍ عذبوه
ثم في التيهِ سنيناً شرّدوه
او يوسف في غيابةِ الجبِّ بمكرٍ نبذوه
او محمد الاسلامِ كم من رزايا جرّعوه
ثم حين في فراش الموت بدواةٍ دعا
وقرطاسٍ
يكتب الاصلاح لهم فيه ، منعوه .. !
تسلني عن حضاراتِ قتلِ الرُسلْ
لا تسلْ
ودَعْ عنك ما منه يأتيك ضلالٌ وشللْ
....
انا راحلٌ انا
عن اُناسٍ
كلما جاءهم ربٌّ كفروه
او كتابٌ زوّروه
او هدىً من الله قويمٌ أنكروه
انا راحلٌ انا
عن حضاراتِ ما تدّعون
وبها زوراً وبهتاناً تفخرون
انا راحلٌ عنها
ما انا راضٍ بها
لستُ اقبلْ
بحضاراتِ سفك دماء الناس
اني لستُ اقبلْ
ومن يرضى بحضاراتِ الشياطين مغفّلْ
.....
انا راحلٌ وفي عيني قذى
على اممٍ
يقودها الى النارِ
إما عُزّى ، او هُبَلْ
على اممٍ آلتْ على نفسها
أنْ بالسِّلمِ والحبِ والحقِ والعدلِ
والرحمةِ ..
آلتْ على نفسها انْ سوى الظلم لا تقبلْ
انا راحلٌ انا
انا تاركٌ فيكم شياطين الانس والجنِّ
قياداتٍ ، دياناتٍ ، حضاراتٍ تُجَلَّلْ
حلالُ الله تحرِّمْ
وحراماتٍ تحلِّل
عندكم تغدو بدلَ الله أرباباً تُبجَّلْ
من لمثل تلك الحضاراتِ يطبِّلْ
ويزمرْ
ويهللْ
غير ساقط الفكر بليد بل وأهبل
.....
انا راحلٌ انا
انا راحلٌ وفي عيني دموعْ
ليس في دربي شموعْ
ليس لي بعدُ رجوعْ
ورحيلي في خشوعٍ وخضوعْ
مثلما العبدُ اذا صلى وتبتَّلْ
....
انا راحلٌ انا
انا تاركٌ إرثي بعضَ اوراقٍ
وافكارٍ
وآلامٍ ، ودموعٍ تندي من بعدي تظل
..
انا راحلٌ عن عُتمةِ الدنيا وعن الحق المكبَّلْ
انا راحلٌ عن عتمة الدنيا وعن العدل المضلَّل
انا راحلٌ عن عتمة الدنيا وظلمٍ كان فيها
منذ آزالِ الازلْ
منذ الاُوّلْ
لم يزلْ
كلما حاول اللهُ يفنيه اعتدلْ
كلما يفصلْهُ عنكم ما انفصلْ
.. عجبي كيف يهوى الناس عيشاً
في ظلامٍ وضلالٍ لا يرون !
عجبي ما حكمةُ اعطانا اللهُ عيوناً ومُقلْ
عَبَثٌ هذي المقلْ !
عبثٌ ضوءُ النهارْ !
عبثٌ !!! ؟
بل عبثٌ نحن إذ اخترنا الفشلْ
عبثٌ إذ اخترنا الظلامَ في جوف حُفَرْ
وتهالكنا تنافسنا عليها
وتكاثرنا ، تناسلنا ، تبادلنا القُبلْ
وتقاتلنا على بعض جحور
وتسافلنا في الضلال والظلام
ولم نرتقِ للنورِ جبل
ولعمري فما في العين شلل
انما ِسرْنا بجهلٍ مغمضين عن كلِّ نبيلٍ مُكتَمَلْ
.....
انا راحلٌ انا .. مختلعٌ عن كلِّ خطَلْ
انا راحلٌ انا يا بني الظلمِ الظلومْ
انا راحلٌ فدعوا الناسَ تقومْ
فدعوا الناسَ عن الظلم عن الجور تصومْ
في رحمة الله تتنعمْ
وتعوم
وبها دوماً تدومْ
لا تقسروا الناس على درب الزللْ
ودعوا الناس تقوم ُ نحو الذي فيها الى الخير يقوم
...........
انا ..
يا أنا ، ويا طفلي َ في جوفي البرئ
دَع الناسَ تُضامْ
وعلى الضيمِ تنامْ
فما دام مدى التاريخ ظلامْ
وما دام مدى التاريخ طُغامْ
فلو داوم في ذبح الحسينِ ذاك يزيدْ
فلَمَا جاء الوليدْ
ولَمَا جدَّ في كلِّ عصرٍ من جديدْ
ولَمَا جدَّ جديدٌ في المِللْ
إنَّ في تقلباتِ الدهرِ يا طفلي ميلادُ النِّحلْ
آهِ آهٍ من ضلالاتِ النِّحلْ
الفُ دينٍ دون دين
الفُ ربٍّ دون تقوى قد أطلّ
الفُ مشورعٍ ، وفكرٍ ، وعِظاتٍ
دون وعيٍ تُعتقلْ
......
أهٍ ........
مَللْ
مَللٌ مَللٌ مَللْ
ان يعيشَ المرءُ بين اشرارِ مَللْ
خطبٌ جَلَلْ
....
انا راحلٌ انا
انا تاركٌ فيكم خطابا ...
حققوا شرطَ الحكمةِ في انفسكم
يكفُّ الظلمُ عنكم .
وتنتحرُ الجريمةْ
انا راحل فاقرأوا على قبري كتابي
كرروا السبع المثاني
يرتجف القبر ويرتد الاجل
مع كل الموده والاحترام لجميع الاخوه