هذه من أشمل و أجمل و أصغر مسائل الولاء و البراء لفضيلة الشيخ ياسر برهامي حفظه الله (منة الرحمن
[GRADE="00008B FF6347 008000 4B0082"]الولاء والبراء[/GRADE]
قال تعالى: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:55، 56].
وقال: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة: من الآية4].
(أ) معاني الولاء:
الحب, والرضا, والنصرة, والطاعة, والمتابعة, والمعاونة والقيام بالأمر, والصداقة, ولوازم هذه الأمور كالتشبه والركون إليهم وإظهار مودتهم.
وهذه المعاني يجب صرفها لله ولرسوله وللمؤمنين, فيحب الله ورسوله والمؤمنين, ويرضى بطريقتهم, وينصر دين الله بكل ممكن ومستطاع، وينصر السنة، وينصر كل مؤمن ظالم -بأن يمنعه من الظلم- أو مظلوم, ويطيع الله ورسوله وأولي الأمر من المؤمنين (العلماء والأمراء الذين يقودون الناس بكتاب الله)، ويتابع طريقة المؤمنين، ويتشبه بهم، ويهتم بشأنهم، ويعاونهم على البر والتقوى, ويتخذ منهم دون غيرهم الأصدقاء والأخلاء.
(ب) أما من أحب الكافرين:
على ما هم عليه من الكفر, ورضي بملتهم وطريقتهم, ورأى أنها حق كما أن الإسلام حق وكله سواء فهو كافر مثلهم:
لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُ [المجادلة: من الآية22].
(جـ) ومن نصر الكفار:
بأن خرج في صفوفهم ضد المسلمين مع الكفار فهو مثلهم، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء:97].
نزلت فيمن خرج مع المشركين ببدر إرضاءً لآبائهم, ومثلها قول الله: فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا [النساء: من الآية88].
(د) ومن أطاع الكافرين في كفرهم:
واتبعهم عليه ودخل في طاعتهم فهو مثلهم: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً [الإنسان:24].
وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء:115].
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ [محمد: من الآية26].
وأما من أطاعهم في المعاصي وهو يقر بمعصيته، أو تشبه بهم مع علمه بخطئه فله نصيب من الشرك الأصغر، إذ قال النبي: "من تشبه بقوم فهو منهم
(هـ) ومن اتخذهم أصدقاء وأخلاء:
فهو يقول يوم القيامة: يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً [الفرقان:28، 29].
وكذا من نصح لهم وعاونهم على باطلهم ومنكرهم قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51].
ومن هذا مشاركتهم في أعيادهم وتهنئتهم بها أو بمظاهر الشرك التي يفعلونها, ولقد ثبت نهي النبي للأنصار عن اللعب في يومين من أعياد الجاهلية, وقال: "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما, الأضحى ويوم الفطر" .
(و) وليس من الموالاة:
البيع والشراء والإجارة مع الكفار فيما يحل مثله بين المسلمين, من غير مهانة للمسلم, وكذلك البر والإقساط لمن لم يقاتلنا في الدين, وهناك فرق بين البر والصلة والعدل معهم بشرع الله وبين المحبة والموالاة التي هي من أعمال القلب أصلاً, ومن هذا أيضاً قبول الهبة منهم وإهداؤهم تأليفاً لهم أو دفعاً لمفسدتهم أو لمصلحة أخرى راجحة, ومثله عيادة مريضهم لدعوته إلى الإسلام وزواج الكتابية مع بغضها على دينها, وكذا الاستعانة بهم في مصالح المسلمين دون أن يكون لهم سلطان على المسلمين, فكل ذلك قد فعله النبي وصحابته.
انتهى كلام الشيخ حفظه الله و رعاه