طريقة ابداعية لحفظ القرآن الكريم
طريقة ابداعية لحفظ القرآن الكريم
هنالك أسئلة لا بد من الإجابة عنها قبل أن تبدأ بحفظ هذا القرآن، وليكون مشروعكمثمراً إن شاء الله، فلكل إنسان منا مشاريعه الخاصة في حياته، وقد يكون أفضل عمليقوم به هو حفظ كتاب الله تعالى.
مشروع للدنياوالآخرة
في البداية عليك أن تخطط جيداً لهذا المشروع الذي سيغيرحياتك بالكامل كما غير حياة من حفظ القرآن من قبلك. والتخطيط السليم لأي مشروعيقتضي منك دراسته جيداً، ودراسة فوائده ونتائجه، ودراسة أقصر طريق لتنفيذه. ومن دونذلك سوف يكون المشروع غير مثمر، وهذا سبب فشل الكثيرين ممن يحاولون حفظالقرآن.
لماذا أحفظ القرآن؟هذا سؤال ينبغي عليك أنتتوجه به إلى نفسك، وينبغي أن تكون الإجابة واضحة في ذهنك، فلماذا تحفظ القرآن؟وكلما كانت فوائد هذا العمل أكثر كلما كانت همتك أعلى واستطعت تحقيق الهدف بسهولة،فما هي فوائد حفظ القرآن الكريم؟
فوائد حفظ القرآنالكريم
1- بما أن القرآن هو كلام الله تعالى فإنك عندما تحفظ هذاالكلام في صدرك سيكون ذلك أعظم عمل تقوم به على الإطلاق! لأن حفظ القرآن سيفتح لكأبواب الخير كلها!
2- إن حفظ القرآن يعني أنك تأخذ على كل حرف عشر حسنات! وإذا علمت مثلاً بأن عدد حروف أقصر سورة في القرآن وهي سورة الكوثر 42 حرفاً، وهذهالسورة يمكن قراءتها في عدة ثوان، وهذا يعني أنك كلما قرأتها سوف يزيد رصيدك عندالله تعالى 420 حسنة، وكل حسنة من هذه الحسنات خير من الدنيا وما فيها!! وتأمل كممن الحسنات ستأخذ عندما تقرأ القرآن كله والمؤلف من أكثر من ثلاث مئة ألفحرف!!!
3- القرآن يحوي علوم الدنيا والآخرة، ويحوي قصص الأولين والآخرين،ويحوي الكثير من الحقائق العلمية والكونية والطبية والتشريعية، ويحوي أيضاً كلالأحكام والقوانين والتشريعات التي تنظم حياة المؤمن وتجعله أكثر سعادة. وهذا يعنيأنك عندما تحفظ القرآن إنما تحفظ أكبر موسوعة على الإطلاق!
4- هذا القرآنوالذي تحفظه وتحافظ عليه اليوم سيكون رفيقك لحظة الموت!! وسيكون المدافع عنكوالشفيع لك يوم يتخلى عنك أقرب الناس إليك. يقول صلى الله عليه وسلم: (اقرأواالقرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة)، وهل هنالك أجمل من لحظة تقابل فيهاالله تعالى يوم القيامة وأنت حافظ لكلامه في صدرك؟!
5- عندما تحفظ القرآنسوف تمتلك قوة في أسلوبك بسبب اللغة العربية الفصيحة التي تتعلمها من القرآن. سوفتصبح أكثر قدرة على التعامل والتحمل والصبر، لأن حفظ القرآن ليس مجرد حفظ لقصيدةشعر أو لقصة وأغنية! بل إنك عندما تحفظ القرآن إنما تحدث تغييراً في نظرتك لكل شيءمن حولك، وسوف يكون سلوكك تابعاً لما تحفظ.
فقد سئلت سيدتنا عائشة رضي اللهتعالى عنها عن خُلُق رسول الله فقالت: (كان خُلُقه القرآن)!! فإذا أردت أن تكونأخلاقك مثل أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فعليك بحفظ القرآن.
