السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح للأمة فكشف الله به الغمة ومحى به الظلمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه وسار على سنته وأقتفى أثره إلى يوم الدين أما بعد :
عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها
هذا الحديث يظهر أهمية النماذج الصالحة ودعاة الهدى الذين يصلحون في الأرض ولا يبغونها عوجاً
يعلمون لماذا خلقوا وإلى أين مصيرهم يخافون يوماً كان شره مستطيراً يقولون بلسان الحال إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً
من تلك النماذج نموذجاً مضيئاً وهذا النموذج هو أخت صالحة مصلحة نحسبها كذلك ولا نزكيها على الله عز وجل وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب عالمين
برزت في هذا المنتدى و زكاها جميع الأخوة والأخوات في المنتدى منهم من عرفها من كتاباتها ومنهم من لم يعرفها إلا من سيرتها العطرة ودعوتها المباركة على منهاج النبوة حتى أننا رأينا أخوة وأخوات ما سجلوا في المنتدى إلا للتعزية فيها رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
تلك الأخت هي نور الأحبة وهو الأسم الذي أقدمه على أسمها الآخر الرافدين لأنها رحمها الله كانت بمثابة النور في الظلمات والحب والخير والمنفعة لأخواتها وطريق نور لمن أراد أن يستبصر الطريق
فكما علمنا عنها رحمها الله أنها كانت داعية إلى منهج أهل السنة والجماعة وقد وفقها الله تبارك وتعالى أن جعلها سبباً في هداية أكثر من أخت للتسنن ولطريق الحق والخير
ولها نشاطات دعوية من تحفيظ لكتاب الله وتدارس ما ورثه سيد الخلق عليه الصلاة والسلام من الهدي
إن ما دفعني أن أكتب هذا الموضوع في هذا الوقت قد لا يخطر على بال أحد وهو إنتهاء شهر رمضان
وليس كما ظن البعض لأنه أول رمضان يمر علينا في المنتدى وهي ليست بيننا بقلمها وكتاباتها ولكنها ذكرى
إنه ذكرى لكل أخ وأخت منا ، ممن تذوق لذة مناجاة الواحد الديان تبارك وتعالى وأحبه الله في رمضان من كثرة التنفل والبكاء من خشيته والدعاء
ما الذي يحدث لنا بين رمضان ورمضان ؟
ييسر الله تبارك وتعالى شهراً كاملاً لعبادته وحتى نفرده بالعبادة دون غيره ( الهوى ) وحتى نزرع في أرض الإيمان والتقوى البذور وهو الشهر الذي لا يشعر كثير منا بغربة دينه فيه لتوجه أغلب المسلمين ملتزمين ومذنبين إلى بيوت الله فيه
إذن فالأمر فضل من الله كما قال تبارك وتعالى لعلكم تتقون
وقد يلحظ الكثير منا أن يوم العيد حين يأتي أحدنا ويشرب أو يأكل شيئا في أول اليوم يشعر بشئ في صدره كأنه يفعل محرماً لأنه منذ شهر مواظب على عادة لم يهملها وهي الصيام
وقد أكتشف بعض علماء الغرب أن النفس الإنسانية إذا أعتادت على سلوك معين لمدة من 30 إلى 40 يوم تجبل عليه ويصير سلوكاً معتاداً لا غريبا ولا ثقيلاً على النفس التي لا تأمر بخير إلا من رحم ربي
فهل فكر كل واحد منا أن يجعل ما كان عليه في رمضان سلوكاً معتاداً له طوال أشهر السنة لا رمضان فقط
هل أعجبك حالك في رمضان ، هل كنت تقدم فعل الخيرات ، هل كنت حسن الخلق متبسماً وتجد المسلمين من حولك في المساجد وفي الشوارع وفي كل العمل مثل ذلك
أعلم يارعاك الله أن هذا من فضل الله ومن ورث محمد صلى الله عليه وسلم ومن هديه ومن خلق الصحابة ومن هدي التابعين بإحسان إلى يوم الدين
تخيل أننا لو عزمنا أن نثبت على الأقل على ما كنا عليه من عبادة وحسن خلق في رمضان كيف ستغير فيمن هم حولك من إخوانك وأسرتك ومن تتعامل معهم في العمل أو في المدرسة أو الكلية
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم، وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا رب مني ومن أمتي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك، والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم). فكان ابن أبي مليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا، أو نفتن عن ديننا.
