قصيدة فتح مكة لأحمد محرم شرح مفصل لقصيدة فتح مكة لأحمد محرم قصيدة فتح مكة لأحمد محرم
فتح مكة ( لأحمد محرّم 1 –
1- الله أكبر جاء الفتح وابتهجت* للمسلمين نفوس سرّها وشفى .
يستهل الشاعر أبياته بالتكبير ، وهو دعاء المسلمين وتهليلهم في كل فرحة ، فالله أكبر من كل كبير ، وأعظم من كل عظيم ، وهو القادر الذي هيّأ هذا الفتح ، ومنَّ على الإسلام والمسلمين، ففرحوا له ، وشفوا نفوسهم مما كابدته طوال سنوات الهجرة إلى المدينة ، ومكائد الكفار محيطة بهم .
2 – مشى النبي يحف النصر موكبه* مشيعاً بجلال الله مكتنفا .
يصور الشاعر النبي صلى الله عليه وسلم في جلال النبوة ، وقد دخل مكة منتصراً محاطاً بجلال الله وعظمته ، فالنصر قد جاءه من عند الله ، ومن كان الله ناصره فلا غالب له .
3 – أضحى أسامة من بين الصحاب له* ردفاً فكان أعزّ الناس مرتدفا
وقد دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة على ناقته مردفاً أسامة بن زيد خلفه ، وفي هذا شرف كبير له أن يكون رديف رسول الله ، وهو أعز الناس وأعظمهم .
4 – لم يبق إذ سطعت أنوار غرّته* مغنى بمكة إلا اهتز أو وجفا
وهنا يشخص الشاعر مكة فيتخيلها كائناً حياً ، إنساناً ينبض بالإحساس .. ماأن يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة ويشرق عليها بنور غرته ، حتى يفرح المسلمون ، وتضطرب أرجاء مكة فرحاً وطرباً لقدومه .
الصورة البيانية : شبه المكان ( المغنى ) بإنسان يشعر ويهتز . ذكر المشبه ( المغنى ) وحذف المشبه به ( الإنسان ) لكنه ذكر خاصة من خصائصه ( اهتز ) فالصورة استعارة مكنية .
وفي البيت كناية عن شوق كل مكان في مكة للقاء رسول الله .
5 – تحرّك البيت حتى لو تطاوعه* أركانه خف يلقى ركبه شغفا
والبيت الحرام قد اشتاق للرسول صلى الله عليه وسلم اشتياق الحبيب لحبيبه ، وعبّر الشاعر عن هذا الشوق بتشخيص البيت بإنسان يتحرك ويسرع للقاء الحبيب ، ولولم يكن جماداً لكان قام حقاً لاستقباله والترحيب به .
الصورة البيانية : شبه البيت الحرام بإنسان يتحرك . ذكر المشبه ( البيت الحرام ) وحذف المشبه به ( الإنسان ) لكنه ذكر خاصة من خصائصه ( تحرك ) فالصورة استعارة مكنية .
وفي البيت كناية عن شدة شوق البيت للقاء رسول الله .
6 – وافاه في صحبه من كل مزدلف* فلم يدع فيه للكفار مزدلفا
هنا يصف الشاعر دخول الرسول إلى مكة من جميع أطرافها وإحاطته بالبيت الحرام هو وأصحابه من جميع جوانبه .. وطافوا به ، فزالت دولة الشرك ، ولم يعد مكان وهروب للكفار
( الفاعل في فعل وافاه ضمير مستتر يعود على الرسول ، والهاء تعود على البيت )
7 – العاكفون على الأصنام أضحكهم* أن الهوان على أصنامهم عكفا
في هذا البيت تشخيص للهوان وتشبيهه بالإنسان الذي يعكف على الأصنام ويعبدها ، وفيه كناية عن عجز الأصنام ، وعمّا لحق بها من ذلٍّ وهوان ، كما أن فيه سخرية واستهزاء من الكافرين الذين عبدوا الأصنام وتقربوا إليها ورجوا عونها ، فإذ بهم الآن ينقلبون ضاحكين من عجزها وضعفها ، ومالحقها من الذلة والهوان ، فبعد أن كانوا يحيطون بها ويعبدونها ، أصبح يحيط بها الهوان، وفي هذا قمة السخرية والاستهزاء .
8 – كانوا يظنون ألا يستباح لها* حمى فلا شمماً أبدت ولا أنفا
وقد كان هؤلاء الكفار في السابق يظنون أن هذه الأصنام تستطيع حمايتهم وحماية نفسها ، فتقربوا إليها وعبدوها ، فإذ بهم يكتشفون عكس ذلك ، وإذ الأصنام عاجزة حتى عن حماية نفسها، فكيف تحميهم ؟ لحقها الذل والهوان فلم تستطع أن ترده ، لم تبد العزة والكبرياء ، ولم تستطع فعل شيء يرد عنها الهوان .
