[ 1 ]
القرآن
إذا كان في هذا القرآن من كل مثل , فما مثل القرآن نفسه ؟!
بـ ( التدبر و التذكر ) نستطيع بإذن الله أن نهتدي إلى مَثل القرآن في القرآن .
وقبل أن نلج في الكتاب المجيد , نستفتح بحديث النبي صلى الله عليه و سلم في الصحيح :
( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير.. )
فالمثل عند صاحب الوحي عليه الصلاة والسلام صراحة , هو الغيث الكثير , والقرآن على رأس العلم والهدى.
ثم آية سورة النحل : { وَمَا أَنزَلنَا عَلَيكَ الكِتَابَ إلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُم الّذِي اختَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحمَة لِقَومٍ يُؤِمنُونَ } { وَاللهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحيَى بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَومٍ يَسمَعُونَ }
والمثلية واضحة جلية
أولاً في تتابع الآيتين وارتباطهما
ثم بدلالة الإحياء بعد الموت { يا أَيُّهَا الِذينَ آمَنُوا استَجِيبُوا لِلهِ ولِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم ِلمَا يُحيِيكُم } و القرآن على رأس الدعوة
فالماء وإنزاله وإحياء الارض : آية لقوم يبصرون
وإنما ذلك القرآن المقصود : آية لقوم يسمعون
ثم بالإنزال الطاهر الظاهر لكل منهما.
ثم آيات سورة الفرقان : {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا }
{ لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا } { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا } { وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا }{ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا }
فما هو الذي ( صرفناه ) ؟ القرآن أم الماء ؟
( وجاهدهم به ) , بالقرآن أم بالماء ؟
ثم ليأتنا أمضى الناس بصرًا وبصيرة , ليرينا أين الحد الفاصل في الآيات بين الماء والقرآن
فما نقرأه في الآية للماء, نقرأه كذلك للقرآن .
فالمثل بات واضحاً : القرآن مَثله مَثل الماء
فبقي بعدها شواهد المثل ودلالات التمثيل
ومادة التشابه , من الحياة ابتداء , أو من بعد الموت والكفر
ثم حضور الماء واحتياجه في الناس , وتنزيله مرة بعد مرة, كلما يبست الارض أو كادت
غير أن القرآن ينزل مرة, ويذاكر مرة بعد مرة, ليصبح عند الذاكرين كأنه يتنزل لتوه, فتقشعر منه جلودهم, ثم تلين, كحالها في الماء والرياح .
فضيلة الشيخ " صلاح الدين " إبراهيم أبو عرفة