وتجسدت تلك المبادىء من خلال الايات القرآنية حيث :
قال الله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة
والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ) القران المائدة 3.
ويضا قال الله تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) القران البقرة آية 173.
وهذا ما يتعلق بالمبدأ الاول بصحة الانسان وسيرد التفصيل العلمي لاحقا لبيان أثر الميتة والدم على صحة الانسان.
وقال الله تعالى ( ولا تأكلوا ممَا لم يُذكرْ اسم’ اللهِ عليه ) القران الأنعام آية 121.
وهذا ما يتعلق بالمبدأ الثاني بالانسانية وبالرفق بالحيوان في سياق قتل الحيوان وسيرد التفصيل
العلمية لاحقا لبيان اهمية التسمية في سكون الحيوان عند الذبح ونوعية اللحوم الناتجة.
اما التوجيه الالهي الملزم والواجب الاتباع فقد جاء في كتابه العزيز بقوله تعالى:
يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً عباده المؤمنين الذين ناداهم في مطلع هذه السورة العظيمة بقوله: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} القران سورة المائدة: آية 1
وايضا قوله تعالى : {"فاستمسك بالذي أوحي إليك انك على صراط مستقيم وإنه لذكر لك ولقومك
وسوف تسألون} القران سورة الزخرف 43.
التفسير العلمي للمبدأ القرآني الاول فيم يتعلق بصحة الانسان:
قال جل وعلا: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة
والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ) المائدة 3 .
و قوله تعالى: ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) البقرة 173.
فما هي الحكمة من تحريم أكل الميتة هذا التحريم القاطع ؟؟
تحـريم الميتـة. .
لقد ثبت علميا وبشكل مؤكد أن جسم الميتة في الحيوانات يحتبس فيه الدم وسمومه، وقد
يتخلل جميع الأنسجة اللحمية، وتبدأ السموم عملها في كل خلايا الجسـم، فتكتسب الميتة
اللون الداكن، وتمتلئ الأوردة السطحية بالدماء، وتتوقف الدورة الدموية دون أن يتسرب
حتى ولو قدر ضئيل من تلك الدمـاء إلى خارج الجسم، وتصبح بذلك الميتة كلها بؤرة فاسدة للأمراض،
ومجمعا خبيثا للميكروبات، ويبدأ التعفن في عمله فيهـا، ويعم أثره في اللحم لونا وطعما ورائحة،
فالميتة إذن ليست من الطيبات على الإطلاق ..( يسألونك ماذا أحل لهم، قل أحل لكم الطيبات )
(المائدة 4 ) كما أن الميتة يفقد لحمها كل قيمة لأن إنزيمات التحلل تبدأ عملها في الخلايا فتفقدها كل
قيمة غذائية، وعلى أية حـال فإن المسلمين يمتنعون تمـاما ومن قبل معرفة هذه الحقـائق العلمية عن
أكل لـحم الميتة اتباعا لأوامر الخـالق في كتـابه الكريم، لأنهم يؤمنـون أن مـا جـاء في هذا القرآن إنما
هو الحق المطلق الذي لا يتغير ولا يتبــدل .. (ومـا كـان هـذا القـرآن أن يفترى من دون الله ولكن
تصـديق الذي بين يديه وتفصـيل الكتـاب لا ريب فيه من رب العالمين) يـونس (37).
أنـواع المـيتـة. .
المنخنقـة
هي التي تموت بالخنق، إما قصدا، وإما عرضا كأن تتعثر مثلا في وثاقها فتموت، وقد ثبت علميا أن
الحيوان إذا مات مختنقا أي بمنع الأوكسجين في الدخول إلى رئتيه فإنه يتراكم في جسمه غاز ثاني
أكسيد الكربون السام، كما تتراكم جميع الإفرازات السامة التي تخرج عادة مع التنفس في عملية
الزفير، وهذه المواد إذا احتبست ولم تخرج عـادت لتمتـص في الجسم ويحدث التسمم في كل الأنسجة،
فتؤدي إلى الوفاة. وبالتالي فإن أكـل لحوم هذه الحيوانات معناه انتقال هذه المواد السامة إلى جسم
آكلها فتسبب أمراضا خطيرة، أيسر كثيرا من علاجها أن نتجنب أكل هذه اللحوم كما أمرنا العليم الحكيم. .
