أحمد الشجاع -
يقول جيرت فيلدرز زعيم حزب "الحرية" المتطرف الهولندي – في جوابه على سؤال حول الإسلام المعتدل -: "إطلاقاً، لا يوجد إسلام معتدل أصلاً، وأعتقد أن الإسلام أيديولوجية شمولية. فهو فكر أكثر مما هو دين، وأراه يقوم على أساس السيطرة والقمع ولا يمكن مقارنته بالشيوعية والفاشية. فالإسلام بات أكبر تهديد في الوقت الحاضر لأوروبا".
وعلى عكس فيلدرز هناك من الغربيين من يؤمن بوجود "إسلام معتدل". وهذا التصنيف يطرح – في ظاهره - صورة إيجابية عن الإسلام، لكنه يحمل في واقعه صورة سلبية لا تليق بديننا الإسلامي؛ حيث إن طرح مصطلح "إسلام معتدل" داخل المجتمع الغربي سيقابله – في أهان الناس – وجود "إسلام متطرف".. وكأن هناك دينان داخل الإسلام.. مع أن ديننا ليس فيه تطرف وغلو قط.
ومع أن المقصود بهذا التصنيف في الغالب هم المسلمون باعتبار تدينهم، لكن الذي سيرتبط بذهن الغربي هو الإسلام كدين بغض النظر عن أتباعه.
وهناك جانب سلبي آخر لمصطلح "الإسلام المعتدل" ألا وهي معايير الاعتدال عند الغرب.. هل تتوافق مع المعايير والضوابط التي وضعها ديننا الإسلامي؟، أم أنها تنطلق من ثقافة الغرب وقناعاته وتعاملاته التاريخية المتراكمة مع العالم الإسلامي؟.
الجواب هو أن الثقافة الغربية هي التي تحدد معايير "الإسلام المعتدل" الذي يريده الغرب وفق ملّتهم لا الذي نؤمن به نحن المسلمين.
وفي السطور التالية نظرة سريعة حول رؤية الغرب لمفهوم "الإسلام المعتدل"، من خلال ما طرحته بعض الدراسات الغربية عن الإسلام الذي يريده الغرب.
وصفة أمريكية لبناء شبكة "إسلاميين معتدلين"
تحت هذا العنوان يقول خليل العناني - في موقع (تقرير واشنطن) الأمريكي - لا يزال الغرب مسكوناً بهاجس التطرف الإسلامي، ولا تزال الكثير من مؤسسات ومراكز الأبحاث الأمريكية تقوم بالعديد من الدراسات والأبحاث حول كيفية تقويض والحد من المد الأصولي الذي تراها عنصراً رئيسياً في تهديد المصالح الغربية حول العالم.
ويعتقد البعض أن أحد الأدوات الرئيسية لمواجهة هذا المد المتصاعد تكمن في تقوية ما أطلق عليه تيارات "الإسلام المعتدل" باعتبارها حائط الدفاع الأول في مواجهة انتشار التطرف والتشدد في العالم الإسلامي.
ونقل عن دراسة أعدتها شارلي بينارد - الباحثة بمؤسسة (راند) للدراسات ونُشرت عام 2004م- تصنفيها "الإسلام السياسي" إلى أشكال متعددة، كان أهمها "الإسلام المعتدل".
وفي عام 2007م أصدرت مؤسسة (راند) دراسة شاملة حول "بناء شبكات من المسلمين المعتدلين في العالم الإسلامي" شارك فيها أربعة باحثين في مقدمتهم شارلي بينارد وأنجل رابسا ولويل شوارتز وبيتر سكيل.
وتنطلق الدراسة من فرضية أساسية مفادها أن الصراع مع العالم الإسلامي هو بالأساس "صراع أفكار"، وأن التحدي الرئيسي الذي يواجه الغرب يكمن فيما إذا كان العالم الإسلامي سوف يقف في مواجهة المد الجهادي الأصولي، أم أنه سيقع ضحية للعنف وعدم التسامح.
وقد قامت هذه الفرضية الغربية على عاملين أساسيين: "أولهما أنه على الرغم من ضآلة حجم الإسلاميين الراديكاليين في العالم الإسلامي، إلا أنهم الأكثر نفوذاً وتأثيراً ووصولاً لكل بقعة يسكنها الإسلام سواء في أوروبا أو أمريكا الشمالية. وثانيهما ضعف التيارات الإسلامية المعتدلة والليبرالية والتي لا يوجد لديها شبكات واسعة حول العالم كتلك التي يملكها الأصوليون".
