نايف بن عبد العزيز .. رجل دين و دولة
بقلم فضيلة : الدكتور/صادق بن محمد البيضاني
نقلا عن مجلة الدعوة السعودية الصادرة عن الشؤون الاسلامية بالسعودية
بعد وصولنا في مهمة دينية إلى مدينة أمان الله “مانيلا”، تلقينا عبر الهاتف نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله-، وذلك صباح السبت 26 رجب 1433هـ، الموافق 16 يونيو 2012م، وكان لهذا الخبر أثر بالغ في نفوسنا، ونفوس الجالية السعودية في دولة الفلبين، بل في نفوس كثير من الموحّدين الفلبينيين الذين عرفوه من خلال صفحاته البيضاء، ومواقفه المشرفة تجاه إخوانه المسلمين ،وخاصة الدعاة إلى الله·
لقد كان -رحمه الله- سخياً في دعم طلبة العلم والعلماء، مشجعاً لهم؛ ليقوموا بواجب الدعوة إلى الله في مشارق الأرض ومغاربها بشتى أنواع الوسائل، وذلك من خلال محورين أساسيين:
المحور الأول الدعم الرسمي، والمحور الثاني الدعم الخفي، ولكل نوع منهذين المحورين قسمان: معنوي ومادي، ولا يمكن حصر هذه العطاءات المتواصلة في مقال كهذا لكثرتها، إذ ما نجهله من فضائله وعطاءاته أكثر مما نعلمه.
فلا غرابة لو قلت: إن هناك كثيراً من الدعاة البارزين بداخل المملكة وخارجها، سعوديين ووافدين على علاقة بسموه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، تتكاتف هذه العلاقة لتصب في خدمة هذا الدين، والدفاع عنه، ونشره في مشارق الأرض ومغاربها، باهتمام بالغ وعناية دائمة من سموه، ولم يكن ذلك منه اكتفاءً بالطرق الرسمية التي يكثر فيها أحياناً الروتين، بل يتعدى ذلك باتصالاته الهاتفية مع بعض إخوانه الدعاة، وربما من خلال بعض العاملين حوله دعماً منه في مؤازرة الحق وأهله، ودحر الشبه والأفكار الدخيلة.
ولقد كتبت لوزارته الموقرة تسعة عشر بحثاً تصب في بيان عوار الأفكار والعقائد الفاسدة مع إيضاح العلاج الذي يمكن أن يقضي على هذه الأفكار أو يخفف من وطأتها، فكان رحمه الله ممن يهتم ويشجع الدعاة على ذلك، وليس الخبر كالمعاينة، ولذا قال عنه الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ – رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
{ فقدنا شخصية كبيرة ممثلة في الأمير نايف .. فله مآثر كثيرة في حفظ أمن البلاد، وما عُرف عنه من محاربة للإجرام والمفسدين، ونشر الدعوة الإسلامية في كل أصقاع الأرض .. وللأمير نايف – رحمه الله – جهود كبيرة في بناء المساجد، ونشر العلوم الشرعية ،وطباعة الكتب، ومآثر الدعم للشعوب. } اهـ.
وهذا ما عنيته من نصرته للدين، ووقوفه إلى جانب إخوانه الدعاة في مشارق الأرض ومغاربها، ودعمه المتواصل لهم بطرق رسمية وغير رسمية.
