السيد حسين الموسوي , الرجل الذي انتقل من التشيع إلى السنه يكتب قصته بنفسه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وآله الطيبين الطاهرين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فإن المسام يعلم أن الحياة تنتهي بالموت، ثم يتقرر المصير: إما إلى الجنة، وإما إلى النار، ولا شك أن المسلم حريص على أن يكون من أهل الجنة، لذا لا بد أن يعمل على إرضاء ربه جلّ وعلا، وأن يبتعد عن كل ما نهى عنه مما يوقع الإنسان في غضب الله، ثم في عقابه، ولهذا نرى المسلم يحرص على طاعة ربه، وسلوك كل ما يقربه إليه، وهذا دأب المسلم من عوام الناس، فكيف إذا كان من خواصهم.؟
إن الحياة كما هو معلوم فيها سبل كثيرة، ومغريات وفيرة، والعاقل من سلك السبيل الذي ينتهي به إلى الجنة وإن كان صعباً، وإن يترك السبيل الذي ينتهي به إلى النار وإن كان سهلاً ميسوراً.
هذه رواية صيغت على شكل بحث قلتها بلساني، وقيدتها ببناني، قصدت بها وجه الله، ونفع إخواني ما دمت حياً قبل أن أدرج في أكفاني.
ولدت في كربلاء، ونشأت في بيئة شيعية في ظل والدي المتدين.
درست في مدارس المدينة حتى صرت شاباً يافعاً، فبعث بي والدي إلى الحوزة العلمية النجفية أُم الحوزات في العالم لأنهل من علم فحول العلماء ومشاهيرهم في هذا العصر أمثال سماحة الإمام السيد محمد آل الحسين كاشف الغطاء.
درسنا في النجف في مدرستها العلمية العلية، وكانت الأمنية أن يأتي اليوم الذي أصبحُ فيه مرجعاً دينياً أتبوأ فيه زعامة الحوزة، وأخدم ديني وأمتي، وأنهض بالمسلمين.
وكنت أطمح أن أرى المسلمين أمة واحدة، وشعباً واحداً، يقودهم إمام واحد، وفي الوقت عينه أرى دول الكفر تتحطم وتتهاوى صروحها أمام أمة الإسلام هذه وهناك أمنيات كثيرة مما يتمناها كل شاب مسلم غيور، وكنت أتساءل:
ما الذي أَدى بنا إلى هذه الحال المزرية من التخلف والتمزق والتفرق؟!
وأتساءل عن أشياء أخرى كثيرة تمر في خاطري كما تمر في خاطر كل شاب مسلم، ولكن لا أجد لهذه الأسئلة جواباً.
ويسّر الله لي الالتحاق بالدراسة، وطلب العلم، وخلال سنوات الدراسة كانت تَرِدُ عليّ نصوص تستوقفني، وقضايا تشغل بالي، وحوادث تحيرني، ولكن كنت أتهم نفسي بسوء الفهم، وقلة الإدراك، وحاولت مرة أن أطرح شيئاً من ذلك على أحد السادة من أساتذة الحوزة العلمية، وكان الرجل ذكياً إذ عرف كيف يعالج فيّ هذه الأسئلة: فأراد أن يُجهز عليها في مهدها بكلمات يسيرة، فقال لي:
ماذا تدرس في الحوزة؟
فلت له: مذهب أهل البيت طبعاً.
فقال لي: هل تشك في مذهب أهل البيت؟
فأجبته بقوة: معاذ الله.
فقل إذن أبعد هذه الوساوس عن نفسك، فأنت من أتباع أهل البيت( عليهم السلام)، وأهل البيت تلقّوا عن محمد صلى الله عليه وسلم، ومحمد تلقّى من الله تعالى.
سكت قليلا ًحتى ارتاحت نفسي،ثم قلت له: بارك الله فيك شفيتني من هذه الوساوس. ثم عدت إلى دراستي، وعادت إليّ تلك الأسئلة والاستفسارات، وكلما تقدمت في الدراسة ازدادت الأسئلة، وكثرت القضايا والمؤاخذات.