وانطلاقاً من هذه الفرضية فإن الخيط الرئيسي في الدراسة يصب في "ضرورة قيام الولايات المتحدة بتوفير المساندة للإسلاميين المعتدلين من خلال بناء شبكات واسعة وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم لبناء حائط صد في مواجهة الشبكات الأصولية".
وفي هذا الإطار – يقول العناني - تضع الدراسة ما تطلق عليه "خارطة طريق" يمكن للولايات المتحدة السير عليها من أجل خلق أجيال من الإسلاميين المعتدلين يمكن من خلالهم مواجهة التيارات الأصولية. وتوصي الدراسة بإمكانية الاستفادة في بناء هذه الشبكات من تجربة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق طيلة النصف الأخير من القرن الماضي.
وقالت الدراسة إن صناع السياسة في أمريكا يواجهون ثلاثة تحديات رئيسية تختلف كلياً عما كان عليه الحال إبان الحرب الباردة. أولها، يتعلق بصعوبة الاختيار بين إستراتيجيتي الدفاع أم الهجوم، فالبعض فضل اللجوء للإستراتيجية الهجومية من أجل خلخلة النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق، من خلال خلق شبكات داخلية لمهاجمة كافة الحكومات الشيوعية. في حين اعتقد البعض الأخر ضرورة اللجوء للإستراتيجية الدفاعية من خلال اعتماد إستراتيجية "الاحتواء" من خلال دعم الحكومات الديمقراطية في أوروبا الغربية وآسيا وأمريكا اللاتينية.
التحدي الثاني يتمثل في كيفية حفاظ الحلفاء المحليين علي مصداقيتهم أمام شعوبهم بسبب ارتباطهم بالولايات المتحدة، ولذا فقد حاولوا وضع مسافة واضحة بين أنشطتهم وعلاقتهم بواشنطن.
أما التحدي الثالث فيتمثل في شكل وبنية التحالف الذي يمكن بناؤه في مواجهة الشيوعية، وهل يتم من خلال العلاقة مع الاشتراكيين السابقين الذي تحولوا ضد الشيوعية، ولكنهم أيضا ينتقدون السياسة الخارجية الأمريكية، أم البحث عن شركاء آخرين؟ وفي النهاية لجأت الولايات المتحدة إلي بناء تحالف كبير يضم جميع من ينتقد الأيديولوجية الشيوعية، لذا تم تأسيس ما يطلق عليه "كونجرس الحرية الثقافية".
وتشير الدراسة إلى أن أهم الشركاء "المحتملين" في مواجهة من وصفته "الإسلام الراديكالي" هم المسلمون الليبراليون والعلمانيون الذين يؤمنون بقيم الليبرالية الغربية وأسلوب الحياة في المجتمعات الغربية الحديثة. "والذين يمكن من خلالهم محاربة الأيديولوجية الإسلامية المتشددة والراديكالية، ويمكن أن يكون لهم دور مؤثر في حرب الأفكار". إذاً هذه بعض صفات المسلمين المعتدلين حسب الرؤية الغربية "ليبراليون وعلمانيون"، ومعروف أن كلتا الصفتين جزء من الثقافة الغربية.
بيد أن الدراسة تؤكد علي أنه لابد من توفير كافة مصادر التمويل التي تمكن هؤلاء المعتدلين من نشر أفكارهم وحصد مؤيدين وأنصار لهم داخل المجتمعات الإسلامية، وتوفير الدعم السياسي من خلال الضغط على الحكومات السلطوية للسماح لهم بالتحرك بحرية ودون قيود.
ومن وسائل الدعم أيضاً توسع "برامج مكافحة الإرهاب لتشمل ليس فقط محاكمة ومقاضاة المتورطين في الأنشطة الإرهابية، وإنما أيضاً التعاطي مع المصادر الحقيقية والبعيدة للإرهاب، ممثلة في إعادة هيكلة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلدان التي تمثل مصدراً رئيسياً لظهور الإرهابيين"، وذلك علي حد وصف الدراسة. وهو ما ترجم عملياً في وثيقة (إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي) التي أصدرتها الإدارة الأمريكية في سبتمبر عام 2002، والتي تبنت فكرة نشر الديمقراطية والحرية خارج الحدود الأمريكية، أو ما أطلق عليها الرئيس بوش في خطابه الشهير أوائل عام 2002 "أجندة الحرية".
