الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ...
وبعد :::
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
إخواني أعضاء ورواد المنتدى :
خاطرة مرت فأحببتُ تقييدها ومن ثم استحسنت عرضها عليكم ::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::
مما لا شك أن الكل يعرف الفروقات بين المتفارقات ،، وموضوعي حول :
------
اللغة واللهجات :
------
فاللغة : كما قال الجرجاني في تعريفاته : هي ما يُعَبِّرُ بها كل قومٍ عن أغراضهم أ.هـ .
ولذا فهي عند أهلها ما أفادتْ معنىً مفهوماً ، وعليه فتدخل فيها أدوات التفاهم كالإشارة والرموز كما يُنَوَّه عليه في علوم القواعد اللغوية ..
واللهجة: هي طريقة نطق معينة تخص مجموعة يتميزون بها عن الكل في المجتمع المعين ذي اللغة الواحدة .
وتكونت هذه اللهجات من الانتشار والاختلاط بالغير .
وقد يقصد بها صفة المتحدث كقولهم شديد اللهجة ،، صادق اللهجة ... وعبر عنها اللغويون كما في لسان العرب بقولهم : هي لغة الإنسان التي جُبِلَ عليها فاعتادها ونشأ عليها .
-----------
ولم تتفق المصادر التي رجعتُ إليها في تعداد لغات العالم .. إلا أنهم يشيرون إلى أنها ما بين الخمسة والعشرة آلاف لغة في العالم .
وطبعاً إذا كانوا قد عجزوا عن تحديد اللغات فلا شك أنهم عن عد اللهجات أعجز وهي أكثر من اللغات بكثير . بل يصح أن يقال أن لكل لغة عدد من اللهجات .
وهذا أمر يلاحظه كل متابع لثقافات الغير ،، وكل من خرج وعاشر خليط المجتمعات المختلفة ..
بل قد يُعرف - وممن لم يغادر بيته - بواسطة وسائل نقل ثقافات الشعوب كوسائل الاتصالات من نت وفضائيات وغيرها ..
فعلى سبيل المثال الهند صاحبة أكبر عدد من اللغات واللهجات .. على أني لم أجد مستنداً أعتمد عليه في تحديد العدد إلا أنه يعد بالمئات ..
وهكذا كل بلد في العالم تقريباً تختلف لهجات شعبه مع اختلاف جهاته وابتعاد مناطقه ..
-----------
ونحن العرب عكسنا القاعدة الهندية ولله الحمد فلغتنا واحدة وإن تعددت لهجاتنا ..
والذي أريد أن أصل إليه في هذا المقال هو دراسة مصغرة سريعة حول لهجات العرب ..
فكما هو معروف أن العرب قد قُسِّمت إلى دويلات عددها يفوق العشرين دولة .. لغتهم الرئيسية والوحيدة تقريباً هي العربية إلا أنهم وإن توحدت لغتهم فقد تعددت لهجاتهم تعدداً هائلاً ... فكل بلد عربي لا يخلو من عدة لهجات تختلف اختلافاً معيناً حسب ابتعاد المناطق عن المدن وحسب التقاليد والعشائر ... وإن كان يربط أصلها اللهجة الأساسية للبلد .
وإن أردنا أن نضع مثالاً حياً فلنضع مصر صاحبة أشهر ثقافة عربية - إذ الإعلام المصري لم يدع أحداً يتقن اللغة العربية إلا أعطاه فكرة عامة عن البلد من جميع النواحي الاجتماعية والثقافية والسياسية والفكرية وغيرها من المجالات .
ومصر تحوي عدداً من اللهجات مثل : القاهرية والاسكندرانية والصعيدية والشرقاوية والنوبية ... هذه بعض اللهجات الأساسية فيها وإن كانت هناك أخرى فرعية ولكن المرجع فيها للمصري واحد أعني أن اللكنة والنبرة للكل تحدد هوية المتحدث .
ولو نظرنا مثلاً للشام - سوريا حالياً - فإن لغة أهل المدن كحلب وحمص ودمشق تختلف تماماً عن لهجة أطراف البلد المحادية لجزيرة العرب ، فلهجة هؤلاء لا تمت للهجة البلد الأساسية بشيء على أن هناك روابط تربطها بالأصل السياسي للدولة كما ذكرنا من النبرة واللكنة ..
وهكذا من نظر لفلسطين فلهجة أهل غزة غير لهجة أهل الضفة ..
وهكذا أيضاً الأمر في السعودية مثلاً هناك اللهجة الحجازية – المكاوي والجداوي - .. وما يقال عنه الحضري والبدوي والنجدي والقصيمي وأهل الرياض وهلم جرا ..
ولهجة أهل المغرب وهم أربع دويلات ليبيا والمغرب وتونس والجزائر ففي لهجاتها شيء من التجانس والتقارب عن بقية دويلات الوطن العربي إلا أن لهم أيضاً من اللهجات ما تحدد هويته النبرات واللكنات. .
-----------
وهنا نقطة أخرى وهي أن أبناء البلد ذا التقسيم السياسي المعاصر يَعْرِفُ بعضهم لهجات بعض أعني من ناحية الفهم السريع للمتحدث ..
في حين أن غيرهم من أهل البلاد الأخرى قد يجد صعوبة في مجاراة وفهم اللهجات غير الرسمية والأساسية للبلد الآخر ، مع كونه يتمتع بمزية فهم لهجة أهل بلده بتقسيمه السياسي - وأقصد بالتقسيم السياسي الانتماء لسياسية الدولة الحدودية : عراقي أردني سوداني .. وهلم جرا ..
-----------
والذي أردت تقريره هنا وهو سبب كتابة هذه الوريقات :: هو لمحة عن لهجات أهل اليمن خاصة ، وبصراحة لم أكن أظن أن الموضوع سيتسم بطابع الجدية فإن أصله كان مجرد خاطرة طريفة تهدف لزرع الابتسامة .. إلا أن القلم أبى مفارقة الورق لينحى بالموضوع المنحى الذي تراه ..
-----------
فإذا نظرنا إلى اللهجات اليمانية وجدنا أموراً تخالف ما قررناه في الأعلى ..
- أولاً : في ظني أنها أكثر بلد عربي تحوي لهجات ذات افتراق أساسي ولا ترجع إلى الأصل السياسي للبلد .
- ثانياً : أن اليمن تحوي أيضاً على لغات غير العربية فعندهم اللغة السقطراوية ويتحدث بها أهل جزيرة سقطرى
واللغة المهرية التي يتحدث بها أهل المهرة
ولبعض مناطق حضرموت الساحل لغة سواحلية يتحدثون بها..
- وإذا عدنا إلى موضوع اللهجات فإن لهجات أهل اليمن تختلف كثير منها عن بعضها اختلافاً جذرياً بحيث يقف بعضهم أمام بعض كوقوف النجدي الصرف أمام اللبناني المدني فلا يفهم بعضهم بعضاً إلا بشيء من التركيز من طرف المستمع وشيء من الروية من جانب المتحدث .
- وبخلاف بقية الدول فإن لكل دولة شبه لهجة رسمية تُفهم من الكل أو يستطيع غيرهم أن يحدد الهوية السياسية أو الانتماء للمتحدث ..
وأما اليمن وأظنه بسبب التفرق السياسي الحادث بسبب الاستعمار الأجنبي ،، فلا تكاد تجد لها لهجة رسمية تحدد الهوية إلا أن يقال لهجة ساستهم كلهجة أهل صنعاء وما جاورها ،، ولكن ذلك سببه الكثافة السكانية التي تسود البلد وإلا فإن لهجة الجنوب الشرقي تختلف تماماًَ عن اللهجة الوسطى والله أعلم ..
-----------
وهنا ممكن أن أذكر اللهجات ذات الافتراق الأساسي حسب تذكري إياها :
- لهجة : أهل صنعاء
- أهل عدن
- أهل تعز
- أهل البيضاء
- أهل الحديدة
- أهل مأرب
- وأهل الجوف
- أهل لحج
- أهل يافع
- أهل أبين وتحتوي على عدة لهجات كالمودية وغيرها
- أهل شبوة ..
- أهل حضرموت الداخل
- أهل حضرموت الساحل
- أهل المهرة
وكل لهجة من هذه ينطبق عليها ما ذكرناه في أهل كل دويلة ذات تقسيم سياسي مع أختها ،، إذ لا بد من الانتباه .. التركيز من جانب المستمع والروية في الحديث من المتحدث ..والله المستعان .
-----------
وهنا أرفع لكم هذا الملف - والذي هو بذرة بزوغ هذه الخاطرة والتي تحولت إلى بحث مختصر يحتاج شيء من الاهتمام لتطريزه بالمصادر والمراجع والله المستعان - وهو عبارة عن قصيدة وضعها بعض أهل اليمن في نقد لهجاتهم ..
-----------
وللفائدة :
فإن كثير من الكلمات العربية قد اندرست تماماً واستبدلت بغيرها واتفق العرب على الاستبدال واختلفوا في البديل ..
فاللهجات العامية المعاصرة للغة العربية قد تغيرت تماماً عن أصلها ..
فقد كانت اللهجة قديماً لها أصلها واستعمالها العربي الفصيح ... واختلافها كان في مجرد النطق وبعض الأمور الطفيفة والتي لا تخرج اللغة عن أصلها..
إلا أننا في العصر الحالي قد خرجنا باللغة عن أصلها تماماً حتى لم تعد اللغة العربية موجودة إلا في الأوساط الرسمية وبين بعض فئات الناس ذوي الاهتمامات الثقافية . وصارت لغة العرب عبارة عن لهجات عامية دارجة لا تعتمد على قواعد ولا إلزامات .
فمثلاً حرف الاستقبال والتنفيس (السين) قد حُذِفَتْ جذوره ولم يعد يستخدم إلا عند استخدام الفصحى ..
بينما أبدعت اللهجات العامية في إيجاد البديل واستخدامه فها أنت تراه (الباء) في غالب الجزيرة العربية .. و(الحاء) في مصر وبعض دول الشام .. وكذا (العين) و (الشين) في شمال اليمن .. و(القاف) في بعض اللهجات .. بل قد تستعمل كلمة كاملة محلها كـ (راح) في قولهم (راح أمشي ، راح اشتريها...) .... وقد تحذف في بعض اللهجات ولا يستعاض عنها بشيء ..
----
وهذا غير المذابح التي انتهكت في حق كثير من الأحرف .. فعلى سبيل المثال حرف القاف (ق) ::
فإنك تجد أن بعض اللهجات قد قلقلته حتى احترق !!..
في حين قامت أخرى بذبحه وقطع رأسه فسالت نقطتاه إلى الأسفل فصار ياءً (ي)..
وأخرى قامت بتفخيمه وتضخيمه حتى خرجت به إلى الحرف (G) ..
ولا أنسى أن هناك من اعتنى بتأديبه وتنسيقه وتقييمه حتى صار عندهم ألفاً (أ)..
ولا يكاد يجد نفسه ويأخذ مستراحه إلا عند قراءة القرآن لاعتناء القارئ بالمخارج ..
وهكذا لم يسلم من الأحرف إلا القليل إن سلم ..
-----------
وفائدة أخرى :
نجد أن المتحدث باللغة العربية الفصحى لا يكاد يسلم من النقد ولو كان من أهل المعرفة بها ..
ومن اللهجات من لا يمكنه إتقان الفصحى نطقاً رغم إتقانه إياها كتابة ..
وكل متحدث بها من الممكن معرفة انتمائه بواسطة النبرات واللكنات التي تصاحب الناطق من أصل لهجته ..
إلا أن هناك من هو الأفضل في استخدامها عن غيره .. وأشهد لأهل الشام بأنهم أكثر المعاصرين إتقاناً لنطقها حتى يكاد لا يعرف المستمع تحديد الانتماء بسهولة لاختفاء النبرات واللكنات المميزة .. وقد يتبعهم بعض دول الخليج فالمغرب والله المستعان .
-----------
هذا ما نضح به الفكر وفارق عنده القلم ورقته بعد التصاق دام سويعات متفرقة هي عمر هذه الأسطر .. والله الموفق .
*-*-*-*-*-*-*-*
في حفظ الله ورعايته ..
وكتبه : أبو .....
أحمر العين ..
الجمعة :
16/3/1430هـ
// الموافق //
13/3/2009م