رشاقة القلم
من طبع القلم أن يكون سهلاً عند التناول، وعند التأمل في صفته تجد " رشاقة " ممزوجة بلطافة.
وتكتمل رشاقته وجماله حينما تضمه أصابع صادقة متصلة بالقلب العامر بالحب للكبير المتعال، والقلب له اتصال بفكر راق وعقل مضاء بنور الوحي المبين.
إنني أهمس إليك أن لا تترك القلم على مكتبتك وحيداً، فالغربة قاتلة، والعزلة لا تليق به، بل سارع لاحتوائه لتلك الأصابع لعله يجد حلاوة الاجتماع فيكتب قصته.
إن إشارة القلم ترفع وتخفض وتبين الحق المبين وتدافع عن بيضة الدين، إن عرائس الفكر لا تستوي على الأرض إلا عبر سطور القلم.
إن قلمك لا يعجبنا صمته، ولا نحب وقوفه، بل يسرنا جريانه ليعظم الأثر وليبق الذِّكر، فهيا نحوه ليكون أداة للحق وسلاحاً في معركة الغزو الفكري، ومجاهداً في ساحة الحوار الصحفي.
انزل أيها القلم برشاقتك المعتادة وأرنا خير ما عندك كما عودتنا، فالشوق لدموعك ملأ الفؤاد، إن الأمة ترجو بشغف " شجاعة القلم " الذي يخسف بالباطل، أو على الأقل يصيبه بجراح.
ويؤلمنا " مرض القلم بداء الجُبن " أو " الخوف " وكلاهما مزمنان ويساهمان في علو الباطل وانتشار الطعن في الثوابت.
أيا قلم الحق أما آن لك أن تشرق أعداء الحق بسلاحك الهادئ القائل؟!.
إن عليل الهم والطموح وموعود التقدم والنجاح قد سرى داؤه إلى قلمه فالكل عليك موعوك، ومن تجاوز ذلك وبرئ من دائه، وأفاق من مصابه هو المقدام وقلمه الساري في كل أوان.
أيا قلم الدفاع انتفض من مكانك وزلزل صاحبك، وأقنعه بأن المسألة " فرض عين " .
إن رشاقة القلم لا بد أن ترشق كل مخالف وترمي كل ضال معاند، وتناصح من قارب العدو جاهلاً أو عالماً، إن لروحك أثر على رشاقة قلمك، فمداده من الروح وبقاء المداد من ذات الروح.
سر يا قلم وأثلج الصدر وابسط النفس، وجدد الأنس وانفث الروح في الأموات من المشاهدين، أيا قلم، هيا فالعدو أعلن الحرب وجهز العتاد والمداد.
يا قلم الحق على خطى الأبرار ليكن مسارك وعلى ذات الطريق لتكن إشاراتك، أيا قلم الحق قم فالقيام شرط في الإمام.
الزم طريق الجادين واسكن في مكتبة الصادقين وأنخ في رياض المجاهدين، انتهز فرصة الإمكان فقد يأتي الوقت الذي تتعذر فيه المشاركة.
يا قلم، اضرب سطور الورق بقوة الحق وانشر حكمتك عبر فضاء النت، لتستحوذ على الجمهور قبل أن يسبق العدو، هيا لتسد الخلة وتصلح الشأن، وتقوِّم الاعوجاج وتلم الشعث وتقنع القارئ بأن الإسلام هو دين السلام.
يا قلم، إن سلطانك قوي متين، فاهبط به على أرض الواقع ولا تنتظر فقد مللنا الانتظار، هيا لمنزلة الاحتساب من بوابة القلم الذي علت همته وتعالت حكمته.
هيا يا قلم لتستولي على العقول والقلوب فإن ضعفت همتك فقد يكسب المعركة صاحب القلم الآخر، يا قلم الصدق إن عليك حقوق واجبة وأخرى مستحبة.
ألم تتذكر أن لك رحماً بعلماء الإسلام فأين أثر الصلة يا قلم؟!.
لقد لاح الحق وأسفر الصبح وانكشف القناع، وذهب الامتراء وظهر للجميع أن العداء قائم فأين الأقلام؟! الكل ينتظر أن تفصح له وتوضح له وتصرح له؛ لأن الشبه ملأت الفضاء عبر قنوات الفضاء.
نحن نترقب إسعافك يا قلم، فالمرضى كثير والداء تملكه لا تبخل ولا تكسل، يا قلم الحق، الأمة تنتظر إحسانك عبر كلمة أو إشارة لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.
قم يا قلم مرتدياً النية الجميلة والكلمة الطيبة الحكيمة عبر قانون الاتباع لا الابتداع، قم بالدعوة والبيان وابذل وسعك وغايتك.
قم يا قلم وقارع لتغلب وجاري لتسبق، وناصر لتنتصر، وبارز لتقهر، وقاوم لتبقى، وخاصم كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.
قم يا قلم وجاهد غوغاء الناس ولفيفهم وأراذلهم وهمجهم وسقَّاطهم وسفلتهم وحثالتهم فقد زاد أثرهم وكثر شرهم، والمستعان الله.
إن شيعة الباطل وحزب الضلالة وجنود إبليس قد سخروا الأقلام لمناصبة العداء فأين الأقلام المجاهدة؟!.
يا أولياء الله يا حزب الهدى يا أنصار الدين يا سيوف الله، يا كتائب النصر، نحن نرجو إفاقة القلم ونهضته ليقاوم ويصلح ما فسد .
هيا ليشرف القلم بالانضمام إلى أقلام دعاة الحق كأحمد وسفيان وابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وغيرهم، قم يا قلم ألا تغار من أقلام السابقين، قم يا قلم أما أقلقتك أقلام المنافقين؟.
انهض يا قلم، فالدين ينتظر رشاقتك وشجاعتك وحكمتك ودموعك.
والله لقد سرني وأبهجني ورفع ناظري ما نراه من أقلام ناصرة للدين، مدافعة عن بيضته من شباب آثروا مراد الرب وسلكوا طريق المجد، واختاروا جهاد القلم عبر مشاركات في فضاء النت إذ هو السبيل المتاح المباح لهم، لا الجرائد المحتكرة على أصدقاء الرئيس وزمرة الإعلام من هواة النقد وزعماء الإسقاط وأرباب الاتهام ممن سفلت همته ونزل قدره.
فيا شباب القلم استقيموا على الطريق وواصلوا المسير، فالقلم المدافع عن الدين هو الباقي ((وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ))[الرعد:17].
وتاريخنا شاهد فأين أقلام رؤوس الابتداع وسدنة السلطان وأعداء الإسلام، لقد زالت وزالوا، أما أقلام العلماء والأولياء فسارت كالشمس وأشرقت في الأرض، وبقيت لتسقي الرواد من الطلاب، فسقوا وصحت عقائدهم ومبادئهم وارتووا بماء العلم عبر بوابة القلم.
فعجباً لقلم هو الدواء والغذاء والسقاء.
هيا اعزم المسألة وتشبه بأقلام العلماء واشحن العقول بالحكمة واملأ القلوب بالموعظة.
قم بلا خوف ولا جزع ولا هلع، قم بالحكمة لا بالعجلة، واختر حروفك من بين القائمة لترشد من له نفس قائمة.
أيها القلم لا مستراح لك إلا عند السكرات، وبعد السكرات سيبقى ذكرك في المدن.. في الدول.. في القارات.
وفي أرض المحشر ستعرف حقاً معنى " رشاقة القلم " .
بقلم : الشيخ سلطان العمري
ياله من دين