هل سمعت باسم هذا الصحابي:عبدالله بن أُنيس الجُهنيُّ الخزرجيُّ رضي الله
إقرأ هذه القصة الرائعة
( جائـزة نـادرة جداً جداً ووسام عجيب لمن يقــتــل الــزعــيــم )عملية ٌ جهادية ٌخاصة ٌ,خطيرة ٌودقيقة!!
سفيان بن خالد[2] بن نُبَيح الهُذلي ثمَّ اللحياني , زعيم من زعماء المشركين , شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , لم يكتف بكفره بالله وعبادته الأصنام , وتكذيبه للنبي صلى الله عليه وسلم وكراهيته له , وهذه كلُّها ( جــرائــم كـبـيـرة ) لم يكتف بها وإنما صار يتصل بالقبائل الكافرة حول مكة والطائف ويُهيِّجها على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُقنع زعماءها ورجالها بالاشتراك معه في جيش ٍ كبير كثير العدد يتوجَّهُ به إلى المدينة , للقضاء على الإسلام والمسلمين وقالِ رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان سفيان بن خالد مقيماً في منطقة ( نـخـلـة) – بين مكة والطائف- يتصل من هناك بالقبائل المختلفة ويدعوا من استجاب له منهم إلى الالتحاق بجيشه والانضمام إلى معسكره .
وكان ينوي أن يُجيِّش عدة آلاف من رجال القبائل ثم يتوجه بهم إلى غزو المدينة والقضاء على المسلمين , وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يفعله ( بن نُبَيح الهُذلي ) .
فهل ينتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الجموع حتى تأتي إلى المدينة ويحاربهم على مشارفها ؟ أم يفاجئهم مفاجأة حكيمة مذهلة ؟؟ يفرق بها جمعهم قبل أن يتحركوا ؟؟!!
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيماً يتمتع ببعد النظر وحسن التصرف , وكان يفاجئ أعداءه الكفار مفاجآت مذهلة مذهلة , يضعف بها قوتهم ويفِلُّ بها جموعهم , ويُحطِّم بها معنوياتهم , فلا يقفون أمامه !! وسيرته الجهادية العملية صلى الله عليه وسلم مليئةٌ بالأمثلة والشواهد والنماذج التي تقرر هذه الحقيقة وتؤكِّدُها .عملية جهادية التكليف النبوي لبن أُنيس بقتل بن نُبَيح الهُذلي !
قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُكلف أحد رجاله الأشداء ليقوم وحده بعملية جهادية خاصة يقتل بن نُبَيح الهُذلي في معسكره , وسط جنوده . لتتفرق الجموع الملتفة حوله!.
إنها عملية ٌ خاصةٌ هامة , وهي خطيرة ٌ ودقيقة , لا يصلح لها أي رجل شجاع من أصحابه , وكل أصحابه شجعان ! إنها تحتاج إلى رجل يتصف بشجاعة نادرة , ذات مستوى عال , لا يهابُ العدو , ولا يخشى الرجال , لأنه سيسير وحده , ليس معه رفيق لا أخ ولا صديق , وسيدخل معسكر الكفار , الذي يعجُّ بآلاف الرجال , وسيتولى قتل زعيمهم وسطهم !!,
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم مواهب وقدرات وكفاءات أصحابه , ويضع الرجل المناسب منهم في مكانه المناسب , ويُكلف الصحابَّي الأكفاَْ والأقدر على القيام بالمطلوب .
اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله بن أُنيس الجُهنيُّ الخزرجيُّ الأنصاري رضي الله عنه للقيام بهذه المهمة الجهادية العظيمة . وقد كان من السابقين إلى الإسلام , أسلم قبل الهجرة وشهد بيعة العقبة , وحضر المعارك والمشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد اشترك في عمليةٍ جهادية عظيمة , فكان أحد أفراد المجموعة الخزرجية المجاهدة التي قتلت عدوَّ الله ( أبـا رافع ) – سلام بن أبي الحُقيق- اليهودي في خيبر و:ان أمير تلك المجموعة الجهادية عبدالله بن عتيك رضي الله عنه
أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم عبدالله بن أُنيس بالعملية الجهادية وحده , لأنها لا تحتاج إلى جيش , ولا إلى مجموعة صغيرة , إنما تحتاج إلى رجل واحد يجتاز مواقع جيش الكفار ويتغلغل فيه إلى أن يصل إلى زعيمهم ابن نُبَيح الهُذلي فيقتله . ولا بد أن يتمتع هذا المجاهد بصفات خاصة من الشجاعة والجرأة وهدوءَ الأعصاب , وحسن التصرف , والذكاء والفطنة , وهذه صفات متوفرةٌ في عبدالله بن أُنيس رضي الله عنه . فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم واخبره بخبر سفيان بن خالد بن نُبَيح الهُذلي , سأل ابن أُنيس رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أين هـو ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان معسكر الكفار في ( وادي عُـرنـة المحاذي لعرفات بمنطقة نَخْلَة الواقعة بين عرفات ومكة , على طريق الطائف ) الــعــلامــــة الـــعـــجـــيــــبــــة !!
قال ابن أُنيس : يا رسول الله : إني لا أعرف بن نُبَيح الهُذلي لأنّي ما رأيته أو قابلته أو التقيت به من قبل , فصفه لي يا رسول الله حتى أعرفه ؟!
فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لابن نُبَيح الهُذليّ هـيـبـة , وأن شخصيته كبيرة مؤثرة طاغية , وأنه عندما يراه عبدالله بن أُنيس فسوف يهابه ويرقُ منه ويخاف ! وتساوره قشعريرة !
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك إذا رأيته هبتَه,وفرِقتَ منه وذكرت الشيطان.
إن أبن نُبَيح الهُذلي شيطانٌ من شياطين الإنس , وهو يُذكَّر بالشيطان , فمن رآه فإنه يتذكَّر الشيطان , والشيطان يلقي في نفسه المهابة والخوف منه , ولهذا يخاف الإنسان منه ( إنما ذلكم الشيطان يخوّف أوليائه , فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين )
استغرب عبدالله بن أُنيس رضي الله عنه مما يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلماذا يخاف من ابن نُبَيح الهُذلي ؟ إنه شجاع رابط الجأش , لم يسبق أن خاف من الرجال .
ولهذا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ما فرقتُ من شيء قط . وما خفتُ من أحد , وأنا لا أهابُ الرجال !!
وصدق ابن أُنيس في ما قال عن نفسه , وإن الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف هذه الصفات فيه , ولهذا كلفه باغتيال ابن نُبَيح الهُذلي ! وهذه صفات سامية عالية , لا تكون إلا في عظماء الرجال !.
ومع اتصاف ابن أُنيس بهذه الصفات العالية , وتمتعه بهذا المستوى من الشجاعة , الإّ أنه سيهاب ابن نُبَيح الهُذلي ويفرق منه عندما يقابله , جزم له رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا . ولذلك قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى ، ستفرق منه ! وآيةُ بينك وبينه أنك إذا رأيته أصابتك قشعريرة ٌ ورعدة ٌ من الخوف ! أي انه عندما يرى ا بن نُبَيح الهُذلي فسوف يشعر بالخوف والفرق يدبُّ في كيانه , ويحسُّ برعدةٍ في مفاصله, وقشعريرةٍ تغشاه , يشعر بهذا وهو البطل الشجاع الذي لم يسبق له أن خاف من أحدٍ , أو هاب من أحداً !! فإذا كان هو سيشعر بهذا وهو مـَن هو ؟؟!! فكيف سيكون غيره ؟؟! لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
حكيماً في تكليفه هو هو بهذه المهمة الجهادية !!
وهي علامة ٌ عجيبة , يتعرف خلالها ابن أُنيس على الزعيم الخصم ابن نُبَيح الهُذلي . إنه لن يخاف , ولن يفرق إلا منه . ولهذا عندما يقابل رجلاً جباراً شيطانً , فسيشعر بالرعدة والقشعريرة في كيانه , فليعلم أنه أمام مطلوبه .
ســر الأمر النبوي لابن أُنيس بالانتساب لخزاعة !!
وأراد عبدالله بن أُنيس رضي الله عنه أن يأخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذناً بأن يقول لابن نُبَيح الهُذلي بعض الكلام ليصل إليه . فقال له : يا رسول الله , إنني لابدَّ أن أقول شيئاً !! فأذن له قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : قل ما بدا لك !!! أي أنه لابد أن يقول بعض الكلام عن رسول الله .... ليطمئنَّ إليه ابن نُبَيح الهُذلي ويأنس به , ويكون هذا تمهيداً للتخلص منه . فأجاز له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لأن الحرب خُدعة !!.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أُنيس أن ينتسب إلى قبيلة خـُزاعـة !!
ما سر هذا الأمر النبوي الحكيم ؟
إن ابن أُنيس أنصاريٌ خزرجي , ولو انتسب إلى الأنصار فسوف يكتشف أمره , ويفشل في تحقيق مهمته, فلا بدَّ أن ينتسب إلى قبيلة ٍ أخرى . اختار له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتسب إلى قبيلة خـُزاعـة ! فـلـمـاذا ؟؟؟
إن خـُزاعة قبيلة عربية كبيرة , تقيم في تلك المنطقة الواسعة على الطريق إلى مكة , وكان ابن نُبَيح الهُذلي يتصل بزعمائها لينظّم أفرادها إلى جيشه , وهي قبيلة كبيرة , يصعب حصر أفرادها , فإذا قال ابن أُنيس : أنا خُـزاعي , فيصعب التأكُّد من ذلك , لأن بطون خُـزاعة عديدة , فمن أيَّ بطنٍ هو ؟
وبما أن مهمته الجهادية لا تحتاج إلى سلاح كثير , لأنها محصورة في قتل الشيطان ابن نُبَيح الهُذلي فلم يأخذ معه إلا السيف فقط !. فحمل عبدالله ابن أُنيس رضي الله عنه سيفه في مطلع شهر محرم من السنة السادسة للهجرة وغادر المدينة وحده , متوجها إلى هدفه لتنفيذ مهمته[3]
ابن أُنيس يخترق ويتغلغل في معسكر ابن نُبَيح الهُذلي!
ومرَّ على منطقة " قُديد) ووجد فيها تجمعاً كبيراً لخُزاعة , فانتسب إلى خُزاعة فرحبوا به باعتباره واحدا من قبيلتهم وأخبرهم أنه متوجهُ إلى مكة فعرضوا عليه أن يُزوِّدوه بالظَّهر- فرسٌ أو جمل – ليقطع به المسافة إلى مكة فأبى وعرضوا عليه أن يرافقه أفرادٌ منهم ليأنس بهم في الطريق فأخبرهم أنه لا يحتاج إلى ذلك .
واصل عبدالله بن أُنيس رضي الله عنه سيره وحيدا وكلما قابل قبيلة أو مجموعة يخبرهم أنه ذاهب إلى ابن نُبَيح الهُذلي للالتحاق بجيشه المتوجه إلى حرب المسلمين في المدينة .
وبعد صلاة الظهر وصل ابن أُنيس إلى مقر قيادة الهُذلي بمنطقة عـُرنـة التي حددها له رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجد فيها معسكر ابن نُبَيح الهُذلي كبيرا , يضم الكثير من أفراد القبائل الذين انضموا إليه ويعدون بالمئات , وهم متفرقون في المنطقة ينتظرون انضمام الآخرين إليهم ليتوجهوا إلى غزو المدينة .
ودهش ابن أنيس من الجموع الكثيرة التي يراها وأدرك خطورة ابن نُبَيح الهُذلي على الإسلام والمسلمين وأنه إن وصل بهذه الجموع إلى المدينة فستكون المعركة عنيفة , وأدرك هنا حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في تكليفه بقتل ( الزعيم – القائد ) لهذه الجموع والتأثير الشامل للعملية الجهادية على الأوضاع بأسرها
أخذ يتجوّل في المعسكر باحثا عن الزعيم الخصم , ولفت انتباهه من بعيد رجل يمشي من بعيد تحيطه مجموعة من النساء يريد ان يختار لهن موضعا مناسبا ينزلن فيه
فلما اقترب من الرجل , ونظر إليه فهابه وخاف منه واحسَّ بالقشعريرة والرعدة تسري في عروقه .. وتذكَّر ما قاله له رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه . انه هو . الزعيم الخصم . وهذه هي العلامة التي ذكرها له رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحققت . قال في نفسه : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان الخوف الذي أصابه عرضاً قد زال سريعاً , والقشعريرة قصيرة لم تستمر إلا لحظة سريعة , فزالت الرعدة والقشعريرة فوراً ونتج عنها عرق غزير صار يقطر من جسمه . وهي علامة على تجاوز الخوف وزوال الخطر واسترداده لهدوئه ورباطة جأشه , وعودة شجاعته له , لقد تداركته رحمة الله , فأزال الله عنه الخوف والفرق العرضي وأحلَّ محلَّه الطمأنينة واليقين وهدؤ الأعصاب وسكينة النفس , وهذه أمور ضرورية لبطلٍ مجاهد مقبل على عمل كبير...!
