مكالمة من الدوحة:
في طريقنا من الفندق إلى منزليقبيل الإفطار تلقينا مكالمة هاتفية من أحد المسئولين في الجزيرة تفيد بأن الطرفالآخر ذهب إلى الفندق وإلى نفس الغرفة التي أعطي رقمها لنقل بعثة الجزيرة من هناك،لكن لم يجدوا أحداً وأن هذا الكلام مضى عليه أكثر من ثلاث ساعات، وأنهم استفسروا منإدارة الفندق عن وجود ضيوف من الجزيرة، لكن الإدارة أكدت لهم عدم وصول أي عربي أومن يحمل تلك الأسماء التي أوردوها مستفسرين عن أصحابها. فأعطينا رقم الغرفة مجدداًللمتصل ليبلغهم أن يأتوا إليها بعد ساعة من الزمن.
واتصال منأوروبا:
في نفس الليلة جاء اتصال آخر من الوسيط في أوروبا يؤكد أن إدارةالفندق أبلغت الطرف الآخر أن أياً من وفد الجزيرة لا يقيم في الفندق، أو وصل إليهحتى ذلك الوقت. وقد انتهى هذا الجدال حين طلب الوسيط في أوروبا معرفة بعض التفاصيلعن إقامتهم في الفندق فأبلغ بأنهم يقيمون في فندق الكونتيننتال في مدينة راولبنديالمجاورة للعاصمة الباكستانية إسلام أباد، الأمر الذي أثار استغرابه ودهشته، موضحاأن الاتفاق كان على أن يقيموا في الكونتننتال في العاصمة الأفغانية، ومن هناك يأتيمن يأخذهم إلى مكان إقامة الدكتور أيمن الظواهري في أفغانستان لإجراء المقابلةالمتفق عليها. ولما كنت أول من أجاب على المكالمة الهاتفية من أوروبا بسبب أنهاجاءت على هاتفي النقال عرفت بنفسي للمتصل الذي قال إنه يعرفني وأعرفه حين كان فيباكستان يوما ما، وأفصح لي عن اسمه، وطلب مني أن أساعد الزملاء من الجزيرة فيالوصول إلى كابل إن احتاجوا إلى تأشيرة أو استئجار سيارة، وأن أرافقهم إن سمحتظروفي بذلك لمعرفتي طبيعة البلد والأشخاص الذين كانوا يرغبون برؤيتهم، لكنني أبلغتهأن الزملاء من الجزيرة قالوا لي إن الطرف الآخر طلب منهم عدم إخباري بمهمتهم أوالقدوم معهم، ونقلوا هذا الكلام عنكم شخصياً، لأنهم يريدون مذيع الجزيرة فقط فيالمقابلة والأماكن التي سينزلونه بها. وقد أنكر الوسيط في أوروبا صحة هذه المعلوماتوشدد على أن أرافقهم إن أمكنني ذلك بقولهلقدأبلغناهم أن يذهبوا إلى فندق الكونتيننتال في كابل، لا راولبندي، وأنهم حين يصلونإلى إسلام أباد فإن جمال يمكن أن يساعدهم على فهم المنطقة وطبيعتها لمعرفته بهاوبالسفارة الأفغانية وبالأشخاص في أفغانستان أثناء دراسته في جامعة بيشاور ، فأبديتله استعدادي للمساعدة في نيل التأشيرة إلى أفغانستان وتأمين وسيلة مواصلات سواء عبرطائرة من إسلام أباد إلى كابل أو عبر استئجار حافلة أو سيارة خاصة لفريق الجزيرة،لكنني طلبت من الوسيط في أوروبا أن يبلغ هذا الكلام بنفسه لمذيع الجزيرة حتى لايكون هناك أي حرج أو لبس في الموضوع، وقد فعل ذلك مباشرة.