ومن هؤلاء الذين يذكرون بدين الله وبسنة رسول الله شيخ فاضل كان له أثر عظيم في نفسي
علمني كثيرا وما عرفت عنه إلا قليلاً
إنه حفظه الله وبارك فيه شيخ جزائري يدرس الفقه الشافعي لمجموعة من الأخوة الروس وكنت قد أعتكفت في مسجدهم هذا العام
ولما أتفقنا على الإعتكاف في هذا المسجد هذا العام مع أخوة لنا وكانوا قد سبقونا بالذهاب
ودخلنا المسجد وكان هذا الشيخ يصلي بالأخوة قيام ليل وما أن أنهى الركعتين حتى جاء إلينا أحد الأخوة وقال هذا الرجل يصلي صلاة طويلة
وكنا في أول الطريق ومستعدين بكل المقاييس خاصةً الإيمانية
دخلنا في ركعتين خلفه قرأ حفظه الله في كل ركعة بجزء وأعترف أن تلك الصلاة أطول مما أعتدنا عليه ومما كنا نصليه طوال رمضان ولكن سعدت بتلك الصلاة وبهذا الشيخ المبارك
ثم جاء اليوم التالي فصلى بنا صلاة جعلتني أوقن أني لم أصلي صلاة تجعلني أرفع بصري أو أن أقول أني عبدت الله حق عبادته من قبل
فقد صلى بنا أربع ساعات إلا قليلا وكانت الناس تدخل المسجد تصلى ساعة وتخرج وأحدهم يقف ساعتان ويخرج
وبعد الصلاة جمعنا أحد إخواننا من طلبة العلم وألقى كلمة أيقظت في كثير ممن تذمر نوراً وضياءً وأداركه الأخ بتوفيق من الله
وذكر في حديثه هذا حديث سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فأطال النبي القيام ، قال سيدنا عبد الله فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء قيل وما هممت ؟ قال : هممت أن أقعد وأذر النبي صلى الله عليه وسلم
القعود في النافلة خلف الإمام عند سيدنا عبد الله بن مسعود أمر سوء فماذا كان يسمي حال تاركي قيام الليل وصيام التطوع والسنن الراتبة
وقد جعلت من سيرة الأخت نور الأحبة رحمها الله البداية حتى نرى أن من لم يثبت على هذا الأمر فلا يلومن إلا نفسه
فقد كانت رحمها الله نموذجاً يحتذي به الملتزم قبل الملتزمة في الهمة و الدعوة و حسن الخُلق
أسأل الله أن يرحمها وأن يجزيها عنا خيراً وأن يجعلها من أهل المزيد
الأن أحبتي في الله وأخواتي في الله أما آن لنا أن نروض تلك النفس التي لن تهدي إلى خير إلا وهي متمنعه
قال تعالى{ َأَمَّا مَن طَغَى{37} وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{38} فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى{39} وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى{40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى{41}النازعات
وقال تعالى : {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً}النحل92
لنعاهد أنفسنا أن نثبُت على طاعة الله ورضوانه وأن نكون خير خلف لخير سلف وليكن لكل واحد منا ورد يومي لا يتركه إلا لأمر عظيم حتى نثبت على درجة مقبولة من الإلتزام بدين الله تبارك وتعالى
اللهم أجعلنا ممن يقرأون فيعون ويُنصحون فينتصحون ولا تجعلنا كالحُمر المستنفرة
اللهم ثبتنا على دينك وكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم حتى نلقاك غير مغيرين ولا مبدلين
اللهم أرحم أختنا نور الأحبة وأسكنها فسيج جناتك وأجعل قبرها نوراً وضياءً ورحمةً برحمتك إنها كانت للدعوة إلى دينك ناصحة وإلى سنة حبيبك هاديه فأجعلها ياربنا ممن قلت فيهم لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون