خرج الرشيد إلى الحجّ، فلما كان بظاهر الكوفة أبصر بهلولاً المجنون على قصبة، وخلفه الصبيان وهو يعدو.
فقال : من هذا ؟
فقيل له : بهلول المجنون.
فقال : كنت أشتهي أن أراه، فادعوه من غير ترويع.
فذهبوا إليه وقالوا : أجب أمير المؤمنين، فلم يجب.
فذهب إليه الرشيد وقال : السلام عليك يا بهلول.
فقال : وعليك السلام يا أمير المؤمنين.
فقال : دعوتك لاشتياقي إليك.
فقال بهلول : لكني لم أشتق إليك.
فقال الرشيد : عِظني يا بهلول.
فقال : بم أعظك؟ هذي قصورهم، وهذي قبورهم.
فقال الرشيد : زدني فقد أحسنت.
فقال : يا أمير المؤمنين من رزقه الله مالاً وجمالاً أنصف في جماله، وواسى في ماله، وكُتب في ديوان الأبرار.
فظنّ الرشيد أنه يريد شيئاً فقال : قد أمرنا لك أن تقضي دينك.
فقال : لا يا أمير المؤمنين لا تقض الدَّين بِدَين، أردُدِ الحق على أهله، واقض دين نفسك من نفسك.
قال : فإنا قد أمرنا أن يجرى عليك.
فقال : يا أمير المؤمنين أترى الله يعطيك وينساني، ثم ولَّى هارباً.