المـوقـوذة
الموقوذة هي التي تضرب بعصـا أو خشبة أو حجر حتى الموت، وهذه الحيوانات تفسد لحومها لتلف
الأنسجة، واحتوائها على الكثير من الميكروبات نتيجة احتقان الدم فيها وعدم ذبحها بالطريقة التي أمـر
بهـا الله جل و علا.
المتـرديـة
المتردية هي التي تموت من السقوط من مكان عال أو تسقط في بئر أو من جـراء حادث كصدمة
سيارة، وهذه الحيوانات تفسد لحومها وتتلف ولا تكون صالحة لغذاء البشر؛ لما تحتويه من جراثيم
وميكروبات تسبب أمراضا شتى. .
النطـيحـة
النطيحة هي التي تموت بسبب نطح حيوان آخر لها، وقد قال ابن عباس: " النطيحة هي ما نطحت
فماتت فما أدركته يتحرك بذنبه أو بعينه فاذبح وكل" ولحومها تحتوي على ميكروبات مختلفة نتيجة
موتها بهذه الطريقة وعدم تخلصها من الدماء الفاسدة. .
ما أكـل السبـع
وقد حرمت لحوم ما أكل السبع لحكمة إلهية عظيمـة، اكتشف الطب الحديث جانبا منها، حيث ثبت أن
الجراثيم والميكروبات التي تكون في أظافر السبع حين تنهش فريستها تنتقل إليها وتسبب أمراضا لمن
يأكل لحومها بعد ذلك، كما أن السبع أو الحيوانات البرية بشكل عام قد تكون مصابة بمرض تظهر آثاره
في فمه ولعابه، وينتقل بدوره إلى جسم الفريسة، فتتسبب في أضرار بالغة لآكل لحومها. .
تحريـم الـدم
فلنتعرف أولا على وظيفة الدم في جسم الكائن الحي: إن الدم يقوم في جسم الكائن الحي بوظيفتين:
الأولى أنه ينقل المواد الغذائية التي تمتص من الأمعاء مثل البروتينات والسكريات والدهون إلى
أعضاء الجسم وعضلاته، إلى جانب حمله للفيتامينات والهرمونات والأوكسجين وجميع العناصر
الحيـوية الضرورية. والثانية: هي حمل إفرازات الجسم الضارة في جسم الحيوان كي يتخلص منها مع
البول أو العرق أو البراز. فإذا كان الحيوان مريضا فإن الميكـروبات تتكاثر عادة في دمه، لأنها
تستعمله كوسيلة للانتقال من عضو إلى آخر، كما أن إفرازات الميكروب وسمياته تنتقل عن طريق الدم
أيضا، وهنا يكمن الخطر..لأنه إذا شرب الإنسـان الدم فستنتقل إليه كل هذه الميكروبات وإفرازاتها،
وتتسبـب في أمراض كثيرة مثل ارتفاع البولينا في الدم، مما يهدد بحدوث فشل كلوي أو ارتفاع نسبة
الأمونيا في الدم وحدوث غيبوبة كبدية.. وكثير من الجراثيم التي يحملها الدم تحدث في المعدة والأمعاء
تهيجا في الأغشية، مما يسبب أمراضا كثيرة لكل هذه الأسباب حتم الإسلام الذبح الشرعي الذي يقتضي
تصفية دم الحيوان بعد ذبحه وكذا حرم الله شرب الدم أو دخوله بأي شكل من الأشكال إلى الغذاء
الآدمي، وهذا قبل أن يخترع الميكرسكوب، وقبل أن يعرف الإنسـان أي شئ عن الجراثيم والميكروبات
(أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون) العنكبوت (4). .