المجاهد يصلي العصر ماشياً نحو هدفه !!
رأى ابن أنيس خصمه بعد دخول وقت صلاة العصر وهو على وضؤ وخشي ان تفوته صلاة العصر إذا التقى به , وحصلت مصاولةٌ ومجاولةٌ بينه وبينه ! فماذا سيفعل ؟؟ هل يؤخِّر الصلاة إلى ما بعد اجتماعه به ؟ وكيف سيصلي ؟ إنه سيقدم نفسه له باعتباره كافراً لا يصلي فكيف يصلي أمامه صلاة المسلمين ؟ هل يصلي الآن قبل أن يلتحق به ؟ وكيف ؟ لو أنه وقف واستقبل القبلة وصلىّ صلاة عادية بقيام وركوع وسجود فسيراه جنود الهُذليّ ويلقون القبض عليه باعتباره عيناً للمسلمين ولرسول الله صلى الله عليه وسلم في المعسكر ! هل يترك الصلاة ؟ باعتباره مكلفاً بمهمة جهادية ؟ لا لا لا يجوز لأن الصلاة كانت على المؤمنين كتباً موقوتاً.
هداه الله إلى تصرف رائع !!!
يتوجه إلى الزعيم ابن نُبَيح الهُذلي الذي كان لا يزال بعيدا عنه , وفي أثناء سيره إليه يدخل في الصلاة , ينوي صلاة العصر ويكبِّر تكبيرة الإحرام وهو يمشي فإذا أراد الركوع أو السجود أوماء برأسه إيماء وأحناه قليلا وهو يمشي !!
مـا أجمل هـذه الصـلاة !! التي يؤديها هذا المجاهد !! يصلي وهو يمشي, يركع ويسجد وهو يمشي , ينظر أثناء صلاته إلى ( هـدفـه ) وقلبه مشغول بذكر الله , وكيانه متصل بالله , على هذه الصورة العالية من الاتصال .
قال عبدالله بن أنيس رضي الله عنه عن هذا المشهد من القصة " ... ثم عدلت حتى خرجت على عُـرنة وجعلت أُخبر من لقيت أني أريد الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي لأكون معه حتى إذا كنت ببطن عُـرنة لقيته يمشي ووراءه ( الأحابيش) ومن انظّم وضوى إليه ومعه ( ظـُعـنٌ ) له يرتاد لهن منزلا .. فلما رأيته هبته ، وعرفته بالنعت الذي نعت لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووجدت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة ورأيتني أقطر فقلت : صدق الله ورسوله ودخلت في وقت العصر حين رأيته ، وخشيت أن تكون مجاولة بيني وبينه تشغلني عن الصلاة , فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي ،)
المجاهد المؤمن والزعيم الكافر وجهاً لوجه !!
لما فرغ ابن أنيس من صلاته , توجه نحو ( الهدف ) ودنا من خصمه .
قال له الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي : من أنت ؟\
أجابه : أنا رجل من خُـزاعة , سمعت بجمعك لمحمد , واستعدادك لقتاله فجئت إليك , لأكون جندياً معك !!.
قال الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي : أجل . أنا اجمع الجموع لغزو المدينة وقتال محمد
بقى على ابن أنيس أن يتقرب إلى الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي , وأن يحادثه ويكلّمه ليأنس الأخير إليه , ويثق به , ليتمكَّن منه بعد ذلك . مشى معه مسافة و الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي يتجوّل وسط معسكره وابن أنيس يحادثه ويسليه وينشده الأشعار المختلفة , ويقص عليه القصص المسلية, ويسمعه الأقوال الحكيمة .