ومن مآثره -رحمه الله- أنه كان حجرة عثراء في وجه الفكر التغريبي طوال أربعين سنة، ولم يهدأ له بال حتى دحر أفكارهم وأقوالهم، من خلال سهامه الحارقة لفكرهم ومن ذلك قوله:
{ لن نحيد عن التزامنا الأبدي بالإسلام مهما كان كيد الكائدين }
وقال -رحمه الله-: { إن المملكة وهذه حقيقة أسست كل شؤونها على ما تقتضيه عقيدتنا الإسلامية السمحة، فالمملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تتخذ مطلقا، عبر تاريخها الطويل، دستوراً غير القرآن والسنة، تحكمهما في كل شؤون حياتها، وفي تعاملها السياسي والاقتصادي، ومع الآخرين . وليس هناك من يزايد عل مواقف المملكة تجاه الإسلام والمسلمين في كل مكان إلا جاهل أو ضال أو ظالم .}
ولما أقامت جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض ندوة بعنوان: “السلفية منهج شرعي ومطلب وطني” افتتح كلمته رداً على أهل الأهواء والأفكار الدخيلة بقوله:
{ إخواني الكرام، كما تعلمون فإن السلفية الحقة هي المنهج الذي يستمد أحكامه من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي بذلك تخرج عن كل ما ألصق بها من تهم، أو تبناه بعض أدعياء المنهج السلفي، وحسب ما هو معروف فإن هذه الدولة المباركة، قامت على المنهج السلفي السوي منذ تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود، وتعاهده مع الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله ... لا تزال إلى يومنا هذا بفضل الله وهي تعتز بذلك، وتدرك أن من يقدح في نهجها أو يثير الشبهات والتهم حولها، هو رجل جاهل يستوجب بيان الحقيقة له، وما قيام الجامعة باستضافة هذه الندوة إلا جزء من ذلك البيان، وإيضاح الحقائق تجاه هذا النهج القويم ،الذي حمل زوراً وبهتاناً ما لا يحتمل من كذب، وأباطيل ومفاهيم مغلوطة، كالتكفير والغلو والإرهاب وغيرها، بشكل يجعل من الواجب علينا جميعاً الوقوف صفاً واحداً في ذلك، وأن نواجه تلك الشبهات والأقاويل الباطلة بما يدحضها، ويبين عدم حقيقتها.
إننا نؤكد لكم على أن هذه الدولة ستظل -بإذن الله- متبعة للمنهج السلفي القويم، ولن تحيد عنه ولن تتنازل، فهو مصدر عزها وتوفيقها ورفعتها، كما أنه مصدر لرقيها وتقدمها، لكونه يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وهو منهج ديني شرعي، كما أنه منهج دنيوي يدعو إلى الأخذ بأسباب الرقي والتقدم، والدعوة إلى التعايش السلمي مع الآخرين، واحترام حقوقهم .}
وكان -رحمه الله- شجاعاً في دفاعه عن الإسلام والمسلمين، ولذا لما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر واتُهم بها بن لادن وتنظيم القاعدة واتخذها الغرب والصهاينة سبباً لزيادة الضغوط غير المعقولة على بلاد المسلمين، قال كلمته المشهورة ـ رغم ما يكنه له التكفيريون وهذا الطابور
الخارجي:
{ من المستحيل أن يقوم شباب في التاسعة عشرة بتنفيذ عملية الحادي عشر من سبتمبر، أو أن يفعلها بن لادن والقاعدة بمفردهم ... أعتقد أن الصهاينة مسؤولون عن هذه الأحداث .}
ولما شدّد الأمريكان على إخوانه المسلمين، بحجة أن الإسلام دين إرهابي، طالب بأخذ بصمات الأمريكيين الزائرين للمملكة مثلما يتم للزائرين عند دخول الولايات المتحدة.
لقد كان سمو الأمير نايف رجل دين ودولة، يقود زمام الأمور من منطلق الدين والحكمة، لذا كان من مآثر أقواله:
{ إن المملكة كانت، ولا تزال، وستظل ان شاء الله، تعيش هموم أمتها، وتتفاعل معها، وتناصر قضاياها على أساس من الحكمة والبصيرة، في إطار شريعتنا الإسلامية السامية والمتسامحة، وبالتالي يكون من واجب المنصفين، وبالأخص من واجب أولئك الذين يضيفون على أعمالهم صفة الإسلام علانية، ألا يتنكروا لحقيقة المملكة في مواقفها الثابتة تجاه أمتها، وفي حمايتها للعقيدة الإسلامية الصحيحة، انطلاقاً من إيمانها الصادق بأن الإسلام منهج رباني فيه عزة الإنسان وكرامته وخير دنياه وآخرته .}
وقال دفاعاً عن دعاة السنة وعلمائها : { هناك من التزم الوسطية إدراكاً منه لأهمية تضامن الأمة وتماسكها، والحرص على وحدتها، وعدم انشغالها بتطاحن داخلي لا يستفيد منه إلا أعداء الإسلام والمسلمين، ومثل هؤلاء نكن لهم كل التقدير، ونعتقد بسلامة موقفهم .}
وقد تقلد -رحمه الله – مناصب دينية، من أهمها:
1 - الإشراف العام على اللجان والحملات الإغاثية والإنسانية بالمملكة العربية السعودية
2 - رئيس لجنة الحج العليا
3 - رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات
4 - رئيس الهيئة العليا لجائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة
5 - عضو في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
وقبل أن يودع العالم بأسره، كان من وصايه أن قال: نحن مستهدفون فى عقيدتنا ووطننا وأبنائنا، أقولها للعلماء الأجلاء، ولطلبة العلم والدعاة وخطباء المساجد والآمرين بالمعروف، دافعوا
عن الوطن ودينكم وأبنائكم”.