مواصفات "الإسلام المعتدل"
تشير الدراسة إلى أن نقطة البدء الرئيسية التي يجب علي الولايات المتحدة البدء بها في بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين تكمن في تعريف وتحديد هوية هؤلاء الإسلاميين. وفي هذا الصدد تشير الدراسة إلى أنه يمكن التغلب علي صعوبة تحديد ماهية هؤلاء المعتدلين من خلال اللجوء إلي التصنيفات التي وضعتها بعض الدراسات السابقة التي قام بها بعض باحثي معهد (راند) مثل دارسة شارلي بينارد "الإسلام المدني الديمقراطي"، ودراسة أنجل رابسا "العالم الإسلامي بعد أحداث 11 سبتمبر".
ولهذا الغرض فقد وضعت الدراسة بعض الملامح الرئيسية التي يمكن من خلالها تحديد ماهية "الإسلاميين المعتدلين"، حسب المعايير الغربية، أهمها ما يلي:
1- القبول بالديمقراطية: يعتبر قبول قيم الديمقراطية الغربية مؤشراً مهماً علي التعرف على "الإسلاميين المعتدلين"، فبعض الإسلاميين يقبل بالنسخة الغربية للديمقراطية، في حين أن البعض الأخر يقبل منها ما يتواءم مع المبادئ الإسلامية خصوصاً مبدأ "الشورى" ويرونه مرادفاً للديمقراطية.
كما أن الإيمان بالديمقراطية يعني في المقابل رفض فكرة الدولة الإسلامية التي يتحكم فيها رجال الدين، لذا يؤمن "الإسلاميون المعتدلون" بأن لا أحد يملك الحديث نيابة عن "الله".
2- القبول بالمصادر غير "المتعصبة" في تشريع القوانين: وهنا تشير الدراسة إلي أن أحد الفروق الرئيسية بين الإسلاميين "الراديكاليين" و"المعتدلين" هو الموقف من مسألة تطبيق الشريعة. فالتفسيرات التقليدية للشريعة لا تتناسب مع مبادئ الديمقراطية، ولا تحترم حقوق الإنسان، وتدلل الدراسة على ذلك من خلال مقال للكاتب السوداني عبد الله بن نعيم قال فيه إن الرجال والنساء والمؤمنين وغير المؤمنين لا يمتلكون حقوقاً متساوية في الشريعة الإسلامية.
3- "احترام حقوق النساء والأقليات الدينية": وفي هذا الصدد تشير الدراسة إلى أن "المعتدلين" أكثر قبولاً بالنساء والأقليات المختلفة دينياً، ويرون بأن الأوضاع التمييزية للنساء والأقليات في القرآن يجب إعادة النظر فيها؛ نظراً لاختلاف الظروف الراهنة عن تلك التي كانت موجودة إبان العصري النبوي الشريف. وهم يدافعون عن حق النساء والأقليات في الحصول علي كافة المزايا والحقوق في المجتمع.
4- "نبذ الإرهاب والعنف غير المشروع": وهنا تؤكد الدراسة على أن "الإسلاميين المعتدلين" يؤمنون، كما هو الحال في معظم الأديان، بفكرة "الحرب العادلة"، ولكن يجب تحديد الموقف من استخدام العنف، ومتي يكون مشروعاً أو غير مشروع؟.
وفي نهاية هذا الجزء تضع الدراسة مجموعة من التساؤلات، أشبه بمقياس للفرز بين "الإسلاميين المعتدلين"، وأولئك الذين "يتخفون وراء مقولات الاعتدال والديمقراطية كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر"، على حد قول الدراسة.
هذه الأسئلة هي بمثابة اختبار لإثبات مدى اعتدال أي جماعة إسلامية من عدمه وتتمثل فيما يلي:
- هل الجماعة تتساهل مع "العنف" أو تمارسه؟، وإذا لم تكن تتساهل معه فهل مارسته في الماضي؟.
- هل الجماعة تؤيد الديمقراطية باعتبارها "حق" من حقوق الإنسان؟.
- هل تحترم الجماعة كافة القوانين والتشريعات الدولية لحماية حقوق الإنسان؟.
- هل لديها أية استثناءات في احترام حقوق الإنسان (مثل الحرية الدينية علي سبيل المثال)؟.
- هل تؤمن بأن تغيير الديانة أحد "حقوق الإنسان"؟.
- هل تؤمن بضرورة أن تطبق الدولة قانوناً جنائياً (الحدود) يتطابق مع الشريعة الإسلامية؟.
