عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ قَالَتْ : كَانَتْ مُجَاوِرَةَ
أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَيْهَا فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ أَرَأَيْتَ إِذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا يُجَامِعُهَا فِي الْمَنَامِ
أَتَغْتَسِلُ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : تَرِبَتْ يَدَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، فَضَحْتِ النِّسَاءَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ وَإِنَّا إِنْ نَسْأَل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْنَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ نَكُونَ مِنْهُ عَلَى عَمْيَاءَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِأُمِّ سَلَمَةَ : بَلْ أَنْتِ تَرِبَتْ يَدَاكِ ، نَعَمْ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، عَلَيْهَا الْغُسْلُ إِذَا وَجَدَت الْمَاءَ ، فَقَالَتْ أُمُّ
سَلَمَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ لِلْمَرْأَةِ مَاءٌ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنَّى يُشْبِهُهَا
وَلَدُهَا هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ .
فلا يأتي محتجٌ ويقولُ في قضيةٍ تتعلقُ بالمرأةِ : النساءُ شقائقُ الرجال ، فنقولُ له : ارجع
إلى سببِ ورود العبارة ثم استدل ، ولذلك لو رجعنا إلى فهم العلماءِ الذين شرحوا الحديثَ
لوجدنا أنهم يضبطون العبارة ضبطاً دقيقاً ، هذا الحافظُ ابنُ حجرٍ يقولُ في '' الفتح '' : وَإِنَّمَا
خُصَّ الذَّكَر بِالذِّكْرِ لِكَوْنِ الرِّجَال فِي الْغَالِب هُمْ الْمُخَاطَبُونَ وَالنِّسَاء شَقَائِق الرِّجَال فِي الْأَحْكَام
إِلَّا مَا خُصَّ '' أي : إلا ما خُص به النساء . وقَالَ الْخَطَّابِيُّ : فَإِنَّ الْخِطَاب إِذَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْمُذَكَّر
كَانَ خِطَابًا لِلنِّسَاءِ إِلَّا مَوَاضِع الْخُصُوص الَّتِي قَامَتْ أَدِلَّة التَّخْصِيص فِيهَا .
فهؤلاءِ العلماءُ فهموا العبارةَ على وجههِا الصحيح فالرجوعُ إلى فهمهم أولى ممن يريدُ
تنزيلها في كلِّ كبيرةٍ وصغيرةٍ على النساءِ ، ويلوي عنقها لتوافق هواه ، وعلى هذا الفهم
الخاطىء يلزمهم أن يساووا بين المرأةِ في كلِّ شيءٍ ، فعلى سبيل المثالِ لا الحصر : يجوزُ
للمرأةِ أن تجمعَ بين أربعةِ رجالٍ ! وأن تساوى بالميراثِ مع الرجل ! وغيرها من الأحكامِ
التي هي خاصة بالرجل ، ولا أظنُ مسلماً عاقلاً يقولُ بهذا القولِ .