6- القرآن شفاء للأمراض الجسدية والنفسية، فإذا كانت تلاوة الفاتحة على المريض تشفيهبإذن الله، فكيف بمن يحفظ كتاب الله كاملاً؟ سوف تتخلص من الوساوس الشيطانية، سوفتزداد مناعة جسمك للأمراض بسبب التحول الكبير الذي ستمر به أثناء حفظك للقرآن، وهذاالكلام ليس نظرياً بل هو عن تجربة عشتها أنا وغيري ممن حفظوا ولو أجزاء منالقرآن.
7- بمجرد أنك قررت أن تحفظ القرآن لن يبقى لديك أي وقت للفراغ أوالملل أو الإحساس بالقلق والاكتئاب أو الخوف. القرآن سوف يزيل كل الهموم والأحزانوتراكمات الماضي، سوف تحس بأنك قد ولدت من جديد.
ولكن ما الذي يحول بينناوبين حفظ القرآن في قلوبنا؟ ولماذا يحاول كثير من الناس أن يحفظوا كتاب الله تعالىفلا يستطيعون؟ السبب حسب وجهة نظري هو مشكلة كبيرة يجب التغلب عليها، ولكن ماهي؟
ما هي أكبر مشكلة تواجهك في هذاالمشروع؟
إن المشكلة الكبرى والتي ربما يجهلها كثيرون هي أن للقرآنأسلوباً فريداً لا يوجد في أي كتاب آخر، وهذا يعني أنك ستستغرق وقتاً لتألف هذاالأسلوب، وذلك حتى تتفاعل كل خلية من خلايا جسدك مع كلام الله تعالى، يقول تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّمِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْوَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْيَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23].
إنتجاوز هذه المرحلة هو الأهم في مشروع حفظ القرآن، ومعظم الذين يبدؤون بحفظ القرآنثم يتركون هذا العمل لاحقاً ولا يستمرون فيه إنما سبب ذلك هو أنهم لم يألفوا أسلوبالقرآن فتجدهم يحسون بصعوبة الحفظ ويحسون بضيق وثقل ولا يعلمون سبب ذلك.
إنكأخي القارئ إذا علمت كيف يتم تخزين المعلومات في دماغك، سوف تكون هذه العملية أسهلبكثير. فقد يمر شهر كامل حتى تحفظ صفحة واحدة في البداية، ولكنك بعد ستة أشهر سوفتحفظ هذه الصفحة خلال ساعتين!!!
وهذا كلام علمي لأن تخزين المعلومات فيخلايا الدماغ يتم وفق نظام تراكمي متسارع، فالصفحة الأولى تحتاج زمناً طويلاً،والصفحة الثانية تحتاج زمناً أقل وهكذا حتى تصل إلى مرحلة يكون فيها الحفظ عمليةممتعة جداً وسهلة جداً. ولذلك يقول تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَلِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر: 17].
ميزات هذهالطريقة
أخي المؤمن! إن الطريقة الجديدة التي ستتعلمها معنا لها ميزاتمتعددة:
1- إنها طريقة عملية وسهلة جداً، ولا تحتاج لشيخ أو معلم أو مقرئ،بل تعتمد على التعليم الذاتي، وقد جربتها قبلك وآتت ثمارها.
2- إن حفظالقرآن بهذه الطريقة لا يعني مجرد الحفظ، بل ستوسع أفق المعلومات لديك، وقد تساعدكعلى استنباط بعض عجائب القرآن بنفسك.
3- هذه الطريقة لا تحتاج لوقت معين أونظام محدد، بل تستطيع تطبيقها في أي وقت تشاء، وفي أي كيفية تكون فيها.
كيف أبدأ بحفظ القرآن؟
إن أول خطوة على طريق حفظالقرآن بإتقان هي أن تعتقد بأن هذا المشروع هو أهم مشروع في حياتك. وأن هذا المشروعلن يأخذ من وقتك شيئاً!!! لأن الله سيبارك لك في الوقت وسوف تجد بأن بقية أعمالك لنتتعطل، بل ستزدهر وتصبح أكثر تيسيراً من قبل.
إياك أن تظن بأن حفظ القرآنيحتاج لأي وقت، فمهما أمضيت من وقتك في قراءة القرآن وتدبره وحفظه، فلن ينقص الوقتلديك بل سيزداد. وسوف أضرب لك مثالاً لتقريب هذا الأمر.