أنس الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي إلى ابن أنيس وأُعجب به وبكلامه , واستمر ابن أنيس يحدّثه إلى أن قال له : يا ابن نُبَيح .. عجباً لِما أحدث محمدٌ من هذا الدين المحدث ,فارق الآباء , وسفه أحلامهم !!
فردَّ عليه ابن نُبَيح : لقد حارب رجالٌ كثيرون محمدا , ولم ينتصروا عليه, وأنا صمَّمت على حربه وقتاله والقضاء عليه ! وأنا الذي سأقضي عليه وأُريح الناس منه !.
واستمرا يسيران حتى ابتعد عن رجاله , وانتهى ابن نُبَيح إلى خيمته وهي بعيدة عن أصحابه , دخل خيمته , ودخل ابن أنيس معه فقال له : هـلمَّ يا أخا خُزاعة! فجلس بجانبه وحادثه وانبسط معه وتصرَّف على سجيته ولاطفه وأكرمه , وبعد فترة من جلوسهما أمر ابن نُبَيح جاريته ان تحلب له , ولما حلبت له وناولته الحليب دفعه إلى ابن أنيس فشرب منه قليلا , ثم أعاده إلى ابن نُبَيح فعـبَّ منه كما يعُبُّ الجمل , وشرب منه حتى ارتوى . وغابت الشمس وهما جالسان يتحدثان , وحلَّ الظلام , ومرت ساعات الليل وهما يتسامران , ونام الناس في الخيام الأخرى
ميـعـاد الضربـة قـد حـان , وأوان الـنصر لـقـد آن.
أضرب ضربتك المنتظره , واقتل من شئت من الكفره
بداء النعاس يدبُّ إلى الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي والبطل المجاهد عبدالله بن أنيس يرقبه . واستأذن محدِّثه لينام .. ونام الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي الذي يجمع الجموع للقضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم , نام وهو يمنّي نفسه بذلك , ولعله كان يحلم بهذا ! وما درى هذا العدوُّ المغرور أن الله له بالمرصاد , وأن الله سيسخر جندياً من جنوده ليهلكه ويقضي عليه وعلى أحلامه بعد قليل , وأن هذا الجنديَّ الربانيَّ قريبٌ منه , وجالس بجانبه !!
نظر عبدالله بن أُنيس إلى الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي فوجده يغطُّ في نومه , والجند كذلك في المعسكر يغطون في نوم عميق , نام جنود الباطل جميعاً.
وبقى جنديُّ الحق متيقظاً , لينفذ حكم الله في زعيم البغي والعدوان , وينصر دين الله .
وبعدما أطمأن إلى الأمر , استل سيفه , وأهوى به على عدوَّ الله ورسوله , على الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي وما هي إلا ضربةٌ أو ضربتان حتى قضى عليه وخمدت أنفاسه , وزهقت روحه.
حَــــزَّ رأســــــه بالسيف , وفصله عن جسده, وحمله بيده , وتهيأ للخروج من الخيمة !!.
وبينما كان يهمُّ بالخروج أحست إحدى نساء ابن نُبَيح الهُذلي بالحركة , فاستيقظت ونظرت إلى الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي , فإذا به جسمٌ بدون رأس,جـثـةً هامـدة, فصاحت , واستيقظت النساء على صيحتها , وصرن يصرخن ويولولن, ويبكين رجلَهُنَّ القتيل . وسمع الرجال الصراخ والعويل .. فاستيقظوا .. ودبت الحركة في معسكر الكفار .. وفوجئوا بقائدهم قتيلاً , جــثــة بلا رأس . توزعوا في المناطق المحيطة بالمعسكر يبحثون عن الفاعل الجريء الذي حمل الرأس معه
دور متجدد للغار ( الكهف ) في الجبل !!
كان البطل المجاهد يجري حافيا, لأنه من سرعته لم يتمكّن من لبس حذائه , وارتقى الجبل , ووجد فيه غاراً , فدخل الغار ودعا الله مخلصاً , أن يحميه في الغار وان يعمي عنه عيون الكافرين ( وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) , وصدقه الله فلم يصلوا إليه رغم كثافة المشاة والخيّالة يفتشون ويبحثون وجاء أحدهم ووقف بباب الغار ولكن الله سلب منه خاصية الإبصار فلم ير ابن أنيس رضي الله عنه حمى الله هذا الجنديَّ الربانيَّ المجاهد في سبيل الله .