- هل تؤمن بضرورة أن تفرض الدولة قانوناً مدنياً متلائما مع الشريعة؟، وهل تؤمن بحق الآخرين في عدم الاحتكام بمثل هذا القانون والرغبة في العيش في كنف قانوني علماني؟.
- هل تؤمن بضرورة أن تحصل الأقليات الدينية على نفس "حقوق" الأغلبية؟.
- هل تؤمن "بحق" الأقليات الدينية في بناء دور العبادة الخاصة بهم في البلدان الإسلامية؟.
- هل تؤمن بأن يقوم النظام القانوني على مبادئ غير دينية؟.
حلفاء محتملون: علمانيون وليبراليون ومتصوفة
وتشير الدراسة إلى أن هناك ثلاثة قطاعات مهمة في العالم الإسلامي قد تمثل "نواة جيدة" لبناء شبكات من "الإسلاميين المعتدلين" من أجل مواجهة "المتطرفين الإسلاميين". وهذه القطاعات هي (العلمانيون والإسلاميون الليبراليون والمعتدلون التقليديون بما فيهم المتصوفة).
في ما يخص العلمانيين تشير الدراسة إلى أن التيار العلماني في العالم الإسلامي، خصوصاً في البلدان العربية، يعاني من الضعف والتهميش؛ نظراً للعلاقة الوثيقة التي نشأت بين العلمانية والنظم الشمولية. وتشير الدراسة إلى وجود ثلاثة أنواع من العلمانيين:
أولها العلمانيون الليبراليون وهم الذين يؤيدون تطبيق القوانين العلمانية في الدول الإسلامية. وهم يؤمنون بالقيم العلمانية الغربية التي تقوم على ما يسمى بـ"الدين المدني".
أما النوع الثاني من العلمانيين فتُطلِق عليه الدراسة اسم "الأتاتوركيين" نسبة إلى العلمانية التركية، التي تحرم أي مظاهر للدين في الحياة العامة كالمدارس أو الأماكن العامة. وهي أقرب ما تكون للنموذج الفرنسي والتونسي، وخير مثال على ذلك موقفهم من قضية الحجاب.
أما النوع الثالث فتطلق عليه الدراسة "العلمانيون السلطويون" وقائمتهم تشمل البعثيين والناصريين والشيوعيين الجدد.
وعلى الرغم من علمانيتهم الظاهرة إلا أن هؤلاء قد يتمسكون ببعض الرموز الدينية من الناحية الشكلية فقط من أجل كسب التعاطف الشعبي.
أما الإسلاميون الليبراليون، فعلى الرغم من أنهم يختلفون مع العلمانيين في أيديولوجيتهم السياسية، إلا أنهم يحملون أجندة فكرية وسياسية تتلاءم تماماً مع القيم الغربية، وهم يأتون من أوساط الإسلاميين التحديثين.
وترى الدراسة أن هؤلاء لديهم نموذج خاص من الليبرالية الإسلامية يتواءم مع الديمقراطية الليبرالية الغربية خصوصاً فيما يتعلق بالديمقراطية وشكل الدولة وحقوق الإنسان والتعددية السياسية.
بل الأكثر من ذلك أن موقفهم من مسألة تطبيق الشريعة "متقدم وبنّاء"، علي حد وصف الدراسة، حيث ينظرون إلى الشريعة باعتبارها منتج تاريخي وأن بعض أحكامها لم يعد يتناسب مع الوضع الراهن..
أما "الإسلاميون التقليديون" والصوفيون، تشير الدراسة إلى أنهم يشكلون الغالبية العظمى من سكان العالم الإسلامي، وهم يعبرون عن الإسلام المحافظ، ويؤكدون على السير على خطى السلف، والتمسك بالجانب الروحي للإسلام. وهم يعتمدون على المذاهب الأربعة في فهمهم للإسلام.
ووفقاً لهذه الدراسة فإن هؤلاء الإسلاميين من ألد أعداء الوهابيين والسلفيين الجهاديين.
هل يمكن دمج الإسلاميين؟
تشير الدراسة إلى الجدل المحتدم في الولايات المتحدة وأوروبا حول الموقف من دمج الإسلاميين في العملية السياسية، والتعامل معهم باعتبارهم شركاء. وتستعرض الدراسة وجهتي نظر مختلفتين حول هذه المسألة.
الأولي تتبنى الدمج وتقوم على ثلاث حجج، أولها أن الإسلاميين يمثلون البديل المحتمل للنظم الشمولية في العالم الإسلامي خصوصاً في العالم العربي.
ثانيها أن العديد من الجماعات الإسلامية تتبنى أجندة ديمقراطية تقوم على احترام التعددية وحقوق الأقليات كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية.
ثالثها، أن هؤلاء الإسلاميين الأكثر قدرة على مواجهة "الخطر الراديكالي الذي يمارس العنف والإرهاب"، وهم أقدر على ذلك من رجال الدين التقليديين.
في حين تقوم وجهة النظر الأخرى التي تعارض دمج الإسلاميين ومعاملتهم كشركاء على ثلاث حجج، أولها عدم التأكد من أن خطاب الإسلاميين بشأن موقفهم من الديمقراطية يعبر عن موقف تكتيكي أم استراتيجي. وما إذا كانوا سيقبلون بمبدأ الفصل بين الدين والدولة، وما إذا كانت فكرة الدولة الإسلامية لا تزال تهيمن علي مخيلتهم أم لا؟.
ثانيها، إنه ربما يقوم هؤلاء الإسلاميين، على المدى القصير، بدور فعال في مواجهة الجهاديين، وهو ما قد يفقدهم المصداقية أمام الشعوب، وتكون مواجهتهم مرتفعة الثمن في المدى الطويل.
وثالثها، أن أفضل طريق للتعاطي مع هؤلاء الإسلاميين يكون فقط من خلال تقوية شبكاتهم وجعلهم نداً لغيرهم من الجماعات قبل الحديث عن شراكة وتحالف معهم.
وتخلص الدراسة في هذا الجزء إلى أن خمسة فئات يجب دعمها في العالم الإسلامي وهي، فئة الأكاديميين والمفكرين الليبراليين والعلمانيين، وفئة الشباب من رجال الدين وفئة نشطاء المجتمع المدني، وفئة الناشطين في مجال حقوق المرأة، وفئة الكتاب والصحفيين والإعلاميين.
توصيات الدراسة
في نهاية الدراسة يشير الباحثون إلى مجموعة من التوصيات التي يجب على الولايات المتحدة الالتفات إليها ويمكن إيجازها فيما يلي:
- أن تشرع الولايات المتحدة في بناء شبكات من "الإسلاميين المعتدلين"، وأن يكون ذلك جزءاً من الإستراتيجية الأمريكية الشاملة حول هذا الملف وهو ما يمكن تحقيقه من خلال وجود جهاز مؤسسي يقوم بهذا الجهد.
- يجب أن تهتم الإدارة الأمريكية من خلال مبادرة دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط ببناء علاقات مع كل من العلمانيين ورجال الدين المعتدلين والمفكرين والصحفيين والناشطين في مجال المرأة.
- وضع برامج محددة في مجالات التعليم الديمقراطي، الإعلام، جمعيات الدفاع المدنية.
- عقد ورش عمل ودورات "للمعتدلين" والليبراليين والاستماع إلى أفكارهم.
- بناء شبكة دولية لربط الليبراليين و"المعتدلين الإسلاميين" حول العالم ووضع برنامج محدد لتطوير أدواتهم وإمكاناتهم.
هل تدعم أمريكا "تجديد الإسلام"؟
تحت عنوان (السياسة الخارجية الأمريكية والتجديد الإسلامي) أصدر (معهد السلام الدولي) – في 2006م- دراسة حول دور الولايات المتحدة في وضع إطار يساهم في تحديد طبيعة المناقشات والجدل الدائر الآن داخل المجتمعات الإسلامية بين ما يسمى بالتيارات "السلفية الأصولية"، و"تيار التجديد الإسلامي".
تحاول الدراسة لفت نظر واشنطن إلى أن الحركات الإسلامية المعتدلة في أنحاء العالم، أو ما سمي في البحث "حركة التجديد الإسلامي" تمثل تياراً كبيراً مقبولاً في المجتمعات الإسلامية. وتتمثل أهمية هذه الحركة بالنسبة للولايات المتحدة في امتلاكها عناصر القدرة على دفع عملية "الإصلاح والتطور"، إضافة إلى محو وكشف "التطرف الديني الذي ساعد على انتشار الكراهية والمشاعر السلبية داخل البلدان الإسلامية تجاه الثقافة الغربية بمجتمعاتها المختلفة".
وهنا أهم النقاط التي تضمنتها الدراسة – حسب موقع (تقرير واشنطن) - علاوة على التوصيات التي أعدها المؤلف لتحسين مضمون السياسة الأمريكية لمكافحة ما وصفه "التطرف الديني بالعالم الإسلامي".
التعريف الأمريكي لحركة "التجديد الإسلامي"
يتبع---