لذا لم يكن غريباً على جامعة أم القرى أن تمنح سموه الدكتوراه الفخرية في السياسة الشرعية، وذلك أن هذه الشهادة اعتراف من إدارة الجامعة بأن خدمة سموه للدين، وسياسته الشرعية، كانتا ديدنه وفعله منذ عرفته المملكة العربية السعودية وزيراً للداخلية عام 1975م حتى يوم وفاته رحمه الله.
فماذا بعد هذه الحياة الكريمة الحافلة بالمعطيات والمنجزات، إلا رحيله إلى جوار ربه بعد قيامه بواجب عظيم نحو دينه وعقيدته ووطنه وأمته .
وبعد كل ما تقدم كان هذا دور القلم، ليكتب للتاريخ حياة رجل بصفحاته البيضاء تذكرةً للأجيال؛ ليكونوا خير خلف لخير سلف.
نسأل الله أن يتغمده برحمته ويدخله فسيح جناته·{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)} [البقرة]·
بكيتُ وهل بكاءُ القلبِ يُجْدي *** فراقُ أميرنا كم هزَّ وجديْ
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني
رئيس مجلس إدارة سبحات البركة للأعلام والاعمال الخيرية والدعوية
المشرف العام على قناة الأثر الفضائية
نايف بن عبد العزيز .. رجل دين و دولة
بقلم فضيلة : الدكتور/صادق بن محمد البيضاني
نقلا عن مجلة الدعوة السعودية الصادرة عن الشؤون الاسلامية بالسعودية
بعد وصولنا في مهمة دينية إلى مدينة أمان الله “مانيلا”، تلقينا عبر الهاتف نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله-، وذلك صباح السبت 26 رجب 1433هـ، الموافق 16 يونيو 2012م، وكان لهذا الخبر أثر بالغ في نفوسنا، ونفوس الجالية السعودية في دولة الفلبين، بل في نفوس كثير من الموحّدين الفلبينيين الذين عرفوه من خلال صفحاته البيضاء، ومواقفه المشرفة تجاه إخوانه المسلمين ،وخاصة الدعاة إلى الله·
لقد كان -رحمه الله- سخياً في دعم طلبة العلم والعلماء، مشجعاً لهم؛ ليقوموا بواجب الدعوة إلى الله في مشارق الأرض ومغاربها بشتى أنواع الوسائل، وذلك من خلال محورين أساسيين:
المحور الأول الدعم الرسمي، والمحور الثاني الدعم الخفي، ولكل نوع منهذين المحورين قسمان: معنوي ومادي، ولا يمكن حصر هذه العطاءات المتواصلة في مقال كهذا لكثرتها، إذ ما نجهله من فضائله وعطاءاته أكثر مما نعلمه.
فلا غرابة لو قلت: إن هناك كثيراً من الدعاة البارزين بداخل المملكة وخارجها، سعوديين ووافدين على علاقة بسموه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، تتكاتف هذه العلاقة لتصب في خدمة هذا الدين، والدفاع عنه، ونشره في مشارق الأرض ومغاربها، باهتمام بالغ وعناية دائمة من سموه، ولم يكن ذلك منه اكتفاءً بالطرق الرسمية التي يكثر فيها أحياناً الروتين، بل يتعدى ذلك باتصالاته الهاتفية مع بعض إخوانه الدعاة، وربما من خلال بعض العاملين حوله دعماً منه في مؤازرة الحق وأهله، ودحر الشبه والأفكار الدخيلة.
