يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:
قال بعض السلف: ((عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين)).
ثم قال ابن القيم رحمه الله:
(وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئًا وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك وقد ضربت لذلك مثلين فليكونا منك على بال:
المثل الأول:
رجل خرج من بيته إلى الصلاة لا يريد غيرها فعرض له في طريقه شيطان من شياطين الإنس فألقى عليه كلاما يؤذيه فوقف ورد عليه وتماسكا فربما كان شيطان الإنس أقوى منه فقهره ومنعه عن الوصول إلى المسجد حتى فاتته الصلاة وربما كان الرجل أقوى من شيطان الإنس ولكن اشتغل بمهاوشته عن الصف الأول وكمال إدراك الجماعة فإن التفت إليه أطمعه في نفسه وربما فترت عزيمته فإن كان له معرفة وعلم زاد في السعي والجَمْز بقدر التفاته أو أكثر فإن أعرض عنه واشتغل بما هو بصدده وخاف فوت الصلاة أوالوقت لم يبلغ عدوه منه ما شاء.
المثل الثاني:
الظبي أشد سعيًا من الكلب ولكنه إذا أحس به التفت إليه فيضعف سعيه فيدركه الكلب فيأخذه).
•● فائدتين ضربهما ابن القيم للذي يسير في طريق الحق لكنه يستوحش بسبب قلة السالكين لهذا الطريق وينشغل بالنظر إلى الآخرين الذين انحرفوا عن الطريق الحق فينحرف معهم ! ●•
»» كيف نثبت على الطــريـــــق ؟
قال إبن القيم رحمه الله : الخلق كلهم قسمان:
● موفق بالتثبيت.
● ومخذول بترك التثبيت
ومادة التثبيت وأصله ومنشأه من القول الثابت, وفعل ما أُمر به العبد فيهما يثبت الله عبده
فكل ما كان أثبت قولًا وأحسن فعلًا كان أعظم تثبيتًا, قال تعالى:
( ولو أنهم فعلوا ما يُوعظون به لكان خيراً لهم وأشدَّ تثبيتًا)[ النساء:66].
فأثبت الناس قلبًا أثبتهم قولاً والقول الثابت هو القول الحق والصدق وهو ضد القول الباطل الكذب, فالقول نوعان:
1_ثابت له حقيقة.
2- وباطل لا حقيقة له.
وأثبت القول كلمة التوحيد, ولوازمها فهي أعظم ما يثبت الله بها عباده في الدنيا والآخرة
ولهذا ترى الصادق من أثبت الناس وأشجعهم قلبًا ..
والكاذب من أمهن الناس وأخبثهم وأكثرهم تلويًا
وأهل الفراسة يعرفون صدق الصادق من ثبات قلبه وقت الإختبار وشجاعته ومهابته
ويعرفون كذب الكاذب بضد ذلك ولا يخفى ذلك إلا على ضعيف البصيرة. ๑ كتاب" الأمثال"(42) ๑
»» كيـف يكـون الإخلآص وماذا نعني به ؟
فالصدق والإخلاص : هو أن تبذل كلك لمحبوبك وحده ثم تحتقر ما بذلت في جنب ما يستحقه،
ثم لا تنظر إلى بذلك" ๑ مدارج السالكين (3/441) ๑
والمقصود أن العبد يقوى إخلاصه لله وصدق معاملته، حتى لا يحب أن يطلع أحد من الخلق على حاله مع الله ومقامه معه فهو يخفي أحواله غيرةً عليها من أن تشوبها شائبة الأغيار ويخفي أنفاسه خوفاً عليها من الداخلة
وكان بعضهم إذا غلبه البكاء وعجز عن دفعه يقول: لا إله إلا الله ما أمر الزكام. ๑ مدارج السالكين (3/422 ) ๑
(منقول ممن نقله عن ابن القيم)