الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ثمّ أمــّا بعد ،
إخواني وأحبابي في الله تعالى لاحظنا أجمعين (( أو أغلبنا )) أنّ كثيرا من البلاد تشكو من قلــّة المطر فلقد انتهى شهر 11 ميلادي والمطر لم ينزل إلاّ قليلا جدا .
والنــّاس تشكو من قلــّة المطر ، وموسم الفلاّحين هذا العام مهدّد بالبوار والخسارة الكبيرة .
ومع كلّ هذه الهموم والخوف من انحباس المطر ، فما زال كثير كثير كثير من المسلمين يغفل عن الســّبب الحقيقي للانحباس المطر !
فبعض النــّاس يعزو انحباس المطر للطــّبيعة ، وبعضهم لكذا وبعضهم لكذا ، وللأسف الشــّديد كثير من المسلمين غفل عن الســّبب الحقيقي لانحباس المطر .
وفي هذا الموضوع سأسعى بعونه تعالى لأذكــّر نفسي وإيــّاكم ببعض الأمور ، فأقول وبالله التــّوفيق :
أوّلا :
لقد غفلنا للأسف الشــّديد عن قوله تعالى مخبرا عن عبده نوح عليه الســّلام :
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)
يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)
فبيّن المولى جلّ جلاله لنا أجمعين أنّ الاستغفار سببا من أسباب نزول المطر ، فغفلنا عنه(( الاستغفار))
فأين أنت أيــّها الفلاّح المسلم ؟ (( أخصّ الفلاّحين وأعمّ عموم المسلمين فنحن أجمعين بحاجة للمطر ))
أين أنت من الاستغفار ؟
هل أكثرت منه ؟
هل لهج لسانك باستغفار ربّك جلّ جلاه؟؟!!
هل جعلتَ ليلك ونهار استغفارا لله تعالى؟؟!!
هل علمتَ مدى تقصيرك في حقّ نفسك ؟؟!!
هل فقهتَ جيّدا قول الله تعالى ((يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)؟؟!!
نعم الاستغفار سبب أساسيّ لنزول المطر فانتبه أخي الفلاّح خصوصا وأخي المؤمن عموما .
ثانيا :
كم من المسلمين فقه جيــّدا قول الرّسول صلــّى الله عليه وسلــّم ((عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النــّبي صلــّى الله عليه وسلــّم قال :
يا معشر المهاجرين ! خصال خمس إذا ابتليتم بهن و أعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا و لم ينقصوا المكيال و الميزان إلا أخذوا بالسنين و شدة المؤنة و جور السلطان عليهم و لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء و لولا البهائم لم يمطروا و لم ينقضوا عهد الله و عهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم و ما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز و جل و يتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم
.
قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7978 في صحيح الجامع
ولو أردتُ شرح هذا الحديث والتــّعليق عليه لطال الموضوع كثيرا كثيرا ، ولكن أريد أن أركــّز على هذه النــّقطة فقط:
و لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السّماء و لولا البهائم لم يمطروا .
إيه يا أمــّة الإسلام ، إيه كم فيك من أغنياء وأثرياء تذهب أموالهم عياذا بالله تعالى على الحرام وعلى النــّساء الغانيات الفاجرات .
إيه كم فيك يا أمــّة الإسلام من أمراء وحكــّام جاروا وطغوا وتكبــّروا في البلاد وأنفقوا أموالهم على معصية ربّ الأرباب .
إيه يا أمــّة الإسلام كم فيك من ثري لا يعرف كم رصيده في المصارف الرّبويــّة المحاربة لله تعالى (( بل والمحاربة من الله تعالى )).
إيه يا أمــّة الإسلام لو اتـّـقى المسلمون ربّهم وأدّى كلّ أصحاب الثــّروات زكاة أموالهم لما بقي في الأرض فقير من المسلمين .
نعم صدقتّ بأبي أنت وأمــّي يا رسول الله صلــّى الله عليك وسلــّم تسليما كثيرا :
و لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السّماء و لولا البهائم لم يمطروا .
صدق بأبي وأمــّي صلــّى الله عليه وسلــّم الذي لا ينطق عن الهوى ،
صدق بأبي وأمــّي ونفسي والنــّاس أجمعين صلــّى الله عليه وسلــّم .
كم من مانع للزكاة من أمــّة الإسلام ؟!
