" إن الله وملائكته يصلون على النبي "
قَالَ الشَّافِعِيُّ :
فَرَضَ اللَّهُ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ، فَقَالَ : { إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } . فَلَمْ يَكُنْ فَرْضُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ ، أَوْلَى مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَوَجَدْنَا الدَّلَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ، بِمَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضٌ فِي الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . فَذَكَرَ حَدِيثَيْنِ : ذَكَرْنَاهُمَا فِي كِتَابِ ( الْمَعْرِفَةِ ) . ( وَأَنَا ) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) ، أَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ ؛ قَالَ : أَنَا مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ هُوَ : الَّذِي [ كَانَ ] أُرِيَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ { أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ؛ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ ، فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتُ عَلَى إبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتُ عَلَى إبْرَاهِيمَ ، فِي الْعَالَمِينَ ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } . رَوَاهُ الْمُزَنِيّ وَحَرْمَلَةُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَزَادَ فِيهِ : وَالسَّلَامُ ، كَمَا [ قَدْ ] عَلِمْتُمْ وَفِي هَذَا : إشَارَةٌ إلَى السَّلَامِ الَّذِي فِي التَّشَهُّدِ عَلَى النَّبِيِّ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ) أَيْضًا فِي الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ : وَاَلَّذِي أَذْهَبُ إلَيْهِ مِنْ هَذَا : حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) . وَإِنَّمَا ذَهَبْتُ إلَيْهِ : لِأَنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ ( عَزَّ وَجَلَّ ) ذَكَرَ ابْتِدَاءَ صَلَاتِهِ عَلَى نَبِيِّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا ، فَقَالَ : { إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } وَذَكَرَ صَفْوَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ ، فَأَعْلَمَ أَنَّهُمْ أَنْبِيَاؤُهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ صَفْوَتَهُ مِنْ آلِهِمْ ، فَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ أَنْبِيَائِهِ ، فَقَالَ : { إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ } وَكَانَ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُود أَنَّ ذِكْرَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ . يُشْبِهُ عِنْدَنَا لِمَعْنَى الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَزْوَاجُهُ وَذُرِّيَّتُهُ ؛ حَتَّى يَكُونَ قَدْ أَتَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ : آلُ مُحَمَّدٍ أَهْلُ دِينِ مُحَمَّدٍ وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ ، أَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنُوحٍ : { احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَك } وَحَكَى [ فَقَالَ ] { إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } الْآيَةُ [ فَأَخْرَجَهُ بِالشِّرْكِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ نُوحٍ ] . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَاَلَّذِي نَذْهَبُ إلَيْهِ فِي مَعْنَى [ هَذِهِ ] الْآيَةِ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) : { إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } يَعْنِي الَّذِينَ أَمَرْنَا [ ك ] بِحَمْلِهِمْ مَعَكَ ( فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ ) : وَمَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْتُ ؟ ( قِيلَ ) : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَأَهْلَكَ إلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ } ؛ فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَنْ يَحْمِلَ مِنْ أَهْلِهِ ، مَنْ لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ الْقَوْلُ أَنَّهُ أَهْلُ مَعْصِيَةٍ ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ ، فَقَالَ : { إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَالَ قَائِلٌ : آلُ مُحَمَّدٍ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ يُقَالُ لَهُ أَلَكَ أَهْلٌ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَإِنَّمَا يَعْنِي : لَيْسَتْ لِي زَوْجَةٌ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهَذَا مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ اللِّسَانُ ، وَلَكِنَّهُ مَعْنَى كَلَامٍ لَا يُعْرَفُ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ سَبَبُ كَلَامٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ . وَذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ : تَزَوَّجْتَ ؟ فَيَقُولُ مَا تَأَهَّلْتُ ؛ فَيُعْرَفُ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ أَنَّهُ أَرَادَ : تَزَوَّجْتَ أَوْ يَقُولُ الرَّجُلُ أَجْنَبْتُ مِنْ أَهْلِي ، فَيُعْرَفُ أَنَّ الْجَنَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الزَّوْجَةِ . فَأَمَّا أَنْ يَبْدَأَ الرَّجُلُ ، فَيَقُولُ أَهْلِي بِبَلَدِ كَذَا ، أَوْ أَنَا أَزُورُ أَهْلِي وَأَنَا عَزِيزُ الْأَهْلِ ، وَأَنَا كَرِيمُ الْأَهْلِ فَإِنَّمَا يَذْهَبُ النَّاسُ فِي هَذَا إلَى أَهْلِ الْبَيْتِ . وَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إلَى أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : قَرَابَةُ مُحَمَّدٍ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا ؛ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ قَرَابَتِهِ . قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا عُدَّ [ مِنْ ] آلِ الرَّجُلِ : وَلَدُهُ الَّذِينَ إلَيْهِ نَسَبُهُمْ وَمَنْ يَأْوِيه بَيْتُهُ مِنْ زَوْجِهِ أَوْ مَمْلُوكِهِ أَوْ مَوْلًى أَوْ أَحَدٍ ضَمَّهُ عِيَالُهُ وَكَانَ هَذَا فِي بَعْضِ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، دُونَ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ وَكَانَ يَجْمَعُهُ قَرَابَةٌ فِي بَعْضِ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، دُونَ بَعْضٍ . فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَعْمَلَ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) مِنْ هَذَا ، ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ وَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْنَا الصَّدَقَةَ وَعَوَّضَنَا مِنْهَا الْخُمْسَ دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ : الَّذِينَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةَ وَعَوَّضَهُمْ مِنْهَا الْخُمْسَ . وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى } . فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ } وَكَانَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُوجَدَ أَمْرٌ يَقْطَعُ الْعَنَتَ وَيَلْزَمُ أَهْلَ الْعِلْمِ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) إلَّا الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ، فَلَمَّا ، فَرَضَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : أَنْ يُؤْتِيَ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَأَعْلَمَهُ أَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ، فَأَعْطَى سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى ، فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ : دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) الْخُمْسَ ، هُمْ : الْ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مَعَهُ وَاَلَّذِينَ اصْطَفَاهُمْ مِنْ خَلْقِهِ ، بَعْد نَبِيِّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَإِنَّهُ يَقُولُ : { إنَّ اللَّه اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إبْرَاهِيم وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ } ، فَاعْلَمْ : أَنَّهُ اصْطَفَى الْأَنْبِيَاءَ ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) [ وَآلِهِمْ ]
قال الشافعي رحمه الله تعالى:"حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنّعال ويطاف بهم على القبائل والعشائر ويقال هذا جزاءُ من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام