السلام عليكم ورحمة اللهإن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجريرى ذنوبه كذباب مر على أنفه ، فقال به هكذا . قال أبو شهاب بيده فوق أنفه
كيف ترى ذنوبك ؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده
بينما كنت أمرّ بين كتبى أرتّبها وجدت كتيبا , كل ما شدنى فيه هذه المقولة لابن مسعود
سبحان الله وكأنى أول مرة أقرأها
أول مرة اسأل نفسى
يانفس . كيف ترين ذنوبك ؟
تُرى نحن من أى الفريقين
من أرباب الفريق الأول ؟ أم من أرباب الفريق الثانى ؟
هل كنا من الفريق الأول الذين عظمت فى نظرهم ذنوبهم ؟
أم كنا ممن يستصغرون ذنوبهم وهى عظيمة فى جنب الله
فى هذه الأيام
نجد كثيرا ً من الناس حينما نتحدث عن الذنوب والمعاصى يقول
هذه أشياء بسيطة
غيرى يفعل أكثر من ذلك
وبعضهم يقول رحمة الله واسعة
والآخر يقول ( إن الله غفور رحيم )
هل صارت الذنوب بسيطة , أو أمر هين, تمر هكذا وكأننا لم نفعل شيئاً ؟
أفلا سمعنا قول الحبيب المصطفى محمد ( صلى الله عليه وسلم )
إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد ،
فجاء ذا بعود ، و جاء ذا بعود ، حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم ، و إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه / صحيح
وفى حديث آخر
ياعائشة! إياك ومحقرات الذنوب ؛ فإن لها من الله طالبا/ صحيحفكذلك هذه السيئات الصغيرة تأتي من هنا واحدة ومن هناك ثانية وثالثة ورابعة وهلم جرًّا، حتى تجتمع على الإنسان فتهلكه، وهو متساهل بها ومتصاغر لها لا يظن أنها تبلغ ما بلغته.
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين-(وها هنا أمرينبغي التفطن لهوهوان الكبيره قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها مايلحقها بالصغائر
وقد يقترن بالصغيره من قلة الحياء وعدم المبالاه وترك الخوفوالاستهانه بها..
مايلحقها بالكبائر بل يجعلها في اعلى رتبها)
انتهى كلامه رحمه الله.
فإن كثرتها قد تؤدي الى الهلاك.
والاستهانة بهاواحتقارها الذي يؤدي الىكبرها وعظمهاعندالله.
ولِمَا الاستهانة بالذنب إذا كان الله عز وجل أخرج آدما ً من الجنة بذنب واحد؟ذنب واحد . معصية واحدة تخرج آدم من الجنة ؟
ذنب واحد , معصية واحدة لا أكثر
يقول القائل
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجى ........ فوز الجنان ونيل أجر العابد
ونسيت أن الله أخـــرج آدماً ...... . منها إلى الدنيا بذنب واحد
فهل أمناِ غضب الله جل وعلا
يامن تقول إن الله غفور رحيم
يامن تقولين إن الله غفور رحيم
نعم إن الله غفور رحيم , لكن لمن ؟
يقول سبحانه وتعالى
" وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى" (طه:82)
هل استغفرت حتى يغفر الله لكهل تبت عن الذنب حتى يتوب الله عليك ؟
هل ندمت , أقلعت تماما ً ,أتبعته بالحسنة , حتى يمحو الله عنك خطاياك
هكذا أفلحوااستعظموا الذنوب فى عينهم فهانت عند ربهم
عن إبراهيم التيمي عن أبيه بإسناد صحيح قال: قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-:
[[لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي اثنان، ولحثيتم التراب فوق رأسي، ولوددت أن الله غفر ذنباً من ذنوبي وأني دعيت عبد الله بن روثة ]]،
وددت أن الله يغفر لي ذنباً من ذنوبي حتى وإن كانت القربان إلى ذلك والشيء الذي يقدم ليغفر ذنباً من الذنوب أن أدعى يا عبد الله بن روثة؛ وتعرفون معنى الروثة!