وأكثر من ذلك وأعجب كان مع الرجل الكافر _ إدواةٌ ) ضخمة مملؤة بالماء , ومعه نعلان يحملهما بيديه ويمشي حافيا ! نظر ابن أنيس إلى ( إدواة ) الماء والنعلين فطمع فيهما لأنه كان قد عطش عطشاً شديداً بسبب جريه وصعوده الجبل , وهو بحاجة ماسةٍ إلى شربة ماء , وهو حافي القدمين , وسفره الطويل إلى المدينة عائدا إلى مقر قيادته بعد توفيق الله له بتنفيذ المهمة النبيلة وبحاجة إلى النعلين فتمّنى لو يستطيع أن يشرب من الأدواة وأن يأخذ النعلين .
ويسَّر الله له ذلك , فأقبل الرجل نحو الغار وسط الظلام وقال لأصحابه : ليس في الغار أحد . ثم شعر بالحاجة إلى قضاء الحاجة , فوضع الإدواة والحذاء وجلس يبول على باب الغار , فاستفاد ابن أنيس من هذا الوضع وأخذ الإدواة وشرب ما فيها ولبس الحذاء وخرج من الغار كالسهم تحرسه عناية الله . وكتب الله له النجاة فأنجاه من فرق التفتيش وجموع الكفر الذين ارتاعوا للخبر الصاعق الذي ترك أثره السريع والشامل وتفرق معسكر الكفر وانفض التجمع الكافر فهم عناصر من قبائل شتى لا يجمعهم إلا الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي وقد قتل
وهنا تجسدّت من جديد الحكمة النبوية في توجيه الضربة إلى رأس الكفر الزعيم القائد ابن نُبَيح الهُذلي الذي كان شخصية تجميعية جذبت إليه القبائل والتفت حوله الجنود من أماكن شتى . وبذلك انفضّ الجمع الكافر وأزال الله عن المسلمين الخطر وكفاهم شرَّ القتال, وردَّ الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا
كان البطل المجاهد يسير فرحاً بنجاح مهمته الجهادية, نجاح العملية الخاصة حاملا معه رأس عدو الله ورسوله . وكان حذرا طوال مسيرة العودة , حريصا إلا يراه احد من المشركين لذلك كان يسير بالليل حيث لا يراه أحد , ويكمن بالنهار , متواريا عن عيون الكفر والفساد , واستمر كذلك حتى اجتاز تجمعات المشركين بين مكة والمدينة بشجاعة وفطنة وحذر وكتب الله له النجاة . ووصل المدينة سالما مفلحا.
بــشـارة نـبـويــة ( أفــلح الوجــه !! ) .
توجه فورا إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد , فسلَّم عليه , فردَّ عليه السلام
وبشره الرسول صلى الله عليه وسلم بما يُسرُّه فقال له : أفلح الوجـــه !.
فقال ابن أنيس: ووجهك المفلح يا رسول الله .
وهذه البشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن أنيس بشرى عظيمة . ملأَته سروراً وطمأنينة وسعادة , وهذه معانٍ جليلة , لا تقف أمامها المشقات التي مرّت به أثناء أداء مهمته الجهادية.
لقد تضاءل ما مرَّ به من سير وتعب وإرهاق , ومن جوع وعطش , ومن خوف وقشعريرة وفرق, ومن جهد وسهر , وتفكير وحذر, إنها مشقات كثيرة , لكنها هانت أصبحت هينة أمام النتيجة : ( الـفــلاح ) .. ( أن يكون مفلحا ) ومن فم رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنها ضريبة الفلاح . والطريق الحتمية إليه لابد أن يقطفها وأن يتحملها وأن يصبر عليها ويجاهد نفسه عليها ويستعلي بهمته عليها ليصل إلى غايته وهي أن ( يفلح وجهه ) ويكون رجلاً مفلحاً من ( المفلحين ) . الله اكبر
ولهذا سارع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبشيره بالفلاح , جائزة ومكافأة له . قبل ان يستمع إليه , ثم استمع الخبر منه : يا رسول الله لقد قتلت ابن نُبَيح الهُذلي
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صـدقت.
