شارف على الرحيل .. فهل من وقفة قبل التوديع ؟!
لقد أصبح هزيلاً .. بعد أن كان سميناً
لقد رَقّ عظمه !
وضعُف بدنه !
ولم يتبقّ منه إلاّ مثل الصَّـبَابة
باتت أيامه معدودة
وأوشك على الرحيل
أتُراه في الـنَّزْع ؟!
لا ..
أتظنه يلفظ أنفاسه ؟!
ليس بعد ..
..^..
إلاّ أنه يوشك على الرحيل .. ويُؤذِن بالوداع
فأي شيء عَمِلْت لِوداعه ؟
وأي زادٍ هيأت لِرحيله ؟
أيرحل وأنت تَنظُر ، ولا تُحرِّك ساكنا ؟
أيودِّعك وأنت عنه لاهٍ ؟!
ما هذا وَداع من أطلت مُعاشرته
كلا .. ولا ذاك بتوديع الصاحب
ذلكم هو العام الذي أنت فيه ..
وتلك كانت صِفات التقويم الذي طويته أو تكاد تطويه !
أما كنت أمس في أوّل شهر الله الْمُحرَّم ؟
أمَا كان التقويم أوّل العام مليئا بالأوراق ؟
أمَا نَزعته ورقة ورقة ؟
أيا صاح ! إنما كُنت تَنْتَزِع أيام عُمُرك
وتطوي سِنِيّ حياتك
هَذا التقويم قد انتهى
والعام قد انصرم
فماذا أودعته ؟
وأي شيء استودعته ؟
..^..
أشاهدا لك أو عليك ؟
أكُنت غافلا فيه أم كُنت يَقِظًا ؟
أأودعته إحسانا أو إساءة ؟
أودّعته بتوبة واستغفار .. أو بِزيادة ذنوب وآثام ؟
لقد تصرّمت أيام عُمرك
..^..
..^..
..^..
قال عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ رَضي الله عنه في خُطْبته : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصَرْمٍ وَوَلَّتْ حَذَّاءَ ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا ، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لا زَوَالَ لَهَا ، فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ . رواه مُسلم .
..^..
يا مَن يعد غداً لتوبته ... أعلى يَقين من بلوغ غَدِ ؟
المرء في زللٍ على أمل ... ومَنية الإنسان بالرَّصَدِ
أيام عمرك كلها عدد ... ولعل يومك آخر العددِ
..^..
اخوتى في الله .. إن تصرم الأعوام وانقضاء الشهور والأيام يذّكر برحيل الدنيا وزوالها
فهانحن قريباً سنودع عامنا وحريٌ بالمؤمن أن يقف مع نفسه معتبراً وقفة محاسبه ويبادر بالتوبه والرجوع الى الله
..^..