كم من مجاهر بمعصية الله تعالى ؟!
كم منفق أمواله على بيوت الدّعارة من اغنياء العرب ؟!
وكم من مسلم يصلــّي نعم يصلــّي ولكنــّه بخيل وشحيح لا يؤدّي زكاة ماله خوفا كما يزعم من ضياعه ونقصانه .
وكم من مسلمة تملك أموالا طائلة ولا تؤدّي زكاة أموالها خوفا على نفسها من غدر الزّمان كما تزعم ، وما علمت المسكينة أنّ قولتها هذه (( غدر الزمان)) كلمة كفريــّة لأنّ الزمان والدّهر بيد الله تعالى .
وكم وكم وكم وكم من المسلمين يرون أقاربهم ومحارمهم بل ولعلّ آباءهم لا يجدون ما يأكلون وهم (( الأبناء)) بالتــّرف غارقون .
ثالثا: هجرنا لسنــّة الحبيب صلــّى الله عليه وسلــّم في الدّعاء وصلاة الاستسقاء :
بأبي أنت وأمـّي ونفسي والنــّاس أجمعين يا رسول الله صلــّى الله عليك وسلــّم تسليما كثيرا ، فلقد كنتَ ، وأنت من أنت تفزع إلى الصــّلاة والدّعاء والتــّضرع لله تعالى ، فلقد روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنه قالت :
شكا النـّاس إلى رسول الله صلـّى الله عليه و سلـّم قحط المطر فأمر بالمنبر فوضع له في المصلـّى ووعد النـّاس يوما يخرجون فيه قالت عائشة : فخرج رسول الله صلـّى الله عليه و سلـّم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :
( إنـّكم شكوتم جدب جنانكم واحتباس المطر عن إبان زمانه عنكم وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم ) ثمّ قال :
( { الحمد لله ربّ العالمين . الرّحمن الرّحيم . مالك يوم الدّين } [الفاتحة :2ـ4] لا إله إلا أنت تفعل ما تريد اللهمّ أنت الله لا إله إلا أنت الغني ـ ونحن الفقراء ـ أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى خير( وفي رواية إلى حين)) ) ثمّ رفع يديه صلــّى الله عليه و سلـّم ـ حتى رأينا بياض إبطيه ـ ثمّ حول إلى النـّاس ظهره وقلب ـ أو حول ـ رداءه وهو رافع يديه ثمّ أقبل على النـّاس ونزل فصلـّى ركعتين فأنشأ الله سحاباً فرعدت وأبرقت وأمطرت بإذن الله فلم نلبث في مسجده حتى سالت السيول فلمــّا رأى رسول الله صلـّى الله عليه و سلـّم لَثَقَ الثـّياب على النـّاس ضَحِكَ حتى بدت نواجذه و قال :
( أشهد أنّ الله على كل شيء قدير وأنـّي عبد الله ورسوله )
=(2860)[12:5]
قال الشــّيخ الألباني رحمه الله تعالى وغفر له :
صحيح
فأين نحن من سنــّته والاقتداء به صلــّى الله عليه وسلــّم ؟
أين استغاثتنا بالله تعالى؟؟!!
أين تضرّعنا إليه جلّ جلاله ؟؟!!
أين الاستغفار ؟!
أين التــّوبة؟؟!!
أين الإنابة؟؟!!
أين تأدية الزّكاة ؟؟!!
أين حقوق الفقراء؟؟!!
أين العودة إلى الله تعالى ؟؟!!
وأذكــّركم أنــّه قد تنزل الأمطار أحيانا في بعض البلاد فتكون وبالا على أهلها كما حدث من فياضانات كثيرة في كثير من البلاد ، فالمطر نعمة من الله تعالى ، وقد يكون عذابا منه جلّ جلاله .
فإذا نَزَلَ المطر نَقول
اللهم صيّباً نافعاً، فإذا حصل فيه مضرّة، يقال اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب، الحديث. واذا لم يكن فيه مضرّة يقول: اللهم صيّباً نافعاً، مطرنا بفضل الله ورحمته، اللهم اجعله مباركاً، فإذا شقّ عليهم يقولون: ((اللهم حوالينا ولا علينا...)).
فتوبوا إلى الله تعالى وعودوا إليه وألحــّوا عليه بالدّعاء وأدّوا زكاة أموالكم يا أغنياء المسلمين ، حتــّى تنجوا من عذاب الله تعالى وسخطه في الدّنيا والآخرة.
اللهمّ هل بلــّغتُ اللهمّ فاشهد .
اخواني الاحبة يجب علينا عند الدعاء اليقين بأن الله هو الذي ينشأ السحاب الثقال ـ والتوجه اليه بالتضرع والخشوع والإنكسار بين يديه سبحانه جل شأنه ، وأن نؤدي الحقوق الى اصحابها ونتقي الله في حلِّنا وترحالنا ، حتى نكون ممن تستجاب دعوته
اللهمّ أنت الله، لا إله إلاّ أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين،
اللهمّ أنت الله، لا إله إلاّ أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين،
اللهمّ أنت الله، لا إله إلاّ أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين،
، اللهمّ إنـّا جئناك راغبين في رحمتك، وراجين فضلَ نعمتك، اللهم قد أجدبت أرضنا ، ، اللهمّ فاسقنا غيثك، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسّنين،
اللهمّ انشر رحمتك علينا بالسّحاب والمطر ،سحاًبا وابلاً غدقا مغيثاً هنيئاً مريئاً مجلِّلاً نافعا غير ضار،
اللهمّ لتحي به البلاد ، وتسقي به العباد، وتنعش بها الضعيف من عبادك، وتحي به الميت من بلادك،
اللهمّ سقيا هنيئة، اللهمّ سقيا هنيئة ،اللهمّ سقيا هنيئة تروى بها القيعان، وتسيل البيطان، وتستورق الأشجار، وترخص الأسعار،
اللهمّ إنـّا نسألك ألاّ تردَّنا خائبين،
اللهمّ إنـّا نسألك ألاّ تردَّنا خائبين،
اللهمّ إنـّا نسألك ألاّ تردَّنا خائبين،
ولا تقلبنا واجمين، فإنــّك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا، وتنشررحمتك، وأنت الولي الحميد.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله،
،اللهمّ إنــّا نستغفرك إنــّك كنت غفاراً، فأرسل السّماء علينا مدراراً، وأمددنا بأموال وبنين، واجعل لنا جنــّات واجعل لنا أنهاراً
اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت
اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت
اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت
اللهمّ اسقنا غيثاً مُغِيثاً مَرِيئاً، نافعاً غير ضارٍّ ، عاجلاً غير آجل
اللهمّ اسقنا غيثاً مُغِيثاً مَرِيئاً، نافعاً غير ضارٍّ ، عاجلاً غير آجل
اللهمّ اسقنا غيثاً مُغِيثاً مَرِيئاً، نافعاً غير ضارٍّ ، عاجلاً غير آجل
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
........
واخيراً وليس آخرا اخواني الاحبة ، اخواتي الفضليات علينا ان لا ننسى بركة اول نزول المطر ، وأن نحيي هذة السنة المهجورة
فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: أصابنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مطر .
قال: فحسر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ثوبه حتى أصابه من المطر ، فقلنا: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟ قال: (( لأنه حديث عهد بربه)) [ رواه مسلم: 2083 ] .
** قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع **
" ويسن أن يقف في أول المطر "
السنة في اصطلاح الفقهاء: هي ما يثاب فاعله امتثالاً، ولا يعاقب تاركه.
قوله: "أن يقف" ، أي: أن يقف قائماً أول ما ينزل المطر.
قوله: "وإخراج رحله وثيابه ليصيبهما المطر" ، أي: متاعه الذي في بيته، أو في خيمته إن كان في البر، وكذلك ثيابه يخرجها؛ لأن هذا
روي عن ابن عباس -. والثابت من سنّة النبي صلى الله عليه وسلم:
"أنه إذا نزل المطر حسر ثوبه"
أي: رفعه حتى يصيب المطر بدنه، ويقول: " إنه كان حديث عهد بربه وهذه السنّة ثابتة في الصحيح،
وعليه فيقوم الإِنسان ويخرج شيئاً من بدنه إما من ساقه، أو من ذراعه، أو من رأسه حتى يصيبه المطر اتباعاً لسنّة النبي صلى الله عليه وسلم
وقوله في الحديث: "إنه كان حديث عهد بربه"، لأن الله خلقه الآن، فهو حديث عهد بخلق الله.
.. انتهى كلام الشيخ رحمه الله ..
أعلموا ان إحياء سنة هو إماتة لبدعة
منقول بتصرف