السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
هذه وقفات تدبر وتفكر للحرص على طلب مرضاة الله :-
أنظر إلي قصة الثلاثة الذين صدقوا
الأولى : قال كعب فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك ، حضرني بثي ، فجعلت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخطة رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي ; فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل وعرفت أني لا أنجو منه إلا بالصدق فأجمعت أن أصدقه وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد ، فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فجعلوا يحلفون له ويعتذرون وكانوا بضعة وثمانين رجلا ، فيقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وأيمانهم ويستغفر لهم ويكل سرائرهم إلى الله تعالى ، حتى جئت فسلمت عليه فتبسم تبسم المغضب ثم قال لي : " تعاله " ، فجئت أمشي ، حتى جلست بين يديه فقال لي : ما خلفك ؟
ألم تكن ابتعت ظهرك ؟ "
قال قلت : إني يا رسول الله والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا ، لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا ،
لكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثا كذبا لترضين عني ، وليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديثا صدقا تجد علي فيه إني لأرجو عقباي من الله فيه ولا والله ما كان لي عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما هذا فقد صدقت فيه ،
فقم حتى يقضي الله فيك فقمت ،،،،،،،،،،، ، وأنا رجل شاب ، قال فلبثنا بعد ذلك عشر ليال فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا ، ثم صليت الصبح صبح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا ، على الحال الذي ذكر الله منا ، قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت وضاقت علي نفسي ، وقد كنت ابتنيت خيمة في ظهر مبلغ فكنت أكون فيها
إذ سمعت صوت صارخ أوفى علي فهو سلع يقول بأعلى صوته يا كعب بن مالك ، أبشر قال فخررت ساجدا ، وعرفت أن قد جاء الفرج .
قال وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله علينا حين صلى الفجر فذهب الناس يبشروننا ، وذهب نحو صاحبي مبشرون وركض رجل إلي فرسا . وسعى ساع من أسلم ، حتى أوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس ، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني ، نزعت ثوبي ، فكسوتهما إياه بشارة والله ما أملك يومئذ غيرهما ، واستعرت ثوبين فلبستهما ، ثم انطلقت أتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقاني الناس يبشرونني بالتوبة يقولون ليهنك توبة الله عليك ، حتى دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلي طلحة بن عبيد الله ، فحياني وهناني ، و والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره . قال فكان كعب بن مالك لا ينساها لطلحة .
قال كعب فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي ، ووجهه يبرق من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك " ،
قال قلت : أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ قال " بل من عند الله
. قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استبشر كان وجهه قطعة قمر . قال وكنا نعرف ذلك منه . قال فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله إن من توبتي إلى الله عز وجل أن أنخلع من مالي ، صدقة إلى الله وإلى رسوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك ، فهو خير لك " . قال قلت : إني ممسك سهمي الذي بخيبر وقلت : يا رسول الله إن الله قد نجاني بالصدق وإن من توبتي إلى الله أن لا أحدث إلا صدقا ما حييت والله ما أعلم أحدا من الناس أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أفضل مما أبلاني الله والله ما تعمدت من كذبة منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي .
وأنزل الله تعالى : لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا إلى قوله وكونوا مع الصادقين [ التوبة 117 - 119 ] .
قال كعب فوالله ما أنعم الله علي نعمة قط بعد أن هداني للإسلام كانت أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أن لا أكون كذبته ،
............
الثانية : قال رسول الله :
((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه )) صحيح البخارى
..............
الثالثة : قصة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
فجئت أبوي فقلت لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس
قالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها
قالت فقلت سبحان الله أولقد تحدث الناس بهذا
قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله
..... قالت فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي قالت فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس قالت ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس
ثم قال أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله
وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه
فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه
قالت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال
قال والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت لأمي أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم
قالت فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف قال
فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون
قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشي قالت وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي
ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها قالت فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه قالت فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سري عنه وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها يا عائشة أما الله عز وجل فقد برأك
فقالت أمي قومي إليه
قالت فقلت لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل فأنزل الله عز وجل
إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه
العشر الآيات كلها
فلما أنزل الله هذا في براءتي ..... قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري فقال يا زينب ماذا علمت أو رأيت فقالت يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا قالت وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك - رواه البخاري