بسم الله الرحمن الرحيم
السيارة وحسن الخلق
إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إ له إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمد رسول الله:
أخي المسلم:
ما يلاحظ من كثير من السائقين يعود من رحلته اليومية بكثير من الذنوب والخطايا بالسب والشتم واللعن والتذمر والاستهزاء بخلق الله عز وجل، ويرسل سيل جارف الإهانات واللعن والشتم على من يخطئ بجانبه أو من يقود سيارته ببطئ أمامه أومن يزعجه بالضوء العالي من خلفه أثناء قيادة سيارته ولا يعرف للطريق حقاً ولا حرمه. فإذا حدثت مشاحنة بسيطة بينه وبين من يقود سيارته بجواره، إذا بسيل السباب والشتائم يندفع من لسانه.وبدلا من أن تسود روح الود بينهم، إذا بالبغضاء والشحناء تطغى على نفوسهم. فهل هذا السلوك صحيح؟ ونجد عناية الرسول صلى الله عليه وسلم الجمة بإتمام مكارم الأخلاق. ذلك أن الهدف من الرسالة هو تزكية النفس والوصول بها إلى درجة من الرقي والتطور تسمح لها بالتعبد السليم لله. وهذه هي غاية الخلق . ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا )
عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم و الصلاة.
ومن أسبابها ضعف الإيمان .
1) ضيق الصدر وتغير المزاج وانحباس الطبع حتى كأن على الإنسان ثقلاً كبيراً ينوء به ،
2) عدم التأثر بآيات القرآن لا بوعده ولا بوعيده ولا بأمره ولا نهيه …
3) الابتعاد عن ا لقدوة الصالحة .
4) كثرة الجدال والمراء المقسي للقلب :
5) التعلق بالدنيا ، والشغف بها ,
6) وجود الإنسان المسلم في وسط يعج بالمعاصي .
قال المناوي ( إن العبد إذا لعن شيئاً ) آدميا أو غيره بأن دعى عليه بالطرد والبعد عن رحمة اللّه تعالى ( صعدت اللعنة إلى السماء ) لتدخلها ( فتغلق أبواب السماء دونها ) لأنها لا تفتح إلا لعمل صالح إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعهفاطر 10( ثم تهبط ) أي تنزل ( إلى الأرض ) لتصل إلى سجين ( فتغلق أبوابها دونها ) أي تمنع من النزول ( ثم تأخذ يميناً وشمالاً ) أي تتحير فلا تدري أين تذهب ( فإذا لم تجد مساغاً ) أي مسلكاً وسبيلاً تنتهي إليه لمحل تستقر فيه ( رجعت إلى الذي لعن إن كان لذلك ) أي اللعنة ( أهلاً ) رجعت إليه فصار مطروداً مبعوداً فإن لم يكن أهلاً لها ( رجعت ) بإذن ربها ( إلى قائلها ) لأن اللعن طرد عن رحمة اللّه ،فمن طرد ما هو أهل لرحمته عن رحمته فهو بالطرد والإبعاد عنها أحق وأجدر،
فبعد مرور أربعة عشر قرنا من الزمان، حدثت انحرافات متعددة ومتنوعة عن الاهدف الأصيله التي جاء الإسلام ليتمها، وهو إرساء مبدأ حسن الخلق بين أفراد البشر. ولم يصبح هدف البشر الآن إلا التعبد دون أدنى اهتمام بتحقق الثمرة المرجوة من العبادة، ألا وهو حدوث تزكية النفس!!
سلوكيات المسلمين في الدول العربية:
نخلص مما سبق إلى أن تزكية النفس من الأشياء الأساسية، تتساوى في أهميتها مع أداء العبادات ذاتها. لكن ماذا حدث في واقعنا المعاصر، إن المشاهد لسلوكيات المسلمين في الوقت الراهن لتصيبه دهشة عظيمة مما آل إليه أمر المسلمين! وقد انتشرت مقولة: إن في بلاد المسلمين إسلام بلا مسلمين، وفي بلاد الغرب مسلمين بلا إسلام؟! وذلك للدلالة على عدم اتصاف كثير من المسلمين بأي أخلاق للإسلام، في الوقت الذي يتحلى فيه الغرب بكثير من صفات الإسلام مع عدم إسلامهم. والأمثلة كثيرة على ما ذكرت للأسف. بعد أن كنا من قبل إخوة متحابين. ذلك أن طول عشرتنا واحتكاكنا ببعضنا أفضت إلى ما لا يحمد عقباه من إظهار مساوئ السلوك والأخلاق في حق بعضنا البعض.
ولما أخبر عز وجل عن بعض الأمم الطاغية ، وما أحل بهم من العقوبات قال بعد ذلك :فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ سورة العنكبوت(29) وما قدموا من الأعمال المخالفة للحق ، لعلهم يتذكرون ويتعظون ، فيتوبوا إليه سبحانه ، ويرجعوا إلى طاعته ، ويحذروا ما نهاهم عنه ،