الأصل الأول :
الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعاً ، فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة ، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة ، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء ، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة ، كما هو عقيدة وعبادة صحيحة سواء بسواء.
· إن هذا الأصل يقرر حقيقة هامة حقائق الإسلام وهو شمولية الإسلام لكل مظاهر الحياة هذه الحقيقة
عندما صرح بها الامام الشهيد بهذا الوضوح الجلي لكل ذى فهم وعينا فهو يمثل حقيقة ثابتة في وسط استغراب لها من أصحاب الجمعيات ومن بعض العلماء ومن الحكام بل ومن العامة لبعد حياة بعضهم عن جوهر الإسلام الصحيح
مع أنها جلية عالية الجلاء ساطعة كالشمس في وضح النهار ، والأدلة عليها من كتاب الله وسنة رسوله أكثر من أن تحصي .
وتتجلى قيمة هذا الأصل في حال الأمة الذي وصلت إليه آنذاك من إنكار الإسلام السياسي الاجتماعي والاقتصادي وما ذلك إلا بتدبير الفكر العلماني الخبيث الذي تسرب إلى عقول وقلوب الطبقة المثقفة من بعض الجامعيين والكتاب والأدباء فاستنكر شمولية الإسلام وحصر الإسلام في دائرة الشعائر التعبدية ولم يحركوا ساكنًا حتى أيقظهم الإمام البنا.
هذا الأصل يُعالج
ربانية المصدر
شمولية المنهج
عمومية الرسالة
عالمية الدعوة
أخلاقية الوسيلة والغاية وخصائص الدعوة الإسلامية بوجه عام .
من أدلة الشمولية :
قوله تعالى { ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء }
وقوله صلى الله عليه وسلم لقبيلة بني شيبان بن ثعلبة { ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق ، إنه لا يقوم بهذا الدين إلا من أحاط به من جميع جوانبه }
وإذا نظرنا للقرآن الكريم والسنة المطهرة نجد الآيات والأحاديث تتحدث عن العقائد والعبادات والأخلاق .. والحكم بما أنزل الله والقضاء .. والجهاد والمعاهدات .. وشئون المال والتجارة .. وشتى مظاهر الحياة .
قال تعالى :
{ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}
فهذه آية واحدة من آيات الله بينت الشمول في الإسلام فهي تتضمن :
العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات
فنحن نقرأ في الصلاة آيات
العقيدة والعبادة، والحكم والقضاء والسياسة ، والتجارة والدَيْن والجهاد والقتال
العقيدة والعبادة{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }
والحكم والقضاء والسياسة{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}
والتجارة والدَيْن{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ }
والجهاد والقتال{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْحِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا }
وهكذا اتصل الإخوان المسلمون بكتاب الله واستلهموه واسترشدوه فأيقنوا أن الأساس هو المعنى الكلي الشامل ، وأنه يجب أن يهيمن على كل شئون الحياة وأن يصطبغ بها جميعاً ، وأن تنزل على حكمه وأن تساير قواعده وتعاليمه وتستمد منه ما دامت الأمة تريد أن تكون مسلمة إسلاماً صحيحاً .
............. تابعونا