خطيبى … عذرا.. ابتعدْ.. أنتَ لستَ زوجى
الحمد لله و كفى و الصلاة و السلام على أنبيائه الذين اصطفى لاسيما عبده المصطفى و آله المستكملين الشرفا …
أما بعد
إنه زمن الغربة … و لا ريب !
زمن اختلطت فيه المفاهيم و انتُهكت الحرمات و ضاعت الحقوق و الواجبات!
زمن صارت فيه المحرمات مألوفات و عوائد !
فــ لله درّ الغرباء
أولئك الذين قبضوا على الجمر أكفهم … و تمسكوا بشريعة السماء فى زمن الغاب ..
فالله المستعان و إليه المشتكى و هو المستغَاث و لا حول و لا قوة إلا بالله …
لا أطيل فى التقديم …
فهذه رسالة من فتاة إلى رجل خطبها …
تقولُ فيها :
( بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ،
ما أجمل أن يعيش الإنسان حياته بالحلال ،
يراقب الله عز وجل فى كل أفعاله و أقواله ،
فحياته لله و بالله و فى الله ،
و هنيئا لمن كان هذا دربه …
أيها الفاضل ،
الزواج نعمة من أجلّ النعم و لاريب ،
لكن المغبون من انشغل بالنعمة عن المُنعِم ،
و الخاسر كل الخسران من اتخذ من نِعَمِ ربه فُرُشا يعصيه عليها !
فالحمد لله أن مهد لنا السُبل و امتن علينا و أفضلْ،
و إننا إذ أنعم الله علينا بالأمر ذلك _و هو الخِطبة التى تُعتبر بمثابة مقدمة للزواج و تأسيس أسرة مسلمة إن شاء الله_ ، فكان لِزاما علينا شكر النعمة، و العيب كل العيب أن يَمُنّ الكريم .. فيفجُر العبد المحتاج !
و هل شكر النعمة إلا بمراعاة حق الله فيها.. و التزام حدوده و التأدب معه جل شأنه …
فهو الملك و هو القادر على أن يمنعنا ما يشاء و قتما يشاء و لا يُسأل سبحانه عن أفعاله .
كلنا يعرف أن الخِطبة ما هى إلا وعد بالزواج … ليس إلا …
و المعنى …. أنكَ أجنبى عنى و أنا عنكَ أجنبية !
لا أحلُّ لك و ما أنتَ لى بحِليل !
إذن فعلاقتنا … لا تعدو كونها علاقة أجانب ( لكننا نعرف أن شيئا ما يجمعنا و هو ذاك الوعد)
و على هذا فإن الخلوة هنا محرمة … و الخضوع بالقول محرم … و ابداء زينة محرم …
و إن اجتمعنا فى مجلس فوجود مَحْرَم معى أمر لا نقاش فيه ، و هل عسانا سنجتمع إلا لضرورة !
و الكلام حين إذن لضرورة و بلا تغنج أو خضوع !
مع وجودى أمامك بالحجاب الكامل من أعلى الرأس لأخمص القدم، فلا تساهُل فى ذلك !
أيها الفاضل
أحمدُ الله أن رزقنى بمن يعرف أن كلامنا فى الهاتف فى ظلمات الليل لساعات لا يجوز !
و أن كلمات الغزل و غيرها هى الآن فى حقنا محرمة!
و حتى إن استدعى الأمر للكلام فى الهاتف فما ذاك إلا لضرورة و على قدر الحاجة و بلا خضوع و أيضا فى وجود محرم فالهاتف أيضا قد يكون خلوة !
و لله ما أجمل أن نترفع عن ذاك فيكون كلامك مع محارمى إن تيسر ذلك !
و ليس بغريب أن يتعجب الناس مما نفعل !
فيسألون و يسألون : كيف لا تتسامرون .. كيف لا تتغازلون … كيف و كيف و كيف …..
خطيبك لابد أن تفهمينه و تدرسين شخصيته !! …. و غيرها من تلك العبارات التى يعتصر لها الفؤاد ألما..!
فأجبتُهم أننى رضيت منك بحسن الظاهر و عرفت عنك الكثير إبّان سؤال محارمى عنك وسط الناس,
و يوم أن جلسنا للرؤية الشرعية فلمحت من اسلوب تفكيرك و عقلك ما يبشر بالخير إن شاء الله،
ثم إننى أوليتُ ربى عز وجل سرائرك فالله يتولى الباطن و واثقة أن الله برحمته لن يضيعنا …
أفلا يكفى كل ذلك !!
فلم التلون إذن و تخطى الحدود لحجج واهية و اتباع أهواء … ليس إلا !
أتعرف..! كم أتمنانا أنقياء … أتقياء
فصبر و مصابرة و من الله العون لا محالة ….
صبر ساعات حتى لا يضيع الأجر…
فالشرعُ بيننا الآن يُباعد .
و اللهَ أسأل ألا تزل قدمٌ بعد ثبوتها !
أيها الفاضل
إن الأمر ليس بالهين و القضية ليست للتسلية أو اللعب؛ فالعبء ثقيل و أمتنا بنا تستغيث … فالله الله فى كل ما نفعل !
أتعِرف.. قرأتُ أنَّ ديننا دين القوة و الصبر و الجهاد … فلِمَ لا نمتثل ذلك فى واقعنا ؟! لِمَ!
حتى و إن عجزنا مع صدق قلوبنا فى الطلب فيقينا سيعيننا الله!
فورب السماء ما ذاك إلا لأنه (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
أفهمت إذن مُرادى!
و من تركَ شيئا لله عوضه الله خير منه، و ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته.
و نحن فى ذاك الأمر نحتاج إلى توفيق الله بدئا و منتهى .و بركة الله فى الزواج نرجوا … و رضاه عنا نبتغى …
عسى الله أن يخرج من ذرييتنا أبطالا مجاهدين و هو سبحانه على ذاكَ قدير.
____
لذا …
أنا الآن أكتبها … و نزعة السوء فى نفسى تنادينى أن كُفِّى قلماً ! لكن لا مناص..
فبمن نمكُر ؟؟!! أبالله !!!!!
و مَن نُخادِع ؟؟!!! أألله !!!
فتعس و تعس و تعس من خادع مولاه الذى يعلم السر و أخفى !
أكتبها الآن و يقينى أن عُقبى الصبر خير… و أن الترك لله له لذة أسأل الله أن يمنّ بها علينا …
أكتبها الآن أن ….يــــــــــــــــــــــا
خاطبى .. ابتعد الآن … فأنت لستَ زوجى !
منقول