كلنا يعلم من هو ابن مسعود
وأذكر في فضله ومكانته عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود نفسه قال:
{ لما نزل قوله تعالى في سورة المائدة:
"لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"[المائدة:93]
قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لـابن مسعود : قيل لي: أنت منهم، أنت منهم } هذا في صحيح مسلم
ومع ذلك قال ما قاله عن نفسه ما قال
هل رأيت كيف استعظموا الذنب فى حق ربهم؟
إذا حصلت لأحدهم مصيبة.. والله تعالى يقول:
"وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ"[الشورى:30]
ولقد قال أنس -رضي الله عنه- كما في صحيح البخاري لمن أدركهم من التابعين:
[[إنكم لتعملون أعمالاً هي في أعينكم أدق من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الموبقات ]] يعني: المهلكات،
بصراحة كلما أتذكر هذا الحديث أشك فى نفسى ولما لا فإذا كان سيدنا أنس بن مالك يقول هذا لكبار التابعين فما الحال لو رآنا فى زماننا هذا
وكان السلف الصالح لا ينسون ذنباً أذنبوه - ولو صغيراً - فعن عبيد الله بن السري قال : قال ابن سيرين :
إني لأعرف الذنب الذي حُمل به عليّ من الدَّين . قلت : ما هو ؟ قال : قلت لرجل منذ أربعين سنة : يا مفلس .
وكما قال القائل
[[قَلَّت ذنوبهم فعرفوا من أين أُتُوا، وكثرت ذنوبنا فلم ندر من أين نؤتى ]].
أما الحسن البصرى عليه رحمة الله: قام ليلة من الليالي فزعاً من نومه فأخذ يبكي!
ما الذي حدث؟ يبكي بكاءً شديداً حتى أبكى أهل الدار جميعاً، فلما هدأ قالوا: ما لك يرحمك الله؟
قال: ذكرت ذنباً لي فبكيت، قال الله -جلَّ وعلا- عن أحوال هؤلاء لأنهم تدبروا تلك الآيات.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
" قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ" [الأنعام:15]
تذكر ذنب واحد أبكاه طوال الليل
ما استحقرذاك الذنب , ما قال سيغفر الله لى
ونحن-إلامن رحم ربى - والله المستعان نصل الذنوب إلى الذنوب تترا
وكأننا لم نفعل شيئا
ً
همساتاستحضر عظمة الله فى قلبك
كلما استحضر الانسان عظمة الله فى قلبه ازداد خوفا ً ووجلا ً من الله عز وجل
قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ﴾[الحج:30].
وقال تعالى: ﴿ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾[الحج:32].[/center]
تذكر عاقبة الذنوب دائما ً فبها يحرم الرزق وبها يحرم الخشوع وبها يحرم من الطاعات
رَأَيتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ القُلُوبَ ......وَقَد يُورِثُ الذُّلَّ إِدمَانُهَا
وَتَركُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ القُلُوبِ...... . وَخَيرٌ لِنِفسِكَ عِصيَانُهَا
إِذَا كُنتَ فِي نِعمَةٍ فَارعَهَا .... فَإِنَّ المعَاصِي تُزِيلُ النِّعَم
وَحَافِظ عَلَيهَا بِشُكرِ الإِلَه ...... فُشكرُ الإِلَهِ يُزِيلُ النِّقَم
قال بلال بن سعـد "لا تنظرإلى صغرالخطيئة، ولكن انظر إلى من عصـيت!"
..وقال ابن عباس رضي الله عنه: "لا كبيرة مع استغـفار ولا صغيرة مع إصرار"فالكبيرة يغفرها الله بالتوبة والصغيرة تصبح كبيرة بالإصرار..فلا تستهينوا بالذنـــوب!
التفاته
أحيانا ً يذنب الانسان ويتهاون بالذنب ولايشعر بتغير نعمة الله عليه .فما التفسير ؟
فإن فقدان حلاوة الخشوع حرمان ,
الزهد فى ازدياد من الطاعات حرمان ,
إغلاق باب القبول حرمان ,
قسوة القلب وعدم تأثره عند سماع الموعظة حرمان
اسمع من ابن عباس
ويقول ابن عباس ـ رضي الله عنهما:; « يا صاحب الذنب لا تأمن سوء عاقبته، ولَمَا يتبع الذنب أعظم من الذنب إذا عملته:
قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال، وأنت على الذنب أعظم من الذنب،
وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب، وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب، وحزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب
وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب إذا عملته ».
ُ
فأقبل على الله بالتوبة النصوح ,قَالَ اللّٰهُ تَعَالَى:
﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) ﴾ [النور: 31].وِأقبل عليه بنَدَمٍ خَالِصٍ صَحِيحٍ، وَعَزْمٍ أَكِيدٍ، وَعَمَلٍ رَشِيدٍ،