الروعة في كل مكان
(32)
هــارون يحيى
التناظر الرائع في الكائنات الحية
لو نظرت في المرآة لوجدت تناظرا رائعاً بين العناصر المكونة للوجه، ولو تصفحت أية مجلة ووجدت فيها صورة لإنسان، أو شاهدت طيراً من الطيور أو حتى زهرة أو فراشة لشاهدت التناظر نفسه.
إن التناظر هو العنصر الذي يفرض نفسه و بقوة في هذا الكون، والكائنات الحية جميعها تمتلك تركيباً .منتناظراً
انظر إلى الأحياء البحرية تجد التناظر الرائع نفسه، فالأسماك مثلاً والسرطانات البحرية وبراغيث البحر (الروبيان) و القشريات البحرية ...إلخ. وخذوا بأيديكم زوجاً من القشريات البحرية كتلك التي ترونها في الصّورة الجانبية، ومن ثم ضعوه في وضع متقابل و متناظر. ستجد أن ترتيب الخطوط الجسمية في كل الحيوانات متناظر من أكبرها إلى أصغرها و بشكل محير و أخاذ. ولو فحص أي حيوان أو كائن حي في الطبيعة لوجد أن هناك ترتيباً و تناظراً منظماً وتنويعاً في الألوان يبعث في النفوس الدهشة و الإعجاب.
ويعجز دعاة نظرية التطور الذين يتبنون فكرة المصادفة في وجود الكائنات عن إيجاد تفسير منطقي أمام هذا الترتيب والتناظر المنظم و التنوع المدهش للألوان، والواضح أنهم سوف يظلون عاجزين أمام هذه الظواهر الخارقة في إرجاع سبب وجودها إلى فكرة المصادفة السّمجة. وحتماً سيمكثون في عجزهم هذا مهما كانت ادعاءاتهم التي يحاولون بها تفسير هذا التنوع المدهش في الألوان و النقوش، وهذا التناظر و الترتيب الخارقين.
وهذه الحقيقة سيتوصل إليها كل ذي عقل مدرك. وحتى تشارلز داروين مؤسس نظرية التطور اضطر إلى الاعتراف بالعجز التام أمام هذه الحقيقة كما يلي:
“لا أعتقد أن الانتخاب الطبيعي كان الوسط الذي حدث داخله ظهور حوادث طبيعية مثل البريق اللوني أو حضانة ذكور الأسماك للبيض أو ظهور إناث الفراشات ذات اللمعان الأخاذ”.
و لا يستطيع أي إنسان عاقل مدرك أن يدعي أن المصادفة كانت سبباً في ظهور هذه المظاهر الجميلة الزاهية في الطبيعة، مثل الفراشات الملونة الجذابة والأزهار كالبنفسج و الورود المختلفة وثمار الفراولة وحبّات الكرز و طيور الببغاء وطيور الطاووس وحتى النّمور. فهذه الكائنات قد منحت هذه الصفات الجميلة من قبل الله الخالق الفاطر القادر على كل شيء. و هو الذي وسع علمه كل شيء، لا إله سواه.
{ اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ مَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيْطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } البقرة: 255 .