في البيت كناية عن عجز الأصنام .
وفيه استعارة مكنية تشبيه للأصنام بالإنسان العاجز .
9 – نامت شياطينها عنها منعمة* وبات ماردها بالخزي ملتحفا
الشياطين التي كان يظن أنها تحمي هذه الأصنام قد غفلت عنها ، حتى أنها نامت منعمة لا يشغلها التفكير بها ، أمّا ماردها وكبيرها هبل فقد كسره الرسول وكبّه على وجهه ، ملتحفاً ( مغطى ) بالخزي والعار
في البيت استعارة مكنية : تشبيه الخزي بقماش يلتف به .
وفيه كناية عن عجز الأصنام .
10 – هوت تفاريق وانقضت محطمة* كأنها لم تكن إذ أصبحت كسفا
تلك الأصنام التي كانت منتصبة أصبحت بعد تحطيمها ملقاة قطعاً صغيرة على الأرض هنا وهناك ، وتفرقت بدداً ولم يعد لها حول ولا طول ، وكأنها لم تكن شامخة من قبل .
11- لم يبق بالبيت أصنام ولا صور* زال العمى واستحال الأمر فاختلفا
12- للجاهلية رسم كان يعجبها* في دهرها فعفت أيامها وعفا
بانتصار الإسلام والحق زالت الجاهلية .. زالت أطلالها وآثارها .. زالت معتقداتها الباطلة التي سادت لفترة من الزمن وأعجب بها أصحابها ، وبدخول الإسلام اندثرت ولم يعد لها أثر .
في البيت استعارة تصريحة : شبه الضلال بالعمى . حذف المشبه وصرح بلفظ المشبه به .
13- لاكنت يازمن الأوهام من زمن* أرخى على الناس من ظلمائه سجفا
هنا شبه الشاعر الأوهام التي غلبت على عقول الناس بالسجف ( الستائر ) التي أرخيت على عقولهم فأخفت نور الحقيقة ، وجاء الإسلام فرفع هذه الحجب ، وظهر الحق واضحاً جلياً ، لذلك يدعو الشاعر بالهلاك على هذا الزمن الذي سادت فيه الأوهام .
في البيت تشبيه بليغ : شبه الظلماء بالستار الذي يحجب الرؤية .
وفيه استعارة تصريحية : شبه الضلال بالظلام بجامع عدم الرؤية في كل منهما ، حذف المشبه الضلال وصرح بلفظ المشبه به ( الظلماء ) .
14- إن الشريد الذي قد كان يظلمه* ذوو قرابته قد عاد وانتصفا
يقصد الشاعر بالشريد الرسول صلى الله عليه وسلم ، الذي أخرجه الكفار من مكة مهاجراً إلى المدينة، وقد عذّبته قريش كثيراً حين كان في مكة ووقفت في وجه دعوته ، وهو من قريش نفسها ، واليوم في فتح مكة قد عادت إليه حقوقه بعد أن ظلم فيها وهاجر عنها .
15- ردّ الظلامة في رفق وإن عنفوا* ولو يشاء إذن لاشتد أو عنفا
16 – إن الرسول لسمح ذو مياسرة* إذا تملّك أعناق الجناة عفا
والرسول صلى الله عليه وسلم لاتأخذه نشوة النصر فيتكبر ويشتد ، ويرد على الكفار بالمثل، وهو يتصف بالحلم والصفح ، فلم يحارب قريشاً بمثل ماحاربته ، بل كان رفيقاً بهم وعفا عنهم ، ( إذ قال لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء ) وكان بمقدوره أن يعاقبهم أشد العقاب ، لكنه يتصف بالعفو عند القدرة ، وهي من أبرز صفاته صلى الله عليه وسلم .
17- شكراً محمد إن الله أسبغها* عليك نعمى ترامى ظلها وضفا
18- وعد وفى لإمام المرسلين به* والله إن وعد الرُّسل الكرام وفى
وهذا النصر نعمة من عند الله عز وجل ، وعد رسوله الكريم به ، وقد وفى الله بوعده ، والرسول يشكر الله على هذه النعم العظيمة ، والله إن وعد رسله الكرام فإنه يفي بوعده . وقد شبه الشاعر هذه النعم لكثرتها بالأشجار الوارفة الظلال التي تفيض على الناس فيسكنون ويرتاحون إليها
في البيت استعارة مكنية : شبه نعم الله بالشجر الذي يمتد ظله . ذكر المشبه ( النعمى ) وحذف المشبه به ( الشجر ) لكنه ذكر خاصة من خصائصه ( ترامى ظلها )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