ولقد كتبت لوزارته الموقرة تسعة عشر بحثاً تصب في بيان عوار الأفكار والعقائد الفاسدة مع إيضاح العلاج الذي يمكن أن يقضي على هذه الأفكار أو يخفف من وطأتها، فكان رحمه الله ممن يهتم ويشجع الدعاة على ذلك، وليس الخبر كالمعاينة، ولذا قال عنه الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ – رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
{ فقدنا شخصية كبيرة ممثلة في الأمير نايف .. فله مآثر كثيرة في حفظ أمن البلاد، وما عُرف عنه من محاربة للإجرام والمفسدين، ونشر الدعوة الإسلامية في كل أصقاع الأرض .. وللأمير نايف – رحمه الله – جهود كبيرة في بناء المساجد، ونشر العلوم الشرعية ،وطباعة الكتب، ومآثر الدعم للشعوب. } اهـ.
وهذا ما عنيته من نصرته للدين، ووقوفه إلى جانب إخوانه الدعاة في مشارق الأرض ومغاربها، ودعمه المتواصل لهم بطرق رسمية وغير رسمية.
ومن مآثره -رحمه الله- أنه كان حجرة عثراء في وجه الفكر التغريبي طوال أربعين سنة، ولم يهدأ له بال حتى دحر أفكارهم وأقوالهم، من خلال سهامه الحارقة لفكرهم ومن ذلك قوله:
{ لن نحيد عن التزامنا الأبدي بالإسلام مهما كان كيد الكائدين }
وقال -رحمه الله-: { إن المملكة وهذه حقيقة أسست كل شؤونها على ما تقتضيه عقيدتنا الإسلامية السمحة، فالمملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تتخذ مطلقا، عبر تاريخها الطويل، دستوراً غير القرآن والسنة، تحكمهما في كل شؤون حياتها، وفي تعاملها السياسي والاقتصادي، ومع الآخرين . وليس هناك من يزايد عل مواقف المملكة تجاه الإسلام والمسلمين في كل مكان إلا جاهل أو ضال أو ظالم .}
ولما أقامت جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض ندوة بعنوان: “السلفية منهج شرعي ومطلب وطني” افتتح كلمته رداً على أهل الأهواء والأفكار الدخيلة بقوله:
{ إخواني الكرام، كما تعلمون فإن السلفية الحقة هي المنهج الذي يستمد أحكامه من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي بذلك تخرج عن كل ما ألصق بها من تهم، أو تبناه بعض أدعياء المنهج السلفي، وحسب ما هو معروف فإن هذه الدولة المباركة، قامت على المنهج السلفي السوي منذ تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود، وتعاهده مع الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله ... لا تزال إلى يومنا هذا بفضل الله وهي تعتز بذلك، وتدرك أن من يقدح في نهجها أو يثير الشبهات والتهم حولها، هو رجل جاهل يستوجب بيان الحقيقة له، وما قيام الجامعة باستضافة هذه الندوة إلا جزء من ذلك البيان، وإيضاح الحقائق تجاه هذا النهج القويم ،الذي حمل زوراً وبهتاناً ما لا يحتمل من كذب، وأباطيل ومفاهيم مغلوطة، كالتكفير والغلو والإرهاب وغيرها، بشكل يجعل من الواجب علينا جميعاً الوقوف صفاً واحداً في ذلك، وأن نواجه تلك الشبهات والأقاويل الباطلة بما يدحضها، ويبين عدم حقيقتها.