إذا كان لديك وقتتخصصه للدراسة من أجل النجاح في الامتحان، وأخذت منه شيئاً في حفظ القرآن، فما هيالنتيجة؟ إن حفظ القرآن سيطور المدارك لديك ويوسع آفاق التفكير ويكسبك قدرة هائلةعلى الحفظ والفهم والاستيعاب. وعندما تحفظ بعض السور ستلاحظ بأنك تستطيع حفظ دروسكخلال زمن أقل بكثير من الماضي، وهذا ما حدث معي تماماً.
سوف يتحسن أداؤكأثناء الامتحان كثيراً، لأن حفظ القرآن يمنحك الاستقرار النفسي والذهني، ويمنحكالثقة بأن الله تعالى هو من سيحدد نتيجة امتحانك وليس جهدك وعملك. وهذا الاستقراروهذه الثقة هي نصف النجاح.
لنبدأ معاً هذا المشروعأرجو منك عزيزي القارئ أن تبدأ بسماع القرآن المرتل لأطول فترة ممكنة، ولكنلماذا هذه الخطوة؟ إن الحاجز كما أخبرتك والذي يقف عائقاً بينك وبين حفظ القرآن هوعدم استجابة دماغك لهذا القرآن بسبب الأسلوب المميز للقرآن والذي يعتبر غير مألوفبالنسبة إليك.
ويمكنك أن تسمع القرآن بواسطة جهاز الكمبيوتر، أو بواسطةالتلفزيون أو بواسطة آلة التسجيل، وجميعها وسائل هيأها الله لنا لنستفيد منهاوننتفع بسماع القرآن من خلالها. ويمكنك أن تركز في البداية على السور القصيرة فيآخر المصحف وتستمع إليها عدة مرات كل يوم، وبخاصة بعد الاستيقاظ من النوم، وقبلالنوم مباشرة.
وإذا كنت تستطيع أن تنام على صوت القرآن المرتل فهذا الأمر لهأثر كبير في تخزين القرآن في عقلك الباطن! وهذا يؤدي إلى حفظ دائم لآيات القرآن، أيأن العقل الباطن لديك يخزن هذه الآيات وتستطيع أن تسترجعها في أي وقتتريد.
يجب أن تكرر سماع السورة ذاتها مرات عديدة، وذلك لتصبح مألوفة بالنسبةإليك، أما الكلمات التي تسمعها للمرة الأولى ولا تفهمها، فسوف تجد نفسك عندما تكررسماع السورة أنها أصبحت مألوفة وقريبة لك، وكأنك تفهمها.
وقد تعجب أخيالحبيب إذا أخبرتك بأنني بعدما حفظت القرآن أصبح أجمل شيء عندي هو سماع القرآنالمسجل بصوت عذب من أحد القراء. وقد تعجب أكثر إذا أخبرتك بأنني كنت أمضي معظم وقتيفي سماع الأغاني بل كنت أعزف على بعض الآلات الموسيقية، ولكنني بعدما بدأت بسماعالقرآن لفترات طويلة، لم يعد يطربني أي شيء إلا كلام الله تعالى!
ولكن هنالكحديث شريف يجب أن تتعلمه وهو قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: (من تركشيئاً لله عوضه الله خيراً منه)، بعدما سمعتُ هذا الحديث قررتُ أن أترك كل وسائلاللهو عن ذكر الله، فعوضني الله بالقرآن، فهل تترك يا أخي ما يلهيك عن ذكر اللهوتسأل الله تعالى أن يبدلك خيراً منه؟!
ما هي الخطوةالقادمة
إذا أردت أن تحفظ القرآن بل وتستمتع بهذا الحفظ فتابع معناهذا المشروع، الذي أهديه لكل من يحب القرآن، ويمكنك أن تسجل في القائمة البريديةبإدخال بريدك الإلكتروني، لنخبرك بكل مقالة جديدة يتم نشرها حول هذا الموضوع،وتتمكن من متابعة الحفظ بيسر وسهولة بإذن الله.
سوف نتعلم في الدرس القادمكيف نحفظ سورة من القرآن بإتقان، وسوف نتحدث عن بعض أسرار عملية الحفظ والتذكر منالناحية العلمية، نسأل الله تعالى التيسير والقبول.