المهم أني أنهيت الدراسة بتفوق حتى حصلت على إجازتي العلمية في نيل درجة الاجتهاد من أوحد زمانه سماحة السيد محمد الحسين آل كاشف الغطاء زعيم الحوزة، وعند ذلك بدأت أفكر جديّاً في هذا الموضوع، فنحن ندرس مذهب أهل البيت، ولكن أجد فيما ندرسه مطاعن في أهل البيت( عليهم السلام)، ندرس أمور الشريعة لنعبد الله بها، ولكن فيها نصوص صريحة في الكفر بالله تعالى.
أي ربي ما هذا الذي ندرسه؟! أيمكن أن يكون هذا هو مذهب أهل البيت حقاً؟!
إن هذا يسبب انفصاماً في شخصية المرء، إذ كيف يعبد الله وهو يكفر به؟!
كيف يقتفي أثر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يطعن به؟!
كيف يتبع أهل البيت ويحبهم ويدرس مذهبهم، وهو يسبهم ويشتمهم؟!
رحماك ربي ولطفك بي، إن لم تدركني برحمتك لأكونن من الضالين، بل من الخاسرين. أعود واسأل نفسي: ما موقف هؤلاء السادة والأئمة وكل الذين تقدموا من فحول العلماء، ما موقفهم من هذا؟ أما كانوا يرون هذا الذي أرى؟ أما كانوا يدرسون هذا الذي درست؟!
بلى , بل إن الكثير من هذه الكتب هي مؤلفاتهم هم , وفيها ما سطرته أقلامهم , فكان هذا يدمي قلبي , ويزيده ألماً وحسرة .
وكنت بحاجة إلى شخص أشكو إليه همومي , وأبثه أحزاني , فاهتديت أخيراً إلى فكرةٍ طيبة وهي دراسة شاملة أعيد فيها النظر في مادتي العلمية , فقرأت كل ما وقفت عليه من المصادر المعتبرة وحتى غير المعتبرة , بل قرأت كل كتاب وقع في يدي , فكانت تستوقفني فقرات ونصوص كنت أشعر بحاجة لأن أعلق عليها , فأخذت أنقل تلك النصوص وأعلق عليها بما يجول في نفسي , فلما انتهيت من قراءة المصادر المعتبرة , وجدت عندي أكداساً من قصاصات الورق , فاحتفظت بها عسى أن يأتي يوم يقضي الله فيه أمراً كان مفعولاً.
وبقيت علاقاتي حسنة مع كل المراجع الدينية والعلماء والسادة الذين قابلتهم , وكنت أخالطهم لأصل إلى نتيجةٍ تعينني إذا ما اتخذتُ يوماً القرار الصعب , فوقفت على الكثير حتى صارت قناعتي تامة في اتخاذ القرار الصعب , ولكني كنت انتظر الفرصة المناسبة . وكنت انظر إلى صديقي العلامة السيد موسى الموسوي فأراه مثلاً طيباً عندما أعلن رفضه للانحراف الذي طرأ على المنهج الشيعي , ومحاولاته الجادة في تصحيح هذا المنهج . ثم صدر كتاب الأخ السيد أحمد الكاتب ( تطور الفكر الشيعي) , وبعد أن طالعته وجدت أن دوري قد حان في قول الحق , وتبصير إخواني المخدوعين , فإنا كعلماء مسؤولون عنهم يوم القيامة , فلابد لنا من تبصيرهم بالحق وإن كان مراً .
ولعل أسلوبي يختلف عن أسلوب السيدين الموسوي والكاتب في طرح نتاجاتنا العلمية , وهذا بسبب ما توصل إليه كلٌ منا من خلال دراسته التي قام بها .
ولعل السيدين المذكورين في ظرف يختلف عن ظرفي , ذلك أن كلاً منهما قد غادر العراق , واستقر في دولة من دول الغرب , وبدأ العمل من هناك.
أما أنا فمازلت داخل العراق وفي النجف بالذات والإمكانات المتوفرة لدي لا ترقى إلى إمكانات السيدين المذكورين ,لأني وبعد تفكير طويل في البقاء أو المغادرة، قررت البقاء والعمل هنا صابراً محتسباً ذلك عند الله تعالى، وأنا على يقين أن هناك الكثير من السادة ممن يشعرون بتأنيب الضمير لسكوتهم ورضاهم بما يرونه ويشاهدونه، وبما يقرأونه في أمهات المصادر المتوافرة عندهم، فأسأل الله تعالى أن يجعل كتابي حافزاً لهم في مراجعة النفس، وترك سبيل الباطل، وسلوك سبيل الحق، فإن العمر قصير، والحجة قائمة عليهم، فلم يبقى لهم بعد ذلك من عذر.
