أنا ابكي اذن انا انسان
أن نبكي.. لهي قمة الإنسانية.. أن ننشج فرحاً أو حزناً أو حتى ألماً.. لهو قمة الإحساس وأوج نقاء العاطفة الكامنة في دواخلنا..
دموعنا هي جواهر ننثرها على أوجاننا.. هي كائنات تحكي حكايا مشاعر تائهة نحملها.. تترجم كل كلمة لم تقال.. تفضح كل سر يختبيء بين حنايا الضلوع.
دموعنا.. أسرار وخبايا تستدرّها العواطف من جوارحنا
البكاء نعمة لمن لم يعرف قيمته.. فأنا لا أتوانى عن ممارسة البكاء في أي لحظة يخبرني فيها قلبي أن مشاعرَ قد اختلجته.. أبكي لكل أعوامي التي لم أبكِ فيها.. أبكي لوحدتي.. لألمي.. لفرحي.. لامتناني.. ولجرحي.. أبكي لأنني أحيا.. أبكي لأنني أمارس حياتي.. أبكي لقدرتي على الكلام والحركة والأكل والشرب والتنفس وتجرّع الماء.. أبكي لكلمة قيلت لي.. عند الفراق, وعند اللقاء.. عند الحزن , وعند السعادة.. أبكي حينما أكون في قمة السرور, وأبكي حينما أكون في قمة الكآبة.
دموعنا خُلقت للتناقضات.. دموعنا تاج طهارتنا.. تميزنا بها وسمونا بها.. فليس أجمل من أن نبكي تضرّعاً وخشية.. وليس أسمى من أن نبكي بين يدي خالقنا..
دموعنا الصامتة هي خير من يبوح بصراخ النفس معلنة أوان العزاء.. فلنطلق العنان لها ولنمنحها الحريّة, ولنعطها الإذن باستباحة أرواحنا لتخليصها من الدنس.. فالمحروم حقاً من حرم دمعته الحريّة.. من حرمها التعبير.. من حرمها الخلاص من سجنها.. من حرمها أن تذرف فتتحدّث بلسان نفسه..
فلتتساقط الدموع كالأمطار الخريفية.. ولتزهر القلوب برموز الحب والصدق والطهارة والسموّ.. ولتُسقى الأرواح العطشى.. ولتتوّج الأعين بأكاليل فضيّة تنطق وحدها بالحقيقة المجهولة.
انسياب دمعةٍ ترقرقت في مقلة صامته.. معناه أوان بوح مكنون النفس.. دلالة تتوهج كوهج الشمس على الإنسانية.
لا أشفق على من أراه يبكي.. بل أشفق على من لم تدمع عينه !
منقووووووووووووول