استصحاب أن الناس لا يملكون جنةً ولا ناراً :
إذا شعر العبد بأن الذين يرائي لهم سوف يقفون معه في المحشر خائفين عارين أدرك أن صرف النية لهم في غير محله حيث لم يخففوا عن وطأة المحشر ؛ بل هم معه في ذلك الضنك , فإذا علمت ذلك علمت أن إخلاص العمل حقه أن لا يصرف إلا لمن يملك جنةً وناراً .
فعلى المؤمن أن يوقن بأن البشر لا يملكون جنةً يقدمونك إليها , ولا قدرة لهم على إخراجك من النار لو طلبت منهم إخراجك منها ؛ بل لو اجتمع البشر كلهم من آدم إلى آخرهم , ووقفوا خلفك , لما استطاعوا أن يقدموك إلى الجنة ولو بخطوة واحدة , إذاً لماذا ترائي البشر وهم لا يملكون لك شيئاً ؟
قال ابن رجب :
( من صام وصلى وذكر الله
ويقصد بذلك عرض الدنيا
فإنه لا خير له فيه بالكلية
لأنه لا نفع في ذلك لصاحبه
لما يترتب عليه من الإثم فيه ولا لغيره )
أي ولا نفع فيه أيضاً لغيره .
[ جامع العلوم والحكم 1/67 ]
ثم إن الذين تزين عملك لهم من أجل أن يمدحوك لن تُحَصِّلَ مٌرادَك منهم ..
بل إنهم سوف يذمونك , وتُفضح عندهم , ويلق في قلوبهم بغضك ..
يقول عليه الصلاة والسلام : ( من يرائي يراء الله به ) رواه مسلم .
وأما إذا أخلصت لله أحبك الله وأحبك الخلق ..
قال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) [ مريم : 96]
أي محبة .
المصدر : خطوات .. إلى السعادة .
فضيلة الشيخ الدكتور عبد المحسن بن محمد القاسم .
إمام وخطيب المسجد النبوي والقاضي بالمحكمة العامة