وهناك بعض السادة ممن تربطني بهم علاقات استجابوا لدعوتي لهم والحمد لله، فقد اطلعوا على هذه الحقائق التي توصلت إليها، وبدأو هم أيضاً بدعوة الأخرين، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياهم لتبصير الناس بالحقيقة، وتحذيرهم من مغبة الإنجراف في الباطل ، إنه أكرم وسؤول.
وإني لأعلم أن كتابي هذا سيلقى الرفض والتكذيب والإتهامات الباطلة، وهذا لا يضرني فإني قد وضعت هذا كله في حسابي، وسيتهمونني بالعمالة لإسرائيل أو امريكا، أو يتهمونني بأني بعت ديني وضميري بعرض من الدنيا، وهذا ليس ببعيد ولا بغريب فقد اتهموا صديقنا العلامة السيد موسى الموسمي بمثل هذا، حتى قال السيد علي الغروي: إن ملك السعودية فهد بن عبد العزيز قد أغرى الدكتور الموسوي بإمرأة جميلة من آل سعود وبتحسين وضعه المادي، فوضع له مبلغاً محترماً في أحد البنوك الإمريكية لقاء إنخراطه في مذهب الوهابين!!
فإن كان هذا نصيب الدكتور الموسوي من الكذب والإفتراء والإشاعات الرخيصة، فما هو نصيبي أنا وماذا سيشيعون عني؟! ولعلهم يبحثون عني ليقتلوني كما قتلوا قبلي ممن صدع بالحق، فقد قتلوا نجل مولانا الراحل آية الله العظمى السيد أبي الحسن الأصفهاني أكبر أئمة الشيعة من بعد عصر الغيبة الكبرى وإلى اليوم، وسيد علماء الشيعة لبا منازع عندما أراد تصحيح منهج الشيعة، ونبذ الخرافات التي دخلت عليه، فلم يرق لهم ذلك , فذبحوا نجله كما يذبح الكبش ليصدوا هذا الإمام عن منهجه في تصحيح الإنحراف الشيعي ,كما قتلوا قبله السيد أحمد الكسروي عندما أعلن براءته من هذا الإنحراف , وأراد أن يصحح المنهج الشيعي , فقطعوه إرباً إرباً .
وهناك الكثيرون ممن انتهوا إلى مثل هذه النهاية جراء رفضهم تلك العقائد الباطلة التي دخلت إلى التشيع , فليس بغريب إذا ما أرادوا لي مثل هذا المصير !!
إن هذا كله لا يهمني , وحسبي أن أقول الحق , وأنصح إخواني وأذكرهم وألفت نظرهم إلى الحقيقة ولو كنت أريد شيئاً من متاع الحياة الدنيا فإن المتعة والخمس بتحقيق ذلك لي , كما يفعل الآخرون حتى صاروا هم أثرياء البلد , وبعضهم يركب أفضل أنواع السيارات بأحدث موديلاتها , ولكني – والحمد لله – أعرضت عن هذا كله منذ أن عرفت الحقيقة , وأنا الآن أكسب رزقي ورزق عائلتي بالأعمال التجارية الشريفة.
لقد تناولت في هذا الكتاب موضوعات محددة ليقف إخواني كلهم على الحقيقة حتى لا تبقى هناك غشاوة على بصر أي فردٍ كان منهم .
وفي النية تأليف كتب أخرى تتعلق بموضوعات غير هذه ليكون المسلمون جميعاً على بينة فلا يبقى عذر لغافل , أو حجة لجاهل.
وأنا على يقين من أن كتابي هذا سيلقى القبول عند طلاب الحق وهم كثيرون والحمد لله , وأما من فضل البقاء في الضلالة – لئلا يخسر مركزه فتضيع منه المتعة والخمس من ( أولئك ) الذين لبسوا العمائم وركبوا عجلات ( المرسيدس ) و( السوبر ) فهؤلاء ليس لنا معهم كلام , والله حسيبهم على ما اقترفوا ويقترفون في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .