السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
كانت تراقبه عن كثب و هو يلاعب طفلته الصغيرة و يداعبها حتى تضحك و تقهقه ببراءة و عذوبة..
كان مغرماً بطفلته، سعيداً بها، يحتضنها و يلاعبها، و هي تراقب بهدوء..
فاقتربت منه و سألته: إلى أي حد تحبها؟
فأجاب متحمساً و هو ما زال يلاعبها: إلى حد الجنون.
إنني أحبها بجنون، طفلتي غاليتي حبيبة قلبي، ماستي الثمينة.
فاقتربت منه أكثر، و قالت له مازحة: غداً تكبر و تتزوج..
ترى ماذا ستفعل إن أساء زوجها معاملتها؟.
فقال بحماس و جدية: سأقتله!!.
فنظرت للأسفل، و قالت: كنت طفلة في سنها ذات يوم
و كان أبي مغرماً بي، سعيداً بضحكتي و براءة عمري،
و كان حريصاً على سعادتي، و اجتهد في تربيتي،
و من المؤكد أنه تمنى لي الخير طوال حياتي..
عندما جئت لخطبتي وافق عليك، لأنه اعتقد أنك الرجل الذي يستحق ثقته،
و الذي سيصون ابنته الحبيبة و يسعدها..
أبي أيضاً كان ذات يوم أباً مثلك، أحب ابنته التي هي أنا،
و خاف على و طواني في تلابيب قلبه، ليحميني من لفحات النسيم..
اجتهد في تدليلي، و عز عليه رؤية الدمعة في عيني، و صارع الهوان ليطعمني و يسقيني..
ثم بعد جهاده لأجلي و رغبته في أن تكتمل سعادتي، زوجني بك، فالمرأة لا تكون سعيدة بلا زواج..
و اختارك وحدك، أنت بالذات، لأنه وجد فيك الشهم الذي سيصون درته النادرة و ماسته الثمينة.
التفت نحوها و قد بات يشعر بألم في رأسه.. وتابعت الحديث بهدوء و ود: ترى كيف ستشعر لو أن
زوج ابنتك الذي أمنته عليها يفطر قلبها و يتركها وحيدة كل ليلة؟ و كيف تراك ستشعر لو أنك علمت
أن زوج ابنتك يستولي على راتبها ليصرفه على رفاق السوء؟ و ماذا ستفعل لو علمت أن يحرمها
حقها الشرعي و يهينها و لا يجالسها؟ و ماذا ستفعل لو علمت أنه لأجل شجار صغير شق كل
ملابسها، و كاد أن يمد يده عليها؟ إن كنت تخشى على ابنتك من كل ذلك فصن أمانة أبي، فإن الجزاء
من جنس العمل!!.
فسألها بعدوانية: إلى ماذا تلمحين؟
أجابت بهدوء و انكسار: لست ألمح، لكني أذكرك و أسرد لك حكاية طفلة بريئة،
و أب مطعون مغدور. ألست ستشعر بمرارة الغدر حينما تجد الحارس الأمين بات يغتال الأمانة؟
ألست ستشعر بسياط الذنب تقطعك لأنك لم تحسن الاختيار؟ إني أخاف على أبي لأني متأكدة أنه لو
علم ما أعانيه فسيموت حسرةً و كمداً، و إني لأخشى على ابنتي من انتقام المنتقم الجبار من أبيها
الذي خان الأمانة، فأخشى أن يريه الله العبرة في ابنته.. فهل تحبها يا زوجي، هل تحب ابنتك؟
نظر إليها غير مصدق: أنت غير، و ابنتي غير!
قالت بهدوء: و برود: بل كلنا سواء، كما أنكم سواء.
و غداً يجيء من يقول لابنتك، أنت غير و ابنتي غير!.
أعجبني جداً الحوار الذي بدأته الزوجة، والهدوء و المنطقية المتسمين في حوارها.
قل أن نجد ذلك في المرأة.
تحية عبقة.