السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ محمد العصيمي
الفتنة نحو المشرققال صلى الله عليه وسلم : ( إن هذه الأمة قد جعلت عافيتها في أولها وسيأتي عليها زمان بلاء وفتن) ففي هذا الحديث بيان منه صلى الله عليه وسلم على كثرة الفتن التي تصيب الأمة في آخرها وهذه الفتن لها تأثير عظيم على دين الإنسان ما لم ينجه الله تعالى قال صلى الله عليه وسلم: (أن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافراً ويمسي مؤمنا ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا).
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن نظراً لكثرتها وتتابعها يرقق بعضها بعضاً, ويظن الواقع فيها أنها أشد فتنة مرت عليه, والأمر غير ذلك قال صلى الله عليه وسلم ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم, وينذرهم شر ما يعلمه لهم, وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيعيب آخرها بلاء وفتن تنكرونها, وتجئ الفتنة فيرق بعضها بعضاً, وتجئ الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه...فمن أحب أن يزحزح من النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر).
- لا يخفى على أحد أن ما يجريه الله تعالى وخلقه في ملكه, إنما أجراه جل وعلا لحكمة بل لحكم عظيمة, علمها من علمها وجهلها من جهلها, ومن ذلك وقوع الفتن بين العباد فمن حكمة الله تعالى في إيجاد الفتنة ووقوعها هو الإختبار والتمحيص كما دلت على ذلك الأدلة قال تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) وقال تعالى (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)
فالمؤمن الموفق هو الذي يتعامل مع هذه الفتن بميزان الشرع, ويعلم أنها لابد أن ترد عليه الفتنة لكنه يأخذ بأسباب دفعها والتخلص منها قال تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)
وقد تضمنت هذه الآية أن الإيمان ليس كلمة تقال, أو دعوى لا بينة عليها, كلا فالإيمان يترتب عليه واجبات تتمثل في الصبر والأمانة والثبات وبذل للأسباب أما السلامة من الفتنة فتتمثل في أمور:
1- دعاء الله تعالى والاستعانة به جل وعلا أن يقيك من الفتن صغيرها وكبيرها ومنه دعاء ( اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن).
2- الحرص على العبادة والاجتهاد فيها, استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم مرة من نومه فزعاً فقال: سبحان الله ماذا أنزل الله من الفتن ماذا أنزل من الخزائن, مروا صواحب الحجرات فيقمن فيصلين.
3- العلم الشرعي ففيه النجاة من الفتن والعصمة منها بإذن الله تعالى.
وقد قص النبي صلى الله عليه وسلم علينا قصه شاب لما كان متحصنا بالعلم الشرعي نجاه الله من أعظم فتنة وقعت على هذه الأمة ألا وهي فتنة الدجال.
ومن الأمور التي ينبغي التفطن لها, معرفة ما ثبت في السنة من بيان مواطن الفتنة ومقرها, فمثل هذا يجعله يربط بين ما يحصل في الزمن الذي يعيش فيه وبين النصوص الشرعية الدالة على هذه العلامات ليكون المؤمن منها على حذر وبصيرة.
- فتنة المشرق
من علامات الساعة التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم بيان موضع الفتنة وبؤرتها قال صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق: (ألا إن الفتنة ها هنا ألا إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان) وقال رواية المسلم ( رأس الكفر من ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان).
- إن المتأمل للشرور التي جرت على أمة الإسلام منذ القدم يرى أن ما من شر حل بها وسيحل بها إلا كان من هذه الجهة.
وهذا هو الحق الذي يجب التفطن له, فقد كانت هذه الجهة مصدراً للشرور ومقراً للويلات التي جرت على بلاد المسلمين فمنها خرجت طوائف البدع فخرجت الباطنية والخوارج والقدرية والكرامية والرافضة والجهمية والمعتزلة والبهائية وأكثر مقالات الكفر إنما كان منشؤها من قبل بلاد المجوس.
فمنها خرجت مقالة خلق القرآن, وإدعاء العصمة في الأولياء والوصاية, وفيهم الشعوبية المقيتة التي جعلتهم يميزون بين الفرس والعرب حتى ممن هو على نفس ملتهم واعتقاداتهم, ولا غرابة فهم يعتقدون أن المهدي إذا خرج سيكون أول ما يصنع هو قتل العرب وسفك دمائهم فهذا النعماني في كتاب الغيبة يقول (قال أبو عبدالله عليه السلام: ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح وأمئ بيده إلى حلقه) وقال: اتق العرب فإن لهم خبر سوء أما إنه لا يخرج مع القائم منهم واحد...وجاء أن المهدي يبدأ بقتل قريش واحداً واحداً حتى لا يبقى منهم أحد.
أفهكذا يعامل العرب حملة الإسلام ونقلته إلى العالم ومبلغوا شرع الله إلى أهل الأرض فماذا أبقوا لليهود؟!!
- وقد جرت على هؤلاء المجرمين في تاريخ الدولة الإسلامية مقاتل عظيمة على المسلمين وخير مثال تلك الدولة الصفوية التي تبنت مذهب الرافضة فسفكوا الدم, وانتهكوا المحرمات, واغتصبوا نساء المسلمين, فلم يرحموا وليداً ولا شيخا ولا امرأة من أهل السنة, ولو كان هؤلاء من اليهود لرحموهم وقد كانت هذه الدولة زراعة يهودية في بلاد المسلمين ليوقفوا امتداد دولة الخلافة الإسلامية في تركيا ونجحوا في ذلك أيما نجاح كما هو معلوم.
وشر هذه الدولة لا يزال قائما ففي الوقت المعاصر, لا يوجد بلد من بلاد المسلمين إلا وتغلغلوا فيه عبر نشر مذهبهم المنحرف وعقيدتهم الضالة, مستخدمين في سبيل ذلك الأموال الطائلة, وتحريض الأقليات, وإظهار أنفسهم بمظهر الضعيف المحروم من أبسط حقوقية الدينية, فجيشوا الإعلام والصحافة واستغلوا سذاجة بعض الناس وغفلتهم ليروجوا لباطلهم, وهاهم يفعلون ببلاد المسلمين الأفاعيل, فبدأو في لبنان والعراق واليمن واليوم يأتي الدور على بلاد الحرمين وموطن التوحيد والسنة ويخشى علينا جميعا أن يعمنا بلاءهم وشرهم وإن كان لنا فيه قدر ونصيب, والله إنه يخشى أن يصدق فينا المثل القائل: أكلت يوم أكل الثور الأبيض!!
- ولنعلم جميعاً أن شر هؤلاء لن ينتهي بتغير أسماء وتبدل حكومات فلا نفرح كثيراً إذا رأينا شيئا من ذلك, فالعقيدة إذا تمكنت من القلوب لا يزحزحها قوة ولا قتل ولا تنكيل.
- ومما يدل على أن شر هؤلاء مستمر وباق, أنه قد دلت السنة أنهم أتباع الدجال قال صلى الله عليه وسلم ( الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان) رواه الترمذي.
أما الواجب علينا:
1-أن نعرف عقيدتنا وتاريخنا الذي أرادوا تشويهه وتزويره حتى يروجوا لباطلهم.
2- أن يكون المؤمن فطناً كيساً لا تنطلي عليه عبارات الدبلوماسيين والسياسيين عبر ترويجهم لأكذوبة حسن الجوار أو اعتقاد أن هؤلاء من سينصر الإسلام ويرد الحقوق المغتصبة فالتاريخ يشهد أنهم لم يرفعوا سيفاً ولا سلاحاً على اليهود والنصارى يوماً من الأيام.
3- معرفة ما عند القوم من عقائد منحرفة وباطلة ليكون المرء على بصيره من دينه ويحذر منهم ومن شرهم.
4- البعد عن التصرفات الهوجاء المسيئة إلى الدعوة, بل واجبنا بيان الحق والنصح بالطرق التي بينتها الشريعة.
5- التفطن لعباراتهم وأكاذيبهم التي يروجون لها من خلال الطعن في السنة ورموزها وقادتها.
منقول ---