بسم الله الرحمن الرحيم
( إن من كان منتسباً للإسلام عالماً بأحكامه ، ثم وضع للناس أحكاماً وهيأ لهم نظماً ليعملوا بها ويتحاكموا إليها ، وهو يعلم أنها تخالف أحكام الإسلام ، فهو كافر خارج من ملة الإسلام ، وكذا الحكم فيمن أمر بتشكيل لجنة أو لجان لذلك.
ومن أمر الناس بالتحاكم إلى تلك النظم والقوانين أو حملهم على التحاكم إليها وهو يعلم أنها مخالفة لشريعة الإسلام ، وكذا من يتولى الحكم بها ويطبقها في القضايا ، ومن أطاعهم في التحاكم إليها باختياره مع علمه بمخالفتها للإسلام فجميع هؤلاء في الإعراض عن حكم الله ، لكن بعضهم بوضع تشريع يضاهى به تشريع الإسلام ويناقضه على علم منه وبينة ، وبعضهم بالأمر بتطبيقه أو حمل الأمة على العمل به أو الحكم به بين الناس أو تنفيذ الحكم بمقتضاه ، وبعضهم بطاعة الولاة والرضا بما شرعوا لهم بما لم يأذن به الله ولم ينزل به سلطاناً ، فكلهم قد اتبع هواه بغير هدى من الله ، وصدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه وكانوا شركاء في الزيغ والإلحاد والكفر والطغيان ، ولا ينفعهم علمهم بشرع الله واعتقادهم ما فيه مع إعراضهم عنه وتجافيهم لأحكامه وإتيانهم بتشريع من عند أنفسهم وتطبيقه والتحاكم إليه ، كما لم ينفع إبليس علمه بالحق واعتقاده إياه مع إعراضه عنه وعدم الاستسلام والانقياد له.
وبهذا قد اتخذوا هواهم إلهاً فصدق فيهم قوله تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)
وقوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ). الآيات إلي قوله سبحانه (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ) إلي قوله تعالى (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
وقوله سبحانه (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً* وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً). إلي قوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
المبحث كاملا :
http://www.saaid.net/book/8/1790.zip
منقول