:: مـــاذا تـحـمــل من العـفـــو والرحمــــة ؟ ::
زوجة واثقة من نفسها لها مكانة مرموقه في عملها وبين صديقاتها , رزينة ,
عقلها يسبق عاطفتها , قالت : دخلت البيت يوماً وقد تأخرت عن الموعد المتفق
عليه , فصرخ زوجي في وجهي غاضباً : فــلانــة !! فأسرعت إليه :
" هـــلا عمري " !
فخفت حدة الصوت قائلاً : لماذا تأخرت ؟ فذكرت له السبب .. فأعقبته قائلة :
أنا أقل من أن تحرق أعصابك من أجلي , صحتك وراحتك أولى , الله يهديك إذا أنت
تكدرت كل البيت يصيبه الكدر .
قال الزوج بصوت هادئ : دعينا من الكلام المبالغ فيه .
فقلت : لا والله يا أبا فلان .. البيت قائم على الله سبحانه ثم عليك . فسكت وأخفى
ابتسامتـــــه !
:: :: ::
مدح الغاضب والثناء عليه يقضي على الغضب , ويولي الغضب هارباً منه , بل يحوله
إلى رضى كامل عن المغضوب عليه .
:: :: ::
ثار ثائر في الأندلس على الأمير صقر قريش عبدالرحمن الداخل , فلما ظفر به
الأمير وأسره , وقد حُمل الثائر على بغل مكبلاً مقيداً بالسلاسل بينما كان صقر
قريش على فرس , فقال صقر قريش : يا بغل , ماتحمل من الشقاق والنفاق ؟
فقال الثائر : أيها الفرس ماذا تحمل من العفو والرحمة ؟
فقال صقر قريش : والله لا تذوق موتاً على يدي أبداً !
Result
إن ذكر أبرز مآثر الغاضب وأفضل مناقبه تجعله يفيض بمكنونات النفس إليك بعد أن
كاد يحول الغضب بينك وبينه
:: :: ::
وقف النبي-صلى الله عليه وسلم- يوماً يخطب على المنبر بعد صلاة الظهر وقد
اكثروا عليه المسألة , فقال مغضباً : " سلوني ! سلوني ! فقام رجل فقال : أين
مدخلي ؟ فقال -صلى الله عليه وسلم- في النار , فقام آخر وكانوا يُعيرونه بأبيه
فقال: من أبي ؟ فقال-صلى الله عليه وسلم- أبوك حذافة , فبرك عمر بن الخطاب
فأثنى على النبي-صلى الله عليه وسلم- قائلاً : رضينا بالله رباً , وبالإسلام ديناً
وبمحمد-صلى الله عليه وسلم- رسولاً , فسكت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-
ثم قال وقد ذهب عنه الغضب : والذي نفسي بيده لقد عرضت علي الجنة والنار
آنفاً في عرض الحائط وأنا أصلي , فلم أر كاليوم من الخير والشر ". رواه البخاري.
حاولي أيتها الزوجة أن تفاجئي الزوج عند غضبه بكلمات المدح قبل أن تتفوهي
بأي كلمة أخرى , فإنك ستجنين تأييداً كاملاً وموافقة تامة منه .
:: :: ::
قال أحد طلبة العلم : طلبني أستاذي الذي أخذت عنه العلم , وتربيت على
يديه تربية إيمانية , فعندما جلست بين يديه واختلى بي , عاتبني عتاباً شديداً
على أمر فعلته , وأغلظ علي , ثم ازداد غضبه واشتد وأنا مطرق رأسي بين يديه
فلما انتهى من كلامه وهو مغضب بدأت كلامي بالثناء عليه وذكر مآثره الصادقة
فلاحظت هروب الغضب عنه , وخيم عليه هدوء تام إلى أن تجاوب معي ورضي,
ثم شرعت أذكر له مسوغات فعلي الذي عاتبني عليه , فما كان منه إلا أن وافقني
بل وأيدني إلى ماذهبت إليه , وأوصاني بالاستمرار , وذلك مصداقاً لقول الله تعالى
( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )
:: :: ::
إن الاستمرار في الثناء على الغاضب يجعل المغضوب عليه يرى استجابة سريعة
منه , بل ويتحقق له مطالب لم تخطر في ذهنه على يد الغاضب
:: :: ::
ينطلق المؤمنون يوم القيامة إلى آدم -عليه السلام- ليشفع لهم عند الله تعالى
ليريح الناس من عناء يوم طوله خمسون ألف سنة , فيتبرأ آدم منهم قائلاً :
" إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله "
ويذكر ذنبه , فينطلقون إلى نوح ومنه إلى إبراهيم ثم موسى ثم عيسى
عليهم السلام , كلهم يقول : إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله
مثله ولن يغضب بعده مثله , ثم يقول عسى : اذهبوا إلى محمد , فإنه عبد
غُفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر , فيتقدم النبي-صلى الله عليه وسلم-
والعالمين ينظرون إليه , فيخر ساجداً لله تعالى , فيحمده ويثني عليه بكلمات
ومحامد ينفرد بها النبي-صلى الله عليه وسلم- , فيقول الله تعالى له مستجيباً
لدعائه : يا محمــــــد , ارفع رأسك , قل يسمع , وسل تعط , واشفع تشفع ".
متفق عليه
هذه اللحظة التي هاب كل الأنبياء أن يسألوا الله تعالى شيئاً , حدثت فيها الاستجابة
الكاملة للنبي-صلى الله عليه وسلم- بعد الثناء الخاص .
:: :: ::
لما أُتيَ برجل عدو للمنصور ووقف بين يديه , قال : يا أميــــــــــر المؤمنين , ذنبي
أعظم من نقمتك , وعفوك أعظم من ذنبي , فعفا عنه المنصور وأمر له بعطاء .
:: :: ::
أيتها الزوجة بادري زوجك الغاضب بكلمة سحرية , فستقطفين ثمرتها بإذن الله
تعالى عاجلاً لا آجلاً .
:: :: ::
بالنهاية يا اخوان تعلمنا من همسة اليوم
( مـــدح الغاضب والثناء عليه يقضي على الغضب )
انتظرونا بالهمسة الثالثة............وفقكم الله
أختكم ، مسك الختــــــــام