واتصالآخر من أفغانستان:
في نفس الليلة جاءنا اتصال آخر على هاتفي النقال من شخصيقيم في أفغانستان ومن طرف الدكتور أيمن الظواهري يستفسر عن الذي حصل معنا، ولماذاتأخر فريق الجزيرة في الوصول إلى كابول، وأوضح المتصل أن الاتفاق كان على أن يأتيفريق الجزيرة إلى كابل من يومين وأن مرافقي الدكتور أيمن الظواهري راجعوا الفندقأكثر من مرة دون جدوى، فأبلغت المتصل بالإشكالية التي حصلت، وربما الالتباس الذيوقع حول الفندق وأنه في العاصمة الباكستانية أو الأفغانية، فأكد أن الكلام كانواضحاً مع الوسيط ومع المذيع من الجزيرة بأن عليه أن يصل إلى الفندق في كابل وبعدهاتكون مهمتنا في نقله وإعادته ليس إلى الفندق فحسب وإنما للحدود مع باكستان إن أرادذلك. وطلب مني المتصل من أفغانستان أن أشرح لمذيع الجزيرة الظروف التي تمنع الدكتورأيمن الظواهري وأنصاره من القدوم إلى باكستان أو الاقتراب من حدودها، لا سيما بعدتوقيع باكستان اتفاقية للتبادل الأمني مع الحكومة المصرية، وتسليمها عدداً منالمصريين إلى حكومة بلادهم وما تعرضوا له بعد ذلك.
الخوف من السفر إلىأفغانستان لما يسمعه المرء عن أوضاعها، كان مفهوماً، لكنني أوضحت لفريق الجزيرة ـالذي لم يكن قبل تلك الرحلة زار حتى باكستان ـ بأن الأوضاع في العاصمة الأفغانيةالآن آمنة جداً وأنها حسب ما رأيته من زياراتي لأفغانستان، (خاصة مناطق طالبان) أكثر أمنا من العديد من الدول الأوروبية والعربية بالنسبة لحياة الإنسان وعرضهوماله، وأن مسألة السفر إلى هناك ليست صعبة. وبالنسبة للتأشيرة فيمكن الحصول عليهافي الصباح من السفارة الأفغانية، وبالنسبة لوسيلة السفر فأنتم تختارون ما ترغبون،وبينت لهم الظروف المحيطة بوسائط النقل من طائرات للأمم المتحدة أو الحافلاتوالسيارات الخاصة التي تسافر عادة من بيشاور إلى أفغانستان وأن عليهم أن يعدواأنفسهم إن كانوا سيسافرون براً لتحمل مصاعب الطريق، حيث أفغانستان بلد دمره الغزوالخارجي والاقتتال الداخلي خلال عشرين عاماً، وأما المسائل الأخرى من ناحية الأمنوالمطعم والمشرب فلا تشغلن بالكم لأنها متوفرة وجيدة، وعلى كل فأنتم صحافيون ومنحياة الصحافي المغامرة، وإن ذهبتم فلن تندموا أبدا ، وقد تكون فرصتكم الذهبية ليسللشهرة من خلال مقابلات وإنما أيضا من خلال كتاب تسطرونه فيما بعد.
كانالخوف يعتري مذيع الجزيرة ومرافقيه من الأوضاع التي عليها أفغانستان، ومما يمكن أنيترتب من آثار لاحقة لهذه الزيارة حيث سيتم ختم جواز سفرهم بالتأشيرة إلىأفغانستان، وهذا قد يقود إلى مساءلة من بعض الدول، خاصة العربية منها. كما أن مابثته وسائل الإعلام من أخبار حول طالبان وحكمها وما تقوم به من إجراءات ألقتبظلالها على الصورة التي وضعها فريق العاملين في الجزيرة في ذهنه لهذا البلدوأوضاعه. وكانت الحجة التي لم يتزحزح عنها مذيع الجزيرة في رفضه الذهاب إلى كابل أوأي مكان في أفغانستان هي المسألة الأمنية، وحاول معي كثيراً أن أساعده في إقناعالطرف الآخر (الدكتور أيمن الظواهري وأنصاره) بالقدوم إلى بيشاور إن لم يكن إسلامأباد، فقلت له إن بيشاور مثل إسلام أباد من الناحية الأمنية والقانونية بالنسبةللطرف الآخر إن لم تكن أسوأ، حيث أن شكل الدكتور أيمن معروف لدى كثيرين في بيشاوروهذه المدينة ومنذ الغزو السوفيتي لأفغانستان وهي تعج بكل المخبرين لكل الأجهزةالأمنية العالمية بمن فيها الأجهزة المصرية!! وهذا يجعل من المستحيل على الدكتورأيمن الظواهري وأنصاره القدوم إليها. فأشار إلى منطقة القبائل الباكستانية المحاذيةللحدود الأفغانية وأنها لا تحتاج تأشيرة على الجواز فلماذا لا نقوم بإجراء المقابلةهناك؟!