إننا نؤكد لكم على أن هذه الدولة ستظل -بإذن الله- متبعة للمنهج السلفي القويم، ولن تحيد عنه ولن تتنازل، فهو مصدر عزها وتوفيقها ورفعتها، كما أنه مصدر لرقيها وتقدمها، لكونه يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وهو منهج ديني شرعي، كما أنه منهج دنيوي يدعو إلى الأخذ بأسباب الرقي والتقدم، والدعوة إلى التعايش السلمي مع الآخرين، واحترام حقوقهم .}
وكان -رحمه الله- شجاعاً في دفاعه عن الإسلام والمسلمين، ولذا لما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر واتُهم بها بن لادن وتنظيم القاعدة واتخذها الغرب والصهاينة سبباً لزيادة الضغوط غير المعقولة على بلاد المسلمين، قال كلمته المشهورة ـ رغم ما يكنه له التكفيريون وهذا الطابور
الخارجي:
{ من المستحيل أن يقوم شباب في التاسعة عشرة بتنفيذ عملية الحادي عشر من سبتمبر، أو أن يفعلها بن لادن والقاعدة بمفردهم ... أعتقد أن الصهاينة مسؤولون عن هذه الأحداث .}
ولما شدّد الأمريكان على إخوانه المسلمين، بحجة أن الإسلام دين إرهابي، طالب بأخذ بصمات الأمريكيين الزائرين للمملكة مثلما يتم للزائرين عند دخول الولايات المتحدة.
لقد كان سمو الأمير نايف رجل دين ودولة، يقود زمام الأمور من منطلق الدين والحكمة، لذا كان من مآثر أقواله:
{ إن المملكة كانت، ولا تزال، وستظل ان شاء الله، تعيش هموم أمتها، وتتفاعل معها، وتناصر قضاياها على أساس من الحكمة والبصيرة، في إطار شريعتنا الإسلامية السامية والمتسامحة، وبالتالي يكون من واجب المنصفين، وبالأخص من واجب أولئك الذين يضيفون على أعمالهم صفة الإسلام علانية، ألا يتنكروا لحقيقة المملكة في مواقفها الثابتة تجاه أمتها، وفي حمايتها للعقيدة الإسلامية الصحيحة، انطلاقاً من إيمانها الصادق بأن الإسلام منهج رباني فيه عزة الإنسان وكرامته وخير دنياه وآخرته .}
وقال دفاعاً عن دعاة السنة وعلمائها : { هناك من التزم الوسطية إدراكاً منه لأهمية تضامن الأمة وتماسكها، والحرص على وحدتها، وعدم انشغالها بتطاحن داخلي لا يستفيد منه إلا أعداء الإسلام والمسلمين، ومثل هؤلاء نكن لهم كل التقدير، ونعتقد بسلامة موقفهم .}
وقد تقلد -رحمه الله – مناصب دينية، من أهمها:
1 - الإشراف العام على اللجان والحملات الإغاثية والإنسانية بالمملكة العربية السعودية
2 - رئيس لجنة الحج العليا
3 - رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات
4 - رئيس الهيئة العليا لجائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة
5 - عضو في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
وقبل أن يودع العالم بأسره، كان من وصايه أن قال: نحن مستهدفون فى عقيدتنا ووطننا وأبنائنا، أقولها للعلماء الأجلاء، ولطلبة العلم والدعاة وخطباء المساجد والآمرين بالمعروف، دافعوا
عن الوطن ودينكم وأبنائكم”.
لذا لم يكن غريباً على جامعة أم القرى أن تمنح سموه الدكتوراه الفخرية في السياسة الشرعية، وذلك أن هذه الشهادة اعتراف من إدارة الجامعة بأن خدمة سموه للدين، وسياسته الشرعية، كانتا ديدنه وفعله منذ عرفته المملكة العربية السعودية وزيراً للداخلية عام 1975م حتى يوم وفاته رحمه الله.
فماذا بعد هذه الحياة الكريمة الحافلة بالمعطيات والمنجزات، إلا رحيله إلى جوار ربه بعد قيامه بواجب عظيم نحو دينه وعقيدته ووطنه وأمته .
وبعد كل ما تقدم كان هذا دور القلم، ليكتب للتاريخ حياة رجل بصفحاته البيضاء تذكرةً للأجيال؛ ليكونوا خير خلف لخير سلف.
نسأل الله أن يتغمده برحمته ويدخله فسيح جناته·{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)} [البقرة]·
بكيتُ وهل بكاءُ القلبِ يُجْدي *** فراقُ أميرنا كم هزَّ وجديْ
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني
رئيس مجلس إدارة سبحات البركة للأعلام والاعمال الخيرية والدعوية
المشرف العام على قناة الأثر الفضائية