تنقية اللحوم الحيوانية
يتضح مما سبق أن من الطبيعي أن يموت الحيوان بطريق الخطأ أو أن يقتل بأي من الحوادث المذكورة
أعلاه أو بطرق الذبح غير المشروعة من وسائل القتل المتبعة حاليا حتى لو غلفت ( بنص قانوني),
(ما لم يكن قد ذبح قبل أن يموت وحسب الشريعة), فهي كلها من جهة تنقية لحوم الحيوانات من الدم
الملوث هي وسائل مرفوضة علميا بنص القران الكريم.
1
تتم تنقية لحوم الحيوانات المذبوحة بالتخلص تماما من الجزء الاكبر من الدم غير الصافي أو الملوث
من خلال النزف بعد الذبح الصحيح وليس النزف حتى الموت الناتج عن طرق الذبح غير المشروعة
والتي تشكل الما كبيرا للحيوان أو الطير المذبوح.
2
جميع طرق الذبح غير المشروعة بإستخدام اي من طرق القتل أو التخدير المتبعة
يكون حكمها بالشريعة حكم االوفاة من الإصابات الناجمة عن الحوادث أي حكم "الميتة والدم ولحم
الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة" والتي يقابلها
في اللغة الانجليزية مصطلح pre slaughter stunning methods الذي أشرنا اليه
سابقا بعكس مصطلح الذبح حسب الشريعة.
3
جاءت تعبيرات القران الكريم بوصف الحال adverb وليس بوصف الفعل verb أي " الميتة ,
المنخنقة , الموقوذة , المتردية , النطيحة" بدلا من أمات , خنق ..الخ ولم يكن من الصعب على العلي
القدير اختيار التعبيرات والمصطلحات المناسبة وتشكيلها للدلالة على المعنى المقصود فوصف الحال
دلالة على أن الموت قد سبق النزف فهو داخلي ولم يتخلص منه الجسم أو أنه نزف حتى الموت ففيه
الالم الكبير للحيوان . وفي كلتا الحالين , فلا تحققت صحة الانسان ولا تمت الرأفة بالحيوان.
4
جاءت تعبيرات القرآن الكريم دقيقة حاسمة للدلالة على المعنى المقصود فالترجمة الحرفية لا تعطي
بالضرورة المدلول المقصود وهذه هي قوة اللغة القرآنية وبلاغتها فمثلا:
* الا ما ذكيتم: التذكية هنا هي الذبح التام والتسمية هنا واجبة فالذبح بدون التسمية هو قتل أي يقابلها
كلمة Or slaughtering Killing
• الذبح (الحلال) يعني التخدير وعدم الشعور بالالم Anesthesia ولا يقابلها بالمعنى المقصود
كلمة Stunning
• الذبح (الحلال) يعني الالية والنظام والقانون المحدد بالشريعة الالهية ولا يقابلها بالمعنى المقصود
كلمة Slaughter
• النزف الناتج عن الذبح حسب الشريعة لا يقابلها كلمة Bleeding فقد يكون النزف من غير موضعه المحدد
• القطع أي قطع الحلقوم والمريء والودجين اللذين يقعان في عنق الحيوان من جهة الحلقوم فلا
يقابلها كلمة Cut مجردة فقد يكون القطع من غير موضعه المحد.
• وهكذا فكلمة صوم لا يقابلها كلمة Fasting مجردة أي الامتناع عن الاكل فقط وكلمة صلاة لا
يقابلها كلمة Prayer فقد تكون الصلاة المقصودة هي لغير الله تعالى من غير المسلمين.
5
هذه هي نعمة من الله تعالى على المسلمين وعلى الحيوانات ايضا وضعها الله تعالى في كتابه العزيز
منذ اربعة عشر قرنا من الزمان بها مبدأين أساسيين وهي المحافظة على صحة الانسان ثم الرأفة
بالحيوان... ( ومـا كـان هـذا القـرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصـديق الذي بين يديه وتفصـيل
الكتـاب لا ريب فيه من رب العالمين ) يـونس (37).