فأخرج رأس الهذلي , ووضعه أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكر الله على فضله بأن خلصه من عدوَّه
ابن أنيس يؤرخ للعملية الجهادية شـعراً !!
ثم جلس البطل المجاهد عبدالله بن أنيس مع الصحابة الكرام يخبرهم بتفاصيل مهمته الجهادية الجليلة , منذ أن خرج من المدينة إلى أن عاد إليها منتصرا متحدثا بنعمة الله .
كان ابن أنيس شاعرا , فسجل خلاصة عمليته الجهادية , وأثبتها في أبيات من الشعر , تناقلها الرواة من بعده , وأثبتها الإخباريون والمؤرخون.
ومما ورد فيها قوله :
تركت ابن ثور ٍكالحُوار وحولَهُ نوائحُ تـَفـري كُـلَّ جيبٍ مُقدَّدِ
تناولتُهُ والظُّعن خلفي وخلفه بأبيض من ماء الحديد مُهـنـَّدِ
عـجُوم ٍلِهامِ الدّارعين كأنّه شهابُ غـضاً من مُلهب مُتوقَّـدِ
أقول له والسَّيف يُعجم رأسه أنا ابن أُنيسٍ فارساً غـيرقعددِ
أنا ابنُ الذي لم يـُنزل الدَّهر قـدرهُ رحيب فـِناء الدارغيرمُزنَّد
وقلتُ له خُذها بضربة ماجدٍ حنيفٍ على دين النَّبـِيِّ مُـحـمّــَد
وكنتُ إذا هــمَّ النَّبيُّ بـكـافــرٍ سبقت إلـيـه بـاللَّسان وبـالـيـد
خاص جداً وعجيب ..
الوسام النبوي لابن أُنيس !
ولما قدم عبدالله بن أُنيس رضي الله عنه تقريره المفصّل عن عمليته الجهادية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وأدخله بيته .. وتناول من بيته ( عــصــا ) وناوله إياها وقال له : أمسك هذه العصا عندك يا عبدالله بن أنيس.
أمسك ابن أنيس بالعصا
وهو لا يعرف المراد بها , ولماذا أعطاه إياها الرسول صلى الله عليه وسلم
وخرج بها على الناس .
ولما رآه الصحابة يحملها قالوا له : ما هذه العصا؟؟؟
أجاب : لا أدري , لقد أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أمسكها عندي
قالوا له : أفلا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله : لِمَ أعطاك العصا ؟؟
فرجع رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله: يا رسول الله : لماذا أعطيتني هذه العصا؟؟؟
فأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتفظ بهذه العصا , لتتخصَّر بها في الجنة , فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل! وهي آيـةٌ وعلامةٌ بيني وبينك يوم القيامة !.
والتخصَّرُ هو الاتكاءُ على العصا عند السير
وهذه مزيةٌ لعبدالله بن أنيس رضي الله عنه ميَّزه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه قام بعملية جهادية عظيمة . قضى فيها على عدوٍّ من أقوى الأعداء ,وأشدهم عداوة . إنه يأتي يوم القيامة يتخصَّر بتلك العصا , ويمشي متوكِّاً عليها لا لحاجته إليها ولكنها علامةٌ مميزةٌ له , يعرف بها بين الخلائق فإذا رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفه فأكرمه .
وعندما يدخل الجنة يدخلها ومعه تلك العصا يتوكَّأُ عليها وتكون وساماً مميزاً له !
وقد احتفظ عبدالله بن أنيس رضي الله عنه بتلك العصا , وقرَنها بسيـِفه , ولم تزل معه طيلة حياته .. ولما حضرته الوفاة أمر أن تُضمَّ العصا إلى كفنه !! فضُمَّت معه في كفنه , ودُفنت معه[4] !! رضي الله عنه وأرضاه , آمــيــن آمــيــن آمــيــن.
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل! اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل!
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل!
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل!
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل!
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل
اللهم أجعلنا من الـمـتـخـصـِّريـن فـإن الـمـتـخـصـِّريـن فـي الـجـنـة قـلـيـل!
آمــيــن آمــيــن آمــيــن آمــيــن آمــيــن آمــيــن